البرهان في استحباب القراءة الجماعية للقرآن ، تأليف: الطاهر زياني
بسم الله والصلاة والسلام على رسول
الله وبعد:
فهذا
مبحث في مسألة الإدارة والتناوب والدراسة الجماعية للقرآن الكريم، المسماة بأمر
السبع، أو الحزب الراتب، وهو مُقسم كما :
الفصل الأول:
التفصيل في أنواع قراءة القرآن الكريم:
المبحث
الأول: القراءة الفردية: وهي مطلوبة
بالاتفاق، فلا معنى للخوض فيها .
المبحث
الثاني: القراءة الجماعية وصور الإدارة والتناوب فيها:
المطلب
الأول: الصورة الأولى: قراءة الإدارة والتناوب أحاديا:
المطلب
الثاني: الصورة الثانية: في قراءة الجماعة على شخص واحد، أو على جماعة أخرى:
المطلب
الثالث: الصورة الثالثة: الدراسة الجماعية من الجميع:
القول الثالث: وهو مشروعية القراءة بأي صورة من الصور:
الفصل الثاني: مشروعية دراسة القرآن مطلقا، إدارةً أو
جميعاً: وهذا قول
جمهور السلف والخلف والصحابة والتابعين، وفي هذا الفصل أربعة مطالب:
المبحث الأول: ذكر من نقل مشروعية ذلك إجمالا عن السلف:
المبحث الثاني: ذكر بيان مشروعية كل صور القراءة
الجماعية عن سائر أصحاب المذاهب:
المبحث الثالث:
ذكر من قال بمشروعية الدراسة الجماعية من التابعين ومن بعدهم وأهل الحديث:
المبحث الرابع:
تسمية هذه الدراسة ب: السَّبْع، وهي الآن تدعى بالحزب الراتب ومن قال به أيضا:
الفصل الثالث:
ذكر الأدلة على مشروعية الدراسة الجماعية للقرآن:
المبحث الأول:
ذكر الأدلة الشرعية والمرفوعة:
المبحث الثاني: ذكر ما جاء في الدراسة والقراءة الجماعية
عن الصحابة رضي الله عنهم:
المطلب الأول: الآثار الإجمالية الصريحة على مشروعية
الدراسة الجماعية:
الممطلب
الثاني: الآثار التفصيلية عن الصحابة :
الفصل
الأول: التفصيل في أنواع قراءة القرآن الكريم:
المبحث
الأول: القراءة الفردية: وهي مطلوبة
بالاتفاق، فلا معنى للخوض فيها .
المبحث
الثاني: القراءة الجماعية وصور الإدارة والتناوب فيها:
لها ثلاثة صور هذا بيانها مع الحكم:
المطلب
الأول: الصورة الأولى: قراءة الإدارة والتناوبِ، أحاديا: وهي قراءة القرآن في حلقة واحدا تلو آخر، وفيها
ثلاثة أقوال للعلماء:
القول
الأول: أنها مكروهة ولو كانت فرادى: قال ابن رشد في التحصيل: قيل له ـ لمالك ـ فهل
يجتمعون فيقرأ هذا من سورة وهذا من سورة، ومعهم رجل إذا تعايا أحدهم فتح عليه ؟
فقال ما يعجبني هذا ولا أحبه ، قال الله عز وجل : ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له
وأنصتوا لعلكم ترحمون ) وهؤلاء يقرؤون هذا من ناحية وهذا يقرأ من ناحية ، هذا يشبه
الاستخفاف بالقرآن، والذي بلغني عن بعض الناس من قراءاته إياه منكوساً ، والآية من
هذه السورة والآية من هذه السورة ، فلا يعجبني هذا ولا أحبه ، ولكن يقرأ كل واحد
منهم على رجل أو يقرأ عليهم رجل منهم"،
وكذلك كرهها بعض الحنابلة ولو من غير اجتماع للأصوات، بينما أجازها آخرون
قياسا على جواز القراءة الجماعية عندهم، فقال في الإقناع: "وكره أصحابنا
قراءة الإدارة، وهي أن يقرأ قارئ ثم يقطع ثم يقرأ غيره، وحكي الشيخ ابن تيمية عن
أكثر العلماء أنها حسنة، كالقراءة مجتمعين بصوت واحد"،
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (5/344):" وقراءة الإدارة حسنة عند
أكثر العلماء".
هذا ولم يقل ببدعية قراءة الإدارة أحد من السلف، وفرق بَيّنٌ بَيْنَ الكراهة
والتبديع ولا يحل أبدا إحداث قول جديد في دين الله أبدا، فكان القول بالتبديع هو
المحدث المبتدع وبالله نتأيد.
القول الثاني: أن قراءة الإدارة جائزةٌ، جماعيةً كانت أو
فردية: وهو قول الجماهير،
قال النووي:[ فصل] في الإدارة بالقرآن، وهو
أن يجتمع جماعة يقرأ بعضهم عشرا أو جزءا أو غير ذلك، ثم يسكت ويقرأ الآخر
من حيث انتهى الأول، ثم يقرأ الآخر، وهذا جائز حسن وقد سئل مالك رحمه الله تعالى
عنه فقال لا بأس به"،
وقال النووي في المجموع (2/189):" لا كراهة في قراءة الجماعة
مجتمعين بل هي مستحبة، وكذا الإدارة وهي أن
يقرأ بعضهم جزءا أو سورة مثلا ويسكت بعضهم ، ثم يقرأ الساكتون ويسكت
القارئون"،
وقال صاحب شرح البهجة: " لَكِنْ رَجَّحَ فِي
شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْإِدَارَةَ وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ قِطْعَةً
ثُمَّ الْبَعْضُ قِطْعَةً بَعْدَهَا لِمَا فِي التِّبْيَانِ أَنَّ الْإِدَارَةَ
سُنَّةٌ"، وقال في حواشي
الشرواني:" لكن استثنى ابن الجزري في النشر من الجهر
بالتعوذ غير الاول في قراءة الادارة المعروف الآن بالمدارسة، فقال: يستحب منه
الإسرار لأن المقصود جعل القراءتين في حكم القراءة الواحدة"، وكذلك قال الشربيني.
المطلب
الثاني: الصورة الثانية: في قراءة الجماعة على شخص واحد، أو على جماعة أخرى:
فهذه كرهها مالك في إحدى الروايتين عنه، وقال ابن رشد:" وكره أن تقرأ
الجماعة على الجماعة وعلى الواحد، وقد اختلف قوله في ذلك..، قال :" فوجه
الكراهة في ذلك أنه إذا قرأت الجماعة على الواحد لا بد أن يفوته سماع ما يقرأ به
بعضهم ما دام يصغي إلى غيرهم ويشتغل بالرد على من يصغي إليه منهم ، فقد يخطئ في
ذلك الحين ويظن أنه قد سمعه وأجاز قراءته ، فيحمل عنه الخطأ ويظنه مذهباً له، وكذلك
إذا قرأت الجماعة على الجماعة، لأن كل واحد من الجماعة التي تقرأ عليها الجماعة لا
بد أن يفوته سماع ما يقرأ به بعضهم مادام يصغي إلى غيرهم ويشتغل بالرد على من يخطئ
منهم".
أما الرواية الأخرى لمالك فهي التخفيف والجواز كما قال الجمهور، فإنه
قال:" ولو كان بعضهم يتعلم من بعض لم أر بذلك باساً"، وقال ابن
رشد:" وقد اختلف قوله في ذلك: فخففه في رسم حلف من سماع ابن القاسم من كتاب
الصلاة.. ثم قال:" ووجه تخفيف ذلك المشقة الداخلة على المقرئ بإفراد كل واحد
من القراءة عليه إذا كثروا، ووجه تحسينه لذلك إنما معناه والله أعلم إذا كثر
القراء عليه حتى لم يقدر أن يعم جميعهم مع الإفراد، فرأى جمعهم في القراءة أحسن من
القطع ببعضهم ، فهذا تأويل ما ذهب إليه مالك والله أعلم".
المطلب الثالث: الصورة الثالثة: الدراسة الجماعية من الجميع:
منهم
من يسميها ب: السَّبْع، والآن تدعى ب: الحزب الراتب، أو
التكرار، وفيها ثلاثة أقاويل للعلماء:
القول الأول: أن الإدارة جائزة إذا كانت
للتعلم والحفظ:
قال ابن
رشد في البيان والتحصيل: مسألة في الاجتماع في قراءة القرآن، سئل مالك عن القوم يجتمعون فيقرؤون القرآن
جميعاً السورة الواحدة، فقال: إني لأكره ذلك، ولو كان بعضهم يتعلم من بعض لم أر
بذلك باساً..".
ويُشكل على هذا التفريق: أنّ نفس تعلُّمَ القرآن الكريم عبادة، لأنه
كلام الله تعالى كيفما كان وجهه، سواء أقرأه القارئ للتعلم أو التعبد أو المراجعة
أو الاستشفاء أو غير ذلك، فهو كلام الله المتعبد بمجرد قراءته،
فقد ثبت في الصحاح أنه من أجلّ العبادات وأعظمها، لأنه كلام الله وكل
حرف عليه بعشر حسنات، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال:" خيركم من تعلم القرآن وعلمه »، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: «إني
امرؤ مقبوض فتعلموا القرآن وعلموه الناس"، وخرج مسلم عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ
قَالَ:" خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ
فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى
بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ
فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ
ذَلِكَ قَالَ أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ
يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ
نَاقَتَيْنِ وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ
أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الْإِبِلِ"، وفيه أيضا:" اقْرَءُوا
الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ"،
ولابن ماجه:" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:"
تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَاقْرَءُوهُ وَارْقُدُوا"، بل قد قال فضل عليه
السلام المتعلم للقرآن على الذي يتعتع فيه فقال:" الماهر بالقرآن مع السفرة
الكرام البررة والذي يتعتع فيه له أجران"، ولما مر بمجلسين قال:"
هَؤُلَاءِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللَّهَ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ
وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ وَهَؤُلَاءِ يَتَعَلَّمُونَ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ
مُعَلِّمًا فَجَلَسَ مَعَهُمْ"، ولولا كثرة الأحاديث التي تفيد أن نفس تلاوة
القرآن عبادة لزدت من ذلك الكثير، إلا أن هذا الأمر معلوم عند جميع المسلمين
والحمد لله رب العالمين.
القول الثاني: الكراهة مطلقا : وهو قول ضعيف
عند بعض التابعين، ورواية
للإمام مالك، وروى ابن سحنون عنه أنها بدعة، ومن قال بالكراهة فقد خالف السلف، ولا
معنى لمخالفته، ولا يُعتد بها:
فقد قال الحافظ
ابن كثير (9/181) وابن عساكر في تاريخه (2/284) :"... وقد روي عن بعضهم أنه كره
اجتماعهم، وأنكره، ولا وجه لإنكاره"،
ثم خرج من طريق عبد الله بن سليمان بن
الأشعث قال: نا عمرو بن عثمان أنا الوليد عن عبد الله بن العلاء قال: سمعت الضحاك
بن عبد الرحمن بن عرزب ينكر هذه الدراسة ويقول: ما رأيت ولا سمعت، وقد أدركت أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم", وفيه دليل على فعل التابعين لهذه القراءة، وإنما
أنكرها ابن العلاء فقط.
ثم قال: وأنبأنا محمد بن وزير أنا الوليد
قال: سألت عنها عبد الله بن العلاء فقال: كنا ندرس في مجلس يحيى بن الحارث
في مسجد دمشق في خلافة يزيد بن عبد الملك إذ خرج علينا أمير دمشق الضحاك بن عبد
الرحمن بن عرزب من الخضراء فأقبل علينا منكرا لما نصنع، فقال: ما هذا أو ما أنتم؟
فقلنا: ندرس كتاب الله، فقال: أتدرسون كتاب الله تبارك وتعالى، إن هذا شئ ما سمعته
ولا رأيته ولا سمعت أنه كان قبل، ثم دخل الخضراء، وكان الضحاك بن عبد الرحمن أميرا
على دمشق في خلافة عمر بن عبد العزيز رحمه الله"،
فلئن أنكر هذا القاضي هذه الدراسة فقد درس
بها كل القراء في مجلس يحيى بن الحارث وفعل ذلك السلف والخلف إلى أن زعم بعض
المتأخرين بلا سلف أن كل صورها بدعة ضلالة.
ولا يُعرف عن أحد من السلف القول ببدعيتها مطلقا، ونسبة القول بالتبديع إلى
مالك خطأ بَيّنٌ عليه، فإنه أجاز بعض الصور كما سيأتي، لكن قال بعض المالكية
بالبتبديع.
قال
ابن رشد في البيان والتحصيل: وسئل مالك عن القوم يجتمعون فيقرؤون السورة الواحدة،
فقال: لا يعجبني هذا ولا أحبه، ولكن لو قرؤوا على رجل منهم واحد ، أو قرأ عليهم
رجل منهم لم أر بذلك بأساً. فقيل له: لا، بل يقرؤون جميعاً على رجل منهم واحد،
قال: لا يعجبني ذلك وأنا أكره الذي بلغني عن بعض أهل الشام يجتمع النفر جميعاً
فيقرؤون السورة الواحدة"،
قال
ابن رشد:" وأما اجتماع الجماعة في القراءة في سورة واحدة أو في سور مختلفة
دون أن يقرؤوا على أحدهم فهو من البدع المكروهة لم يختلف قول مالك في ذلك "،
وقال
ابن رجب في جامعه:" وقال أبو مصعب
وإسحاق بن محمد الفروي: سمعنا مالكَ بن أنسٍ يقول: الاجتماعُ بكرة بعدَ صلاة الفجر
لقراءة القرآن بدعةٌ، ما كان أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا العلماء
بعدَهم على هذا، كانوا إذا صلَّوا يَخْلو كلٌّ بنفسه ويقرأ ويذكرُ الله عز وجل ثم
ينصرفون من غير أن يُكلِّم بعضهم بعضاً، اشتغالاً بذكرِ الله ، فهذه كلُّها
محدثة"،
وقال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: لم تكن القراءةُ في
المسجد من أمرِ النَّاسِ القديم، وأوَّلُ من أحدثَ ذلك في المسجد الحجاجُ بن يوسف،
قال مالك: وأنا أكره ذلك الذي يقرأ في المسجد في المصحف"، قال ابن رجب:"
وقد روى هذا كلَّه أبو بكر النَّيسابوري في كتاب مناقب مالك رحمه الله"، ثم
تعقبهم فقال :
" واستدل الأكثرون على استحباب الاجتماع لمدارسة
القرآن في الجُملة بالأحاديث الدالة على استحباب الاجتماع للذِّكر ، والقرآن أفضلُ
أنواع الذكر ..."
فقد ثبتت كراهتها عن الإمام مالك، لكني لست أدري هل صحَّتْ
رواية التبديع عنه أم لا، لأن الإسناد إليه يحتاج إلى بحث، وأما تصريح بعض أصحابه
عنه بأنه رآها بدعة فهو من فهمهم، وقد فهم آخرون عنه الكراهة التي صحت عنه، ولذلك فقد
اختلف المالكية في حكم هذه الدراسة ، فقال ببدعيتها جماعة من
المالكية وأجازها آخرون، والعمل عليها عند المتأخرين كما سيأتي:
ويُستدل للمانعين بما يلي:
1. زعم بعض المتأخرين بالبدعية كعادتهم في التبديع، بدعوى أنها لم تثبت ولم
ترد، فهي بدعة، وهذا النفي يحتاج إلى دليل، ومع ذلك سنأتيهم بكثير من الدلائل
الصحيحة والصريحة.
2. قالوا: وهي تنافي الإنصات إلى القرآن، وأنّا قد نهينا أن يجهر بعضنا على
بعض ولو بالقرآن، ويُجاب عليه بأن الآية حجة للمجيزين أيضا لأن قوله تعالى:"
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا.."، عام لكل قارئ، سواء أقرأه واحد أو أكثر أو
جماعة، فإنه ينبغي أن يُستَمَعَ إلى قراءتهم، لكن الاستماع المطلوب مخصوص فيمن جلس
بنية الاستماع فقط.
وأما النهي عن الجهر بالقرآن وغيره، فهو محمول على إحدى أمور :
أولاها: حمل النهي على ما لو كان القوم في المسجد لانتظار الصلاة، أو اختلفت
أذكارهم وأورادهم، فيكون حينئذ التشويش، وأما لو توافقوا على القراءة، أو كانوا
خارج وقت الصلاة، فلن يكون هنالك تشويشُ بعض على بعض.
فعن أبي سعيد
الخدري قال: اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة
فكشف الستور وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين
بعضكم بعضا ولا يرفعن بعضكم على بعض القراءة "،
وعليه فإن
كانت الدراسة الجماعية في المدارس القرآنية المتخصصة
لتعليم القرآن، فلا تشويش فيها على المصلين
أو يحمل حديث النهي عن الجهر حين اختلاط الأصوات واختلافها، واحد يناجي ربه، والثاني يسبح والآخر يذكر ويدعو وذاك يقرأ،
فاختلطت الأصوات، فمنعوا من ذلك، بخلاف ما لو اتفق الجميع مثلا على حلقةٍ واحدة
للعلم، أو قراءةٍ للقرآن معا لأجل الحفظ والتعلم ونحو ذلك فلا بأس به، خاصة إذا لم
يكن في وقت صلاة،
أو يحمل النهي على رفع الصوت بالدعاء والأذكار عدا القرآن، لأن الله سميع
عليم:
فعن أبي موسى أنهم كانوا في سفر وكلما أخذ القوم في عقبة أو ثنية، فعلاها رجل
قال: لا إله إلا الله والله أكبر والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلة يعرضها في
الجبل فقال:"يا أيها الناس إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا "، وعليه فيُحمَل
النهي على رفع الصوت في الدعاء فقط لأن السنة فيه الخفية والتضرع كما في الآية
المعروفة.
أو يحمل النهي على من خُشي عليه من الرياء: وقد ورد ما يدل على أن أحاديث
النهي عن الجهر لا تدل على العموم ولا على التحريم كما يظنون، للأدلة الأخرى في
الجواز:
فعن زيد بن أسلم قال: قال ابن الأدرع:
"انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلّم ليلة فمر برجل في المسجد يرفع صوته قلت: يا رسول الله عسى أن يكون هذا مرائياً؟ قال:" لا ولكنه
أواه"
وخرج البيهقي عن جابر بن عبد الله أن رجلاً كان يرفع صوته بالذكر فقال رجل: لو أن هذا خفض من صوته فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلّم: "دعه فإنه
أواه"،
وعن عقبة بن عامر: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلّم قال لرجل يقال له ذو البجادين، إنه
أواه وذلك أنه كان يذكر الله"،
وستأتي عدة أحاديث صحيحة أخرى في إقرار الضجة والجهر للقارئين :
. قال البخاري في الصحيح: باب من رفع صوته بالعلم"، وخرج عبد الرزاق
عن بن جريج قلت لعطاء: الصياح في المسجد؟ قال: أما قول ليس فيه بأس، وأما قول فحش
أو سب فلا "،
. وروى عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس، وعن القاسم بن محمد عن عائشة قالا: دخل رسول الله صلى الله عليه
وسلم المسجد فإذا أصوات كدوي النحل من قراءة القرآن فقال: إن الإسلام يشيع
ثم تكون له فترة فمن كانت فترته إلى غلو وبدعة فأولئك أهل النار"، فأقرهم على
رفع الصوت، بل وأعجبه.
. وكذلك لم ينه عن رفع الصوت في المسجد فيما خرجه البخاري عن كعب أنه تقاضى
ابن أبي حدرد دينا له عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فارتفعت
أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فخرج إليهما
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كشف سجف حجرته
ونادى.."، ثم أشار إلى كعب بأن يضع عنه من دينه، ولم ينههما عن رفع الصوت
بالخصومة، والقرآن الكريم أولى، قال ابن حجر في الفتح: وفي الحديث جواز رفع الصوت
في المسجد، وهو كذلك ما لم يتفاحش، وقد أفرد له المصنف بابا يأتي قريبا والمنقول
عن مالك منعه في المسجد مطلقا، وعنه التفرقة بين رفع الصوت بالعلم والخير وما لا
بد منه فيجوز، وبين رفعه باللغط ونحوه فلا "،
. وخرج مسلم في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما:" أن رفع الصوت بالذكر
حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن
عباس: "كنت أعلم إذا إنصرفوا بذلك إذا سمعته"، وقال باستحبابه الشافعية
والظاهرية وغيرهم،
وقال النسائي: باب رفع الصوت بالقرآن، ثم خرج عن أم هانئ قالت:" كنت أسمع
قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي"،
وصح من حديث ابن عباس عن كعب أنه يوجد في التوراة وصف للنبي صلى الله عليه
وأصحابه وفيه:" دويهم في مساجدهم كدوي النحل يستمع مناديهم في
جو السماء"،
وعن عبد الله
بن سلام مثله،
كما صح من حديث عمر أنه قال للصحابة:" إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي
بالقرآن كدوي النحل فلا تبدونهم بالأحاديث فيشغلونكم، جردوا
القرآن..".
فإن قالوا بأن الدراسة الجماعية تخرم كثيرا من الأحكام، والجواب: أن الفردية
من جاهل مثل ذلك، وقد ذكر العلماء لقراءة القرآن جماعة أو فرادى شروطا وآدابا
ينبغي أن يتحلى بها الجميع، فلماذا يخصها هؤلاء بالقراءة الجماعية فقط، ثم أن
أحكام الترتيل منها الواجب الذي به يُجتنب اللحن والخطأ، ومنها المستحب الذي لا
يجب التقيد به، فلماذا توجبون التقيد به على القارئين جماعة فقط.
وأما استدلالهم بخبر ابن مسعود وحملهم إياه على إنكار القراءة والذكر أو شيء
آخر، فهو تدليس منهم، لأنه ورد في مسألة أخرى غير مسألة دراسة القرآن، التي أقرها
هو نفسه كما سيأتي، وقد بينت بحمد الله تعالى جميع طرق وعللِ حديث ابن مسعود رضي
الله عنه في مبحث مشروعية التسبيح بالسبحة" بيانا طويلا شافيا مُبينا وجه
الصواب فيه والحمد لله رب العالمين.
القول الثالث: وهو مشروعية القراءة بأي صورة
من الصور: وعليه العمل عند الجماهير،
والمتأخرين من المالكية، وقد تأولوا مقصود الكراهة عنه فيما إذا
كانت القراءة للمباهاة والفخر والرياء،
وهذا القول
الثالث قد أفردته في فصل خاص:
الفصل
الثاني: مشروعية دراسة القرآن مطلقا، إدارةً أو جميعاً:
وهذا قول جمهور السلف والخلف والصحابة والتابعين، وفي هذا الفصل أربعة مباحث:
المبحث
الأول: ذكر من نقل مشروعية ذلك إجمالا عن السلف:
قال النووي في التبيان: "فصل في استحباب قراءة الجماعة مجتمعين، وفضل
القارئين من الجماعة والسامعين، وبيان فضيلة من جمعهم عليها وحرضهم وندبهم إليها،
قال:" إعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة، وأفعال السلف
والخلف المتظاهرة"، ثم ذكر بعض الأدلة العامة ثم قال: والأحاديث في هذا كثيرة..،
وروى ابن أبي داود أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان معه نفر يقرؤون جميعا"،
وروى ابن أبي داود فعل الدراسة مجتمعين عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين..,
وقال النووي عن إنكار الضحاك والإمام مالك
للدراسة الجماعية:" وهذا الإنكار منهما مخالف لما عليه السلف والخلف، ولما
يقتضيه الدليل فهو متروك, والاعتماد على ما تقدم من استحبابها، لكن القراءة في حال
الاجتماع لها شروط قدمناها ينبغي أن يعتني بها والله أعلم، وأما فضيلة من يجمعهم
على القراءة ففيها نصوص كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم:" الدال على الخير
كفاعله"، وقوله صلى الله عليه وسلم:" لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير
لك من حمر النعم"، والأحاديث فيه كثيرة مشهورة، وقد قال الله تعالى (وتعاونوا
على البر والتقوى) ولا شك في عظم أجر الساعي في ذلك"،
وقال في المقدمة:" ورأيت أهل بلدتنا
دمشق حماها الله تعالى وصانها وسائر بلاد الإسلام مكثرين من الإعتناء بتلاوة
القرآن العزيز تعلما وتعليما وعرضا ودراسة في جماعات وفرادى مجتهدين في ذلك
بالليالي والأيام زادهم الله حرصا عليه"،
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في جامعه:"... وذكر حربٌ أنَّه رأى أهلَ دمشق وأهلَ حمص
وأهلَ مكة وأهل البصرة يجتمعون على القراءة بعدَ صلاة الصُّبح ، لكن أهل الشام
يقرءون القرآن كُلهم جملةً مِنْ سورةٍ واحدةٍ بأصواتٍ عالية، وأهل مكة وأهل البصرة
يجتمعون، فيقرأ أحدُهم عشرَ آياتٍ والنَّاسُ يُنصِتون ، ثمَّ يقرأُ آخرُ عشرا
حتَّى يفرغوا، قال حرب: وكلُّ ذلك حسنٌ جميلٌ"،
قال ابن رجب:" وقد أنكر ذلك مالكٌ على
أهل الشام، قال زيدُ بنُ عبيدٍ الدِّمشقيُّ: قال لي مالكُ بنُ أنسٍ: بلغني أنَّكم
تجلِسونَ حِلَقاً تقرؤون، فأخبرتُه بما كان يفعلُ أصحابنا، فقال مالك: عندنا كان
المهاجرون والأنصار ما نعرِفُ هذا، قال: فقلت: هذا طريف ؟ قال: وطريفٌ رجل يقرأ
ويجتمعُ الناس حوله، فقال: هذا عن غير رأينا"،
قال ابن رجب:" واستدل الأكثرون على
استحباب الاجتماع لمدارسة القرآن في الجُملة بالأحاديث الدالة على استحباب
الاجتماع للذِّكر، والقرآن أفضلُ أنواع الذكر، ثم ذكر بعض الأدلة العامة ثم قال:"
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنَّ جزاءَ الذين يجلسونَ في بيت الله يتدارسون كتابَ
الله أربعة أشياء: فذكرها.
المبحث
الثاني: ذكر بيان مشروعية كل صور القراءة الجماعية عن سائر أصحاب المذاهب:
مرت
طائفة من كلام النووي الشافعي وابن رجب الحنبلي في مشروعية ذلك، واستحسنها حرب
صاحب الإمام أحمد،
فأما
الشافعية: فقد قال النووي في المجموع
(2/189):" لا كراهة في قراءة الجماعة مجتمعين بل هي مستحبة، وكذا الإدارة ...
وللقارئين مجتمعين آداب كثيرة منها ما سبق في آداب القارىء وحده"، وقد مر ذكر كلامه سابقا،
وقال الشربيني في مغني
المحتاج (4/429 ):" تحسين الصوت بالقراءة مسنون ولا بأس
بالإدارة للقراءة بأن يقرأ بعض الجماعة قطعة ثم البعض قطعة بعدها ولا بأس
بترديد الآية للتدبر ولا باجتماع الجماعة في القراءة ولا بقراءته بالألحان،
فإن أفرط في المد والإشباع حتى ولد حروفا من الحركات أو أسقط حروفا حرم ويفسق به
القارىء ويأثم المستمع لأنه عدل به عن نهجه القويم كما نقله في الروضة عن
الماوردي"،
وقال في أسنى المطالب
وتحفة ومغني المحتاج والروضة (11/228 ):" ولا بأس بترديد الآية للتدبر ، ولا باجتماع الجماعة في القراءة ولا
بإدارتها وهو أن يقرأ بعض الجماعة قطعة ثم
البعض قطعة بعدها وقد أوضحت هذا كله وما
يتعلق به من النفائس في آداب حملة القرآن
والله أعلم"،
وأما الحنابلة: فقد قال الحجاوي
في الإقناع:" وحكي الشيخ عن أكثر العلماء أنها ـ الإدارة
ـ حسنة، كالقراءة مجتمعين بصوت واحد"،
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (5/344)
:" وقراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء، ومن قراءة الإدارة قراءتهم
مجتمعين بصوت واحد، وللمالكية وجهان في كراهتها وكرهها مالك، وأما قراءة واحد
والباقون يتسمعون له فلا يكره بغير خلاف"،
وقال ابن مفلح في الفروع:" وَكَرِهَ
أَصْحَابُنَا قِرَاءَةَ الْإِدَارَة، وَقَالَ حَرْبٌ : حَسَنَةٌ ، وَحَكَاهُ
شَيْخُنَا عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَأَنَّ لِلْمَالِكِيَّةِ وَجْهَيْنِ كَالْقِرَاءَةِ
مُجْتَمَعِينَ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ وَجَعَلَهَا أَيْضًا شَيْخُنَا كَقِرَاءَةِ
الْإِدَارَةِ وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي كُرْهِهَا "،
وقال البهوتي في شرح
المنتهى (1/254:):" ولا تكره قراءة جماعة
بصوت واحد"، وقال
ابن لبّ:« أما قراءة الحزب في الجماعة
على العادة فلم يكرهه أحد إلا مالك على عادته في
إيثار الاتباع، وجمهور العلماء على جوازه
واستحبابه وقد تمسكوا في ذلك بالحديث
الصحيح"،
وقال ابن رجب الحنبلي في جامعه:"... وذكر حربٌ أنَّه رأى أهلَ دمشق وأهلَ حمص
وأهلَ مكة وأهل البصرة يجتمعون على القراءة بعدَ صلاة الصُّبح ، لكن أهل الشام
يقرءون القرآن كُلهم جملةً مِنْ سورةٍ واحدةٍ بأصواتٍ عالية، وأهل مكة وأهل البصرة
يجتمعون، فيقرأ أحدُهم عشرَ آياتٍ والنَّاسُ يُنصِتون ، ثمَّ يقرأُ آخرُ عشرا
حتَّى يفرغوا، قال حرب: وكلُّ ذلك حسنٌ جميلٌ"،
وأما المالكية: فإن مالكا أجازها للحفظ والتعلم،
فقد سئل مالك عن
القوم يجتمعون فيقرؤون القرآن جميعاً السورة الواحدة ، فقال إني لأكره ذلك، ولو
كان بعضهم يتعلم من بعض لم أر بذلك باساً..".
وأما
لغير الحفظ فعنه اختلاف: قال الطرطوشي في الحوادث والبدع:" لم يختلف قوله [
الإمام مالك ] أنهم إذا قرؤوا جماعة في سورة واحدة أنه
مكروه، ونقل عن مالك كراهة القراءة بالإدارة وقال: وهذا لم يكن من عمل الناس، وقال
أبو الوليد ابن رشد: إنما كرهه مالك للمجاراة في حفظه والمباهاة والتقدم
فيه"،
وقال
الطرطوشي أيضا في الحوادث والبدع ص 128:" وجملة الأمر أن هذه الآثار عامة في
قراءة الجماعة معاً على مذهب الإدارة، وفي قراءة الجماعة على المقرئ"،
وقال
الخرشي في شرح خليل 1/352 (كجماعة ) تشبيه
في الحكم وهو الكراهة ابن يونس وكره مالك اجتماع القراء يقرءون
في سورة واحدة وقال لم يكن من عمل الناس ورآها بدعة"، قال:" ومحل
كراهة قراءة الجماعة ما لم يشترط ذلك الواقف وإلا وجب فعله"،
فلو
كانت القراءة بدعة مكروهة عندهم، لما كان فيها التفاتٌ أصلا إلى شرط الواقف، ولما
نفذوا وصيته، لأن تنفيذ البدعة حرام،
وقال صاحب
"العمل الفاسي" عبد الرحمن الفاسي: والذكر مع قراءة الأحزاب *** جماعة
شاع مدى الأحقاب"، قال شارحه الشيخ عبد الصمد كنون: "وقد جرى العمل
ببلدنا بين يدي العلماء، والأمر فيه خفيف، وجرى الأمر عليه في المغرب كله، وفي
المشرق كما بلغنا ولا نكير".
المبحث الثالث: ذكر من قال بمشروعية الدراسة
الجماعية من التابعين ومن بعدهم وأهل الحديث:
أما التابعون:
1/ فقد خرج عبد الرزاق 5401 قال معمر قال الزهري:" وقد كان ابن المسيب يسمعهم يقرؤون السجدة
فلا يسجد، ويقول إني لم أجلس إليهم"، وهذا لأن السجدة إنما تلزم من كان في
المجلس يقرأ معهم، أو يستمع إليهم، وأما من لم يكن معهم يستمع لهم، فلا تلزمه سجدة
معهم .
2/
وخرج
عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت إن مرت حائض بقوم يقرؤون فيسجدون
أتسجد معهم؟ قال:لا، قد منعت خيرا من ذلك, الصلاة "، قال وعن معمر عن الزهري
وقتادة قالا:" تسجد"، وقال أبو بكر حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريج فذكر
مثله.
3/
وقال أبو بكر (7/169) حدثنا جرير عن منصور عن الحكم قال: كان مجاهد وعبدة بن أبي
لبابة وناس يعرضون المصاحف، فلما كان اليوم الذي أرادوا أن يختموا أرسلوا
إلي وإلى سلمة بن كهيل، فقالوا: إنا كنا نعرض المصاحف فأردنا أن نختم اليوم
فأحببنا أن تشهدونا، إنه كان يقال: إذا ختم القرآن نزلت الرحمة عند خاتمته أو حضرت
الرحمة عند خاتمته".
4/ وقال ابن أبي خيثمة: نا عقبة بن سليمان
أبو سليمان الحراز نا جعفر بن أبي شعيب قال: كان رجل من أهل البصرة كانت له تجارة
وكان له عقل فترك التجارة وأقبل على العبادة فكان يسمع الناس يقولون: مالك بن
دينار ومالك بن دينار فقال والله لأذهبن إلى مالك هذا الذي أشغف الناس فلأنظرن ما
عمله، قال: فأتيته فإذا هو جالس في المسجد وإذا حوله قوم يقرءون القرآن،
قال: فجلست في ناحية حتى تفرقوا وجاء آخرون فسمعوا الحديث فلما تفرقوا قام فصلى
ركعتين أو أربعا ثم خرج وتبعته...
5/ وقال عبد الله بن أبي داود أنا أبو عامر
موسى بن عامر المري أنا الوليد قال قال أبو عمرو هو الأوزاعي عن حسان بن عطية
قال:" الدراسة محدثة أحدثها هشام بن إسماعيل المخزومي في قدمته على عبد الملك
فحجبه عبد الملك فجلس بعد الصبح في مسجد دمشق وعبد الملك في الخضراء فأخبر أن عبد
الملك يقرأ في الخضراء فقرأ هشام بن إسماعيل فجعل عبد الملك يقرأ بقراءة هشام فقرأ
بقراءته مولى له فاستحسن ذلك من يليه من أهل المسجد فقرأ بقراءته"، وهذا
الخبر يتنزل على جنس البدعة الحسنة والحمد لله.
6/ وفي ترجمة الإمام شعيب بن أبي حمزة قال: رافقت الزهري
إلى مكة، فكنت أدرس أنا وهو القرآن جميعا".
وجاءت
الدراسة الجماعية ثم العرض فرادى عن جماعات أخرى من السلف الدمشقيين:
7/
فقال عبد الله بن أبي داود نا محمد بن الوزير نا محمد بن شعيب عن معاذ بن رفاعة
السلامي قال:" كنا مع أبي خلاد محمد بن وارد الحميري الفلسطيني بالباب فكنا ندرس
معه القرآن جميعا، ثم لا نسجد حتى يمكن الركوع، قال: وكنا نقرأ عليه بعد
فراغنا من الدراسة رجلا رجلا ثم لا نسجد حتى يمكن الركوع، قال: من قرأ منكم بسجدة
فليقرأها، فنقرأهن ثم يسجد بنا جميعا سجدة واحدة"،
8/
وقال ابن عساكر في كل من ترجمة: سالم بن عبد الله أبو عبيد الله المحاربي، قال
عنه: قاضي دمشق من ساكني داريا وكان من حملة القرآن وممن يحضر الدراسة في جامع
دمشق،
9/
وفي ترجمة سليمان بن داود الخشني قال: أحد حملة القران كان ممن يحضر الدراسة في
السبع في عصر تابعي التابعين،
10/
وقال عن عبد الملك بن النعمان المزي:" من حملة القرآن وكان ممن يحضر الدراسة
في جامع دمشق وحدث عن أنس بن مالك"،
11/
وقال عن نمران ويقال هزان بن حكيم القرشي:" أحد حملة القرآن العظيم ممن كان
يحضر الدراسة في مسجد دمشق مع إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وطبقته"،
12/
ومن ترجمة التابعي نمير بن أوس الأشعري قال عنه:" وكان بمصر ممن يحضر دراسة
القرآن في الجامع بدمشق ويدرس مع الناس وهو قاضي وولي أذربيجان"،
13/
وقال عبد الله بن سليمان بن الأشعث حدثنا محمود بن خالد ثنا ابن شعيب وهو محمد بن
شعيب بن شابور ثنا قيس أن أيوب بن موسى القرشي جلس إلى نمير بن أوس وهو يُدَرس القرآن
في حلقته فلما سجدوا قبل طلوع الشمس لم يسجد معهم، فغلظ له نمير بن أوس، قال: أنا
من أهل بلد ليسوا يسجدون، فلما عرفه لم يعتذر إليه"، خرجه عنه ابن عساكر من
ترجمة أيوب.
وجاء مثل ذلك عن طوائف أخرى من القضاة
الصالحين:
14/ فقال عبد الله بن أبي داود نا محمد بن
مصفى وعمرو بن عثمان عن محمد بن شعيب بن شابور قال:" أدركت من القضاة محمد بن
لبيد الأسدي وسالم بن عبد الله المحاربي يدرسون جميعا، قال محمد: وكان ممن
يدرس من القضاة نمير بن أوس الأشعري ويزيد بن أبي مالك، قال ابن مصفى: يحيى بن
الحارث أخبرني عنهم، قال محمد: وأخبرني يحيى أنه كان ممن يدرس أيضا إدريس بن عبد
الله والقاسم أبو عبد الرحمن،
15/ قال ابن مصفى في حديثه: نا محمد بن شعيب
قال:" كان يدرس من القضاة أيضا نمير بن أوس ويزيد بن أبي مالك وكان ممن يدرس
أبو إدريس عائذ الله والقاسم أبو عبد الرحمن، قال ابن أبي داود: أظن قولي ابن مصفى
يحيى بن الحارث أخبرني عنهم يعني عن هؤلاء المتأخرين"،
16/ وقال عبد الله بن أبي داود نا محمد بن
مصفى وعمرو بن عثمان قالا نا محمد بن شعيب قال:" أدركت إسماعيل بن عبيد الله
بن أبي المهاجر وعبد الرحمن بن إسماعيل ومروان بن إسماعيل وأبا إدريس وعبد الرحمن
بن عراك وعبد الرحمن بن عامر اليحصبي وعبد الملك بن النعمان المري وسليمان بن
داود، قال ابن مصفى: الحسني وهذان، قال عمرو: ونمران بن حكيم القرشي وأنس بن أنيس
الكندي، قال عمرو: وخالد بن أبي ظبيان، قال عمرو: ومحمد بن خالد بن أبي ظبيان
الأزدي ويحيى بن الحارث الذماري، زاد عمرو: وسليمان بن بزيع القارئ يدرسون
القرآن جميعا"، زاد عمرو:" بعد صلاة الصبح"، خرجه عنه ابن
عساكر في ترجمة سليمان بن بزيع القارئ.
17/ وقال عبد الله بن سليمان بن الأشعث نا
محمد بن وزير نا الوليد قال: سئل أبو عمرو عن الدراسة بعد صلاة الصبح؟ فقال:
أخبرني حسان بن عطية أن أول من أحدثها في مسجد دمشق هشام بن إسماعيل المخزومي في
خلافة عبد الملك ورافع مولاه فأقام الناس به"، ولا يعني هذا انها بدعة لأن
الحافظ ابن رجب قد نقل عن أبي عمرو الأوزاعي نفسِه أنه أجاز الدراسة الجماعية
للقرآن،
18/ فقال في جامعه:" وقد روى حربٌ
الكرمانيُّ بإسناده عن الأوزاعيِّ أنَّه سُئِلَ عن الدِّراسة بعدَ صلاة الصُّبح
فذكر مثله وفيه: فأخذ النّاسُ بذلك"، ثم قال:"وبإسناده عن سعيد بن عبد
العزيز وإبراهيم بنِ سليمان أنَّهما كانا يدرسان القرآن بعد صلاة الصبح ببيروت،
والأوزاعي في المسجد لا يُغّيِّرُ عليهم"،
المبحث الرابع: تسمية هذه الدراسة ب: أمر السَّبْع،
وهي الآن تدعى بالحزب الراتب، ومن فعله من السلف:
19/ قال ابن عساكر في تاريخه:" باب ما
ورد في أمر السبع وكيف كان ابتداء الحضور فيه والجمع: أخبرنا أبو الحسن علي
بن المسلم الفقيه أنا نصر بن إبراهيم الزاهد وعبد الله بن عبد الرزاق بن فضيل
قالا: أنا محمد بن عوف أنا الحسن بن منير أنا محمد بن خريم (ح) وقرأت على أبي محمد
السلمي عن عبد العزيز التميمي أنا تمام الرازي أنا أبو الحسين أنا محمد بن جعفر بن
محمد بن هشام بن ملاس أنا الحسن بن محمد بن بكار قالا أنا هشام بن عمار أنا أيوب
بن حسان أنا الأوزاعي أنا خالد بن دهقان قال:" أول من أحدث الدراسة في مسجد
دمشق هشام بن إسماعيل بن هشام بن المغيرة المخزومي، وأول من أحدث الدراسة في
فلسطين الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، قال: فممن حفظ لنا اسمه ممن كان يحضر الدراسة
أو من يوصف بالعلم أو بالرياسة هشام بن إسماعيل المخزومي الذي تقدم ذكره وقد ولاه
عبد الملك بن مروان أمر المدينة، ورافع مولاه، وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي
المهاجر وقد ولي أفريقية لهشام بن عبد الملك، وابناه عبد الرحمن ومروان ابنا
إسماعيل، ومن القضاة أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الحراني، ونمير بن أوس
الأشعري ويزيد بن أبي مالك الهمداني وسالم بن عبد الله المحاربي ومحمد بن عبد الله
بن لبيد الأسدي، ومن الفقهاء والمحدثين والحفاظ المقرئين أبو عبد الرحمن القاسم بن
عبد الرحمن مولى معاوية وأبو عبد الله مكحول وأبو أيوب سليمان بن موسى الأشدق وعبد
الله بن العلاء بن زبر الربعي، وأبو إدريس الأصغر عبد الرحمن بن عوال وعبد الرحمن بن
عامر اليحصبي أخو عبد الله بن عامر ويحيى بن الحارث الذماري وعبد الملك بن النعمان
المزني وأنس بن أنيس العذري وسليمان بن بزيع القارئ وسليمان بن داود الخشني ونمران
أو هزان بن حكيم القرشي ومحمد بن خالد بن أبي ظبيان الأزدي ويزيد بن عبيدة بن أبي
المهاجر وعياش بن دينار وغيرهم"، قال ابن عساكر:" وسيأتي ذكر كل واحد
منهم إن شاء الله تعالى في موضعه بذكر أخباره،
20/ وقال الحافظ ابن كثير في البداية
والنهاية (9/181): ذكر ابتداء أمر السبع بالجامع الأموي"..وقد حضر هذا
السبع جماعات من سادات السلف من التابعين بدمشق، منهم هشام بن إسماعيل ومولاه
رافع وإسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر..، وحضره من القضاة أبو إدريس الخولاني
ونمير بن أوس الأشعري ويزيد بن أبي الهمداني وسالم بن عبد الله المحاربي ومحمد بن
عبد الله بن لبيد الاسدي، ومن الفقهاء والمحدثين والحفاظ المقرئين أبو عبد الرحمن
القاسم بن عبد الرحمن... وذكر خلقا كثيرا ثم قال ابن كثير: هكذا أوردهم ابن عساكر
وقال: وقد روى عن بعضهم أنه كره اجتماعهم وأنكره، ولا وجه لإنكاره".
21/ وقال ابن كثير في حوادث
سنة 739 هـ:" ومما حدث في هذه السنة إكمال دار الحديث السكرية وباشر مشيخة
الحديث بها الشيخ الإمام الحافظ مؤرخ الإسلام شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، وقرر
فيها ثلاثون محدثا لكل منهم جراية وجامكية ... وقرر فيها ثلاثون نفرا يقرؤون
القرآن لكل عشرة شيخ، ولكل واحد من القراء نظير ما للمحدثين، ورتب لها إمام،
وقارئ حديث، ونواب، ولقارئ الحديث عشرون درهما وثماني أواق خبز، قال:"وجاءت
في غاية الحسن.."،
22/ وقال ابن ماكولا: أبو علي الحسن بن علي بن
وهب، شيخ صالح توفي في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وأربع مئة، وكان قيماً بأمر
السبع". .......
23/ وقال ابن بطوطة
بعد خروجه من مدينة منية في صعيد مصر: ثم رحلنا إلى مصر وأقمت بها أياماً... ثم تحدث عن مسجد عمرو بن
العاص وقال :"... ومن عوائدهم أن يجلس كل واحد منهم
على سجادة مختصة به. وإذا صلوا صلاة الصبح قرأوا سورة الفتح، وسورة الملك، وسورة
عمّ، ثم يؤتى بنسخ من القرآن العظيم مجزأة، فيأخذ كل فقير جزءاً، ويختمون القرآن،
ويذكرون، ثم يقرأ القراء على عادة أهل المشرق. ومثل ذلك يفعلون بعد صلاة العصر
".
الفصل الثالث: ذكر الأدلة على مشروعية الدراسة
الجماعية للقرآن:
المبحث
الأول: ذكر الأدلة الشرعية والمرفوعة:
الدليل
الأول: خرجه
مسلم في صحيحه من حديث الأعمش
عن أبي صالح عن بي هريرة
رضي الله عنه عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال:" ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم. إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة
وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه"، وقد استدل به النووي وابن رجب والأكثرون على مشروعية الدراسة
الجماعية، وقد ذكر علماء اللغة أن معنى التدارس هو القراءة، ومعنى يدرسون القرآن أي يقرؤونه.
الدليل الثاني: خرجه البيهقي في الشعب(1\448) من خبر ابن عباس رضي الله عنه قال: "ما جلس قوم في بيت من بيوت الله يدرسون كتاب الله يتعاطونه بينهم إلا كانوا أضياف الله وأظلت
عليه الملائكة بأجنحتها ما داموا فيه حتى يخوضوا في حديث غيره ...".
الدليل الثالث: قال ابن رجب في جامعه من شرحه لحديث مسلمٍ السابق:" وروى عطية عن أبي سعيد الخدري عن النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم قال: ما مِنْ قومٍ صلَّوا صلاةَ الغداةِ، ثم قعدُوا في
مُصلاَّهم يتعاطَونَ كتابَ الله ويتدارسونه، إلاَّ وكَّلَ الله بهم ملائكةً
يستغفرُون لهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره"، قال ابن رجب:" وهذا يدلُّ
على استحباب الاجتماع بعد صلاة الغداة لمدارسة القرآن، ولكن عطية فيه ضعف.."،
ويتقوى بما سبق.
الدليل الرابع: خرجه مسلم من طريق حَمَّاد نا ثَابِتٌ عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالُوا أَنْ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ
وَالسُّنَّةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ
لَهُمْ الْقُرَّاءُ فِيهِمْ خَالِي حَرَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ
وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ يَتَعَلَّمُونَ، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ
يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَحْتَطِبُونَ
فَيَبِيعُونَهُ وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ
وَلِلْفُقَرَاءِ.."، خرجه أحمد بلفظ:" جاء أناس إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقالوا: ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة فبعث إليهم سبعين رجلا من
الأنصار يقال لهم القراء فيهم خالي حرام، يقرؤون القرآن ويتدارسونه بالليل"،
وللطبراني في الأوسط (4/131) بلفظ أصرح:" كانوا إذا جنهم الليل أووا إلى معلم
بالمدينة فيبيتون معه يدرسون القرآن.."، ولأبي عوانة في صحيحه من باب بيان ثواب الشهيد الذي يقتل في سبيل الله عز وجل
بلفظ:" فذكر أنس سبعين من الأنصار، قال: كانوا إذا جنهم الليل أووا إلى معلم
بالمدينة فيبيتون يدرسون القرآن.."، وهي روايات صحيحة، وقال
أبو يعلى 4088 حدثنا خلف بن هشام ثنا حماد بن زيد عن جعفر بن ميمون ثنا الرقاشي
قال: كان أنس مما يقول لنا إذا حدثنا هذا الحديث: إنه و الله ما هو بالذي تصنع أنت
وأصحابك، يعني: يقعد أحدكم فتجتمعون حوله فيخطب، إنما كانوا إذا صلوا الغداة قعدوا
حلقا حلقا يقرؤون القرآن ويتعلمون الفرائض والسنن "، والرقاشي
ضعيف.
الدليل الخامس: قال البغوي في الجعديات: ثنا إبراهيم بن هانئ نا هشام بن عبد الملك ح وثنا أبو إسحاق الأزدي نا سليمان بن حرب جميعا
قالا نا شعبة عن أيوب سمعت عمرو بن سلمة قال:" كان زمن الفتح يمرون بنا،
فنقرأ ويقرءون، فنأخذ منهم العلم، فذهب أبي بإسلام قومه إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال:" يؤمكم أقرؤكم لكتاب الله"، فقدموني بين أيديهم،
قال: فقالت امرأة من الحي ألا تغطوا عنا إست قارئكم، فاشتروا ثوبا فقطعوه لي قميصا
فما فرحت بشيء فرحي به"، هذا حديث صحيح فيه طريقة تعليم القرآن في زمن النبي
صلى الله عليه وسلم، وهي أن يقرأ القرّاء ثم يقرأ التلاميذ بعدهم، وهي المسماة
بالإدارة والله أعلم.
الدليل السادس: قال أحمد (3/96) عفان ثنا همام أنا المعلى بن زياد حدثني العلاء رجل من مزينة عن أبي الصديق
الناجي عن أبي سعيد الخدري أنهم كانوا جلوسا يقرؤون القرآن ويدعون قال فخرج
عليهم النبي صلى الله عليه وسلم قال فلما رأيناه سكتنا فقال أليس كنتم تصنعون كذا
وكذا؟ قلنا: نعم، قال: فاصنعوا كما كنتم تصنعون وجلس معنا ثم قال أبشروا
صعاليك المهاجرين بالفوز يوم القيامة على الأغنياء بخمسمائة أحسبه قال سنة"،
في إسناده العلاء بن بشير المزني البصري لم يرو عنه إلا المعلى بن زياد وقال: كان ما علمته شجاعا عند اللقاء بكاءا عند
الذكر"، ووثقه ابن حبان وقال علي بن المديني: مجهول"، وقد اختلف عليه في
متن الحديث، فرواه عنه بعضهم بلفظ الإفراد:" وقارئ لنا يقرأ علينا فنحن نسمع
إلى كتاب الله...".
الدليل السابع: قال ابن ماجة 229 حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ
الصَّوَّافُ ثَنَا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ
فَإِذَا هُوَ بِحَلْقَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ
وَيَدْعُونَ اللَّهَ، وَالْأُخْرَى يَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلٌّ عَلَى خَيْرٍ هَؤُلَاءِ
يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللَّهَ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ وَإِنْ
شَاءَ مَنَعَهُمْ وَهَؤُلَاءِ يَتَعَلَّمُونَ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا
فَجَلَسَ مَعَهُمْ"، وله شواهد:
الدليل الثامن: قال الطبراني (6/205) ثنا حَفْصُ بن عُمَرَ
الرَّقِّي ثنا قَبِيصَة ثنا سُفْيَانُ عَنْ مُوسَى بن عُبَيْدَةَ عَنْ أَخِيهِ
عَبْدِ اللَّهِ بن عُبَيْدَةَ عَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَقْرَأُ
الْقُرْآنَ، وَيُقْرِئُهُ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَقَالَ:"الْحَمْدُ لِلَّهِ
كِتَابُ اللَّهِ وَاحِدٌ، فِيكُمُ الأَسْوَدُ وَالأَحْمَرُ، اقْرَأُوا الْقُرْآنَ،
اقْرَأُوا الْقُرْآنَ، اقْرَأُوا الْقُرْآنَ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَقْوَامٌ
يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ يُقِيمُونَ حُرُوفَهُ كَمَا يُقَامُ السَّهْمُ لا
يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَتَعَجَّلُونَ أَجْرَهُ وَلا يَتَأَجَّلُونَهُ"، توبع
سفيان، فقال الآجري في أخلاق أهل القرآن حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد نا
الحسين بن الحسن المروزي نا ابن المبارك نا موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن
عبيدة به فذكر نحوه، وفي إسناده ابن عبيدة وقد توبع، قال الآجري: ثنا أَحْمَدُ بن
مُحَمَّدِ بن رِشْدِينَ الْمِصْرِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن صَالِحٍ ثنا ابْنُ
وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بن الْحَارِثِ عَنْ بَكْرِ بن سَوَادَة عَنْ وَفَاءِ
بن شُرَيْحٍ عَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَنَحْنُ نَقْتَرِئُ،
فَقَالَ:"الْحَمْدُ لِلَّهِ، كِتَابُ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَفِيكُمُ الأَبْيَضُ
وَفِيكُمُ الأَسْوَدُ، اقْرَأُوهُ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَهُ أَقْوَامٌ يُقَوِّمُونَهُ
كَمَا يُقَوَّمُ السَّهْمُ، يَتَعَجَّلُ أَحَدُهُمْ أَجْرَهُ وَلا
يَتَأَجَّلُهُ". وله شواهد أخرى:
الدليل التاسع: قال أحمد (3/357) حدثنا عبد الوهاب يعني بن
عطاء نا أسامة بن زيد الليثي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: دخل
النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا فيه قوم يقرؤون القرآن، قال: اقرؤوا
القرآن وابتغوا به الله عز وجل من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه
ولا يتأجلونه", وكذلك رواه إسماعيل بن أبي أويس ثنا سليمان بن بلال عن أسامة
بن زيد به، ورواه عبد العزيز بن محمد الداروي عن أسامة بن زيد به، وقال أبو يعلى
حدثنا سفيان حدثنا أبي عن أسامة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: مر النبي صلى
الله عليه وسلم بقوم يقرؤون القرآن في المسجد فقال: اقرؤوا القرآن قبل أن
يجيء قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه"، توبع أسامة، فقال
سعيد: نا خالد بن عبد الله عن حميد الأعرج عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله
قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا
الأعجمي والأعرابي، فقال:« اقرءوا وكل حسن، وسيأتي قوم يقومونه كما يقوم القدح،
يتعجلونه ولا يتأجلونه »، تابعه خلف بن هشام البزار قال نا خالد بن عبد الله
الواسطي عن حميد الأعرج به متصلا، وأرسله سفيان، فقال سعيد: نا سفيان سمعت ابن
المنكدر يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يقرأون القرآن،
فقال:« اقرءوا فكل كتاب الله، من قبل أن يأتي قوم يقومونه كما يقام القدح ، يتعجلونه
ولا يتأجلونه »،
حديث عاشر: ولا يصح، قال ابن عدي في ترجمة عبد الله بن أيوب حدثنا أحمد بن سعيد بن ماوال إذا حدثنا محمد بن غالب حدثنا
عبد الله بن أيوب بن أبي علاج الآتي وكان متعبدا يفتل الشريط والخوص ويبيعه ويتصدق
بثلثه ويأكل ثلثه ويشتري الخوص بثلثه قال ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن
بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله عزوجل لا يغضب فإذا غضب سبحت
الملائكة لغضبه فإذا اطلع الى أهل الأرض ونظر الى الولدان يقرؤون القرآن
تملى ربنا رضا"، قال ابن عدي:" وهذا عن بن عيينة بهذا الإسناد لا أعلم
رواه عنه غير بن أبي علاج هذا وهو منكر"، ولم أذكره للإحتجاج به.
الدليل الحادي عشر: قال ابن سعد (3/267) وابن شبة في تاريخه
(2/658) أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق نا القاسم بن عثمان البصري عن أنس بن مالك
قال: خرج عمر متقلدا السيف فلقيه رجل من بني زهرة قال: أين تعمد يا عمر؟ فقال:
أريد أن أقتل محمدا، قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا ؟ قال
فقال عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه ! قال: أفلا أدلك على
العجب يا عمر؟ إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه، قال: فمشى عمر
ذامرا حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب، قال: فلما سمع خباب حس
عمر توارى في البيت فدخل عليهما فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم ؟
قال: وكانوا يقرأون " طه " فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا،
قال: فلعلكما قد صبوتما...الحديث في إسلام عمر، وفيه القاسم قد وثقه ابن حبان
وضعفه العقيلي، ولحديثه شاهد:
خرجه ابن الأثير في الصحابة من طريق خيثمة بن سليمان بن حيدرة أنا محمد بن عوف أنا سفيان الطائي قال: قرأت
على إسحاق بن إبراهيم الحنفي قال: ذكره أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أسلم قال: قال
لنا عمر بن الخطاب: أتحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي؟ قلنا: نعم وفيه:"..
وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين، قال: فجئت حتى قرعت الباب، فقيل: من هذا؟ قلت: ابن
الخطاب قال: وكان القوم جلوساً يقرؤون القرآن في صحيفة معهم فلما
سمعوا صوتي تبادروا واختفوا، وتركوا أو نسوا الصحيفة من أيديهم...".
المبحث الثاني: ذكر ما جاء في الدراسة
والقراءة الجماعية عن الصحابة رضي الله عنهم:
وأبتدئ ذكر كل ذلك بعون من الله إجمالا ثم
تفصيلا:
المطلب الأول: الآثار الإجمالية الصريحة على
مشروعية الدراسة الجماعية ( السبع أو الحزب الراتب):
أمر السبع وارد عن كلّ أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم الذين سكنوا الشام ودمشق، وهذا منهم فهم لتلكم النصوص والأدلة السابقة وهم أعلم
الناس بالتأويل، كما استدل بهذا الأثر ابن عساكر وابن كثير والنووي وغيرهم على
مشروعية السبع كما مر، وهي الدراسة الجماعية للقرآن::
1/ ذكره الذهبي في السير
(4/274) وخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5\338) قال: ثنا عمرو بن عثمان نا
ابن حميرة عن سعيد بن عبد العزيز قال سمعت مكحولا يقول:" كانت حلقة من أصحاب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدرسون جميعا، فإذا بلغوا سجدة بعثوا إلى أبي إدريس الخولاني
فيقرؤها ثم يسجد, فيسجدوا أهل المدارس", هذا أثر صريح في الدراسة
الجماعية عن الصحابة، وهو صحيح متصل كل رجاله ثقات, عمرو بن عثمان هو ابن سعيد بن
كثير الحمصي, روى عن محمد بن حمير السليحي, روى عنه الحفاظ, وقال موسى بن سهل وأبو
زرعة :" كان أحفظ من ابن مصفى", ووثقه تلميذه النسائي وأبو داود ومسلمة،
وقال عنه أبو حاتم: "صدوق", وذكره ابن حبان في الثقات, وقال الذهبي وابن
حجر: صدوق, وأما محمد بن حمير فهو القضاعي ثم السليحي الحمصي فمن رجال البخاري،
قال عنه ابن معين ودحيم: ثقة, وقال أحمد: ما علمت إلا خيرا, وقال النسائي: ليس به
بأس، ووثقه ابن حبان, وقال أبو حاتم وحده: يكتب حديثه ولا يحتج به، ومحمد بن حرب
وبقية أحب إلي منه "، وقال الداراقطني:لا بأس به, وقال ابن قانع: صالح، وقال
ابن حجر: صدوق، وبقية الإسناد ثقات معروفون، ومكحول تابعي ثقة أدرك وسمع جماعة من
أصحاب النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, منهم واثلة بن الأسقع
وأنس بن مالك وأبي هند الداري وأبي أمامة الباهلي ومحمود بن الربيع وفضالة بن عبيد
وسمع من عمرو بن أبي خزاعة والحجاج بن عبد الله النصري كما ذكر ابن حجر في الصحابة
من ترجمتيهما، وانظر المصنف لأبي بكر (7/392) والمثاني لابن أبي عاصم (3/116)،
وسمع من عنبسة بن أبي سفيان ، بل قد جاء ما يدل على أنه سمع من معاوية رضي الله عنه،
فخرج الطبراني في الكبير (19/393) وفي مسند الشاميين (2/293)
و(4/325) من طريق مكحول: سمعت معاوية على المنبر يقول:.."، وفيه (4/327) عن
مكحول سمعت عبد الله بن عمر، وفيه أيضا (2/369) عن مكحول سمعت جابر بن عبد الله،
وروى مكحول عن ثعلبة الخشني حديث:" إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها"، وهو
معاصر له، وروى عن عطية بن بسر وقبيصة بن ذؤيب وأنس بن حذيفة، وسمع كثيرا من أبي
إدريس الخولاني، وهذا اسمه: عائذ الله بن عبد الله ولد في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال عنه ابن مسهر: كان من أرفع التابعين في العلم بدمشق بعد أبي
الدرداء رضي الله عنه,
ونقل ابن عبد البر في التمهيد (21/28) عن مكحول أنه كان إذا ذكر
الخولاني قال:" ما رأيت مثله"، وقد توبع ابن أبي عاصم متابعة تامة:
2/ خرجها ابن عساكر في تاريخ دمشق (8/425) و(26/162) قال: أنبأنا أبو القاسم العلوي عن أبي القاسم بن
الفرات أنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي ح وقرأت على أبي محمد السلمي عن عبد
العزيز بن أحمد أنا علي بن الحسن الربعي أنا عبد الوهاب الكلابي ح وعن عبد الدائم
بن الحسن عن عبد الوهاب الكلابي أنا أبو الحسن بن جوصا نا عمرو بن عثمان بن سعيد نا
محمد بن حمير حدثني سعيد بن عبد العزيز قال سمعت مكحولا يقول:" كانت حلقة من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يدرسون جميعا فإذا بلغوا سجدة بعثوا إلى أبي إدريس
الخولاني فيقرأها فيسجد أهل المدارس"، وهذا نص في الدراسة الجماعية والحمد
لله، وقد استدل به ابن عساكر على مشروعية هذه الدراسة، ولهذا الخبر شاهد جيد آخر:
3/ خرجه ابن عساكر (8/425) (26\162) قال: نا أبو القاسم على بن
إبراهيم عن علي بن طاهر بن الفرات نا عبد الوهاب ـ بن حسن-الكلابي نا أبو الحسن بن
جوصا نا محمد بن هاشم نا محمد بن شعيب ثني يزيد ين عبيدة أنه رأى أبا إدريس
الخولاني في زمان عبد الملك بن مروان, وأن حلق المسجد بدمشق يقرؤون القرآن
يدرسون جميعا, وأبو إدريس جالس إلى بعض العمد, فكلما مرت حلقة بآية سجدة,
بعثوا إليه يقرأ بها, وأنصتوا له وسجد بهم وسجدوا حتى إذا فرغوا من قراءتهم
قام أبو إدريس يقص",
قال يزيد بن عبيدة: ثم قدم القصص بعد ذلك وأخروا القراءة"، هذا أثر صحيح من حديث الشاميين, شيخ ابن عساكر هو علي بن إبراهيم بن
العباس قال عنه ابن عساكر في ترجمته: خطيب دمشق وكان مكثرا ثقة وله أصول بخط
الوراقين, خرج له أبو بكر الخطيب فوائده عن شيوخه في عشرين جزءا", وقال عنه
الذهبي في العبر: الخطيب الرئيس المحدث صاحب الأجزاء العشرين... وكان ثقة نبيلا
محتشما... صاحب حديث وسنة, وقال في تاريخ الإسلام: كان صدرا نبيلا مرضيا ثقة محدثا
مهيبا سنيا", وأما علي بن طاهر بن الفرات فهو علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات
المقرئ إمام الجامع بدمشق شيخ الخطيب البغدادي, قال
عنه في تاريخه (1\154)أخبرنا أبو القاسم فذكر هذه الأوصاف, وكذا وصفه بها تلميذه
أبو القاسم علي بن ابراهيم السالف الذكر كما ذكر ذلك عنه ابن عساكر، وقال عنه في
تاريخه (43\132): هو إمام جامع دمشق, سمع عبد الوهاب الكلابي, قال ابن عساكر:حدثنا
عنه أبو القاسم علي بن إبراهيم وذكر أنه ثقة , واسمه الكامل:علي بن الفضل بن أحمد
بن محمد بن الحسن بن طاهر بن الفرات, كل مرة ينسبه أحد الرواة إلى أحد أجداده,
لذلك عسر البحث عنه , والله هو الميسر وحده , وقد قال عنه الذهبي في تاريخ
الإسلام: رحل إلى بغداد فقرأ بها القراءات...ثم قال: وثقه النسيب", وأما عبد
الوهاب الكلابي, فهو عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد أبو الحسين الدمشقي, قال عنه
ابن عساكر (37\314): المعروف بأخي تبوك العدل, ثم نقل عن الكتاني نا الحنائي قال
ثنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي الشاهد الشيخ الثقة الأمين, وقال أبو الوليد:
ثقة, وقال الذهبي في تاريخه :" مسند وقته بدمشق ", وأما أبو الحسن بن
جوصا, فهو المحدث الثقة الدمشقي شيخ ابن حبان وأبي أحمد بن عدي والسلمي وأبي
الحسين الرازي، صاحبُ التصانيف ينقل عنه ابن حجر والمزي وغيرهما الأحاديث من كتبه,
قال عنه ابن عساكر (5\109):" هو أبو الحسن الحافظ , شيخ الشام في وقته رحل
وصنف وذاكر", وقال الطبراني في المعجم الصغير عن حديث له (1\16):" تفرد
به ابن جوصا وكان من ثقات المسلمين وأجلتهم", ونقل ابن عساكر عن الدراقطني
قوله:" ابن جوصا المحدث الدمشقي... وكان قد رحل", أي في طلب الحديث ,
وقال أبوعلي الحافظ:" سمعت أحمد بن عمير- بن جوصا- وكان من أركان الحديث,
وكان أبو أحمد النيسابوري حسن الرأي فيه, وقال عنه حمزة الكناني خيرا, وقال أبو
همام: هو في الحفظ كابن عقدة في الكوفة, وقال الدارقطني: هو دون ابن عقدة , وذكر
عن الدارقطني أنه قال عنه: تفرد بأحاديث ولم يكن بالقوي, وقال الذهبي في العبر:
الحافظ محدث الشام جمع وصنف وتبحر في الحديث, وقال الكناني: كان ثقة مأمونا, وقال
الذهبي في تاريخ الإسلام:" ثقة له غرائب كغيره"، وأما محمد بن هشام فهو
ابن سعيد الشامي ذكره ابن حبان في الثقات, وقال: يغرب", وقال أبو حاتم: سمع
منه أبي بعلبك وروى عنه , وقال عنه تلميذه النسائي:لا بأس به, وقال مسلمة بن قاسم:
صدوق مشهور, وقال الذهبي وابن حجر: صدوق, وكذلك هو محمد بن شعيب بن شابور, ويزيد
بن عبيدة ثقة شامي, وأما مكحول فهو إمام الشام في زمانه، أدرك وعايش خلافة عبد
الملك بن مروان بالشام التي كانت في زمن الصحابة رضي الله عنهم، وقد توفي عبد
الملك سنة ست وثمانين، وتوفي مكحول سنة اثنتي عشرة ومائة وقيل أكثر، فبين وفاتيهما
نحوا من ست وعشرين سنة فقط ، وقد مر ما يدل على سماعه من معاوية رضي الله عنه وقد توفي سنة ستين، فصح هذا الأثر، وله شواهد أخرى من حديث الشاميين
والكوفيين:
الممطلب الثاني: الآثار التفصيلية عن الصحابة :
منهم ابن مسعود وأصحابه:
4/ فقال أبو نعيم في الحلية 2/98 من ترجمة
علقمة: حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ثنا أحمد بن موسى بن العباس ثنا إسماعيل بن سعيد
حدثنا محمد بن جعفر المدائني عن المهلب بن عثمان الأزدي عن ضرار بن عمرو عن إسحاق
بن عبد الله عن أصحاب عبد الله عن عبد الله قال: مر بحلقة فيها علقمة
والأسود ومسروق وأصحابهم فوقف عليهم فقال: بأبي وأمي العلماء، بروح الله ائتلفتم، وكتاب
الله تلوتم، ومسجد الله عمرتم، ورحمة الله انتظرتم، أحبكم الله وأحب الله من
أحبكم"، ومن طريقه خرجه ابن عساكر بلفظ:" خرج عبد الله بن مسعود على
أصحابه وهم يتذاكرون ويتدارسون علقمة والأسود ومسروق وأصحابهم فوقف عليهم
قال بأبي وأمي العلماء بروح الله ائتلفتم وكتاب الله تلوتم ومسجد الله عمرتم
ورحمة الله انتظرتم ثم أحبكم الله وأحب من أحبكم".
وصح إقرار القراءة الجماعية عن سلمان رضي الله
عنه :
5/ قال أبو بكر: باب من قال السجدة على من
جلس لها ومن سمعها: حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال: دخل
سلمان الفارسي المسجد وفيه قوم يقرؤون، فقرؤوا السجدة فسجدوا، فقال له
صاحبه: يا أبا عبد الله لو أتينا هؤلاء القوم، فقال: ما لهذا غدونا"، عطاء
مختلط لكن روى الحديث عنه سفيان قبل أن يختلط،
روى ذلك عبد الله بن الوليد عن سفيان عن
عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال: مر سلمان بقوم يقرؤون السجدة قالوا:
نسجد، قال: ليس لها غدونا"، يعني أن السجدة على من جلس لها وكان يستمع القرآن
كما بوب أبو بكر، أما من جاء لأمر آخر كسلمان فلا تلزمه السجدة، وهذا الحديث صحيح
متصل، أبو عبد الرحمن السلمي قد أدرك من حياة سلمان أكثر من أربع ووعشرين سنة.
6/ وصح مثله عن أبي أمامة رضي الله عنه: فقال أبو بكر: باب مَنْ كَانَ يَقُول: لا يَسْجُدُهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَهَا فِي ذَلِكَ
الْوَقْت 4374 حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِي عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ عَن أَبِي
غَالِب أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ كَانَ يَكْرَهُ الصَّلاَة بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى
تَغْرُبَ الشَّمْس، وَبَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَكَانَ أَهْلُ
الشَّامِ يَقْرَؤُونَ السَّجْدَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَكَانَ أَبُو
أُمَامَةَ إذَا رَأَى أَنَّهُمْ يَقْرَؤُونَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ
بَعْدَ الْعَصْر، لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُم"، هذا حديث صحيح، قال موسى بن هارون:
أبو غالب
صاحب أبي إمامة اسمه حزور وهو ثقة"، وفيه دليل
صريح على أن القراءة الجماعية بعد العصر بدأت في الشام في زمن الصحابة، وأبو أمامة
رضي الله عنه كان يجلس ويقرأ معهم إلا إذا وافقت هذه القراءة وقت النهي عن الصلاة
فلا يقرأها كما بوب أبو بكر، وهذا من جنس ترك سلمان للسجدة لأنه لم يجلس لها،
وسلمان هذا هو الذي آخى النبي عليه السلام بينه وبين أبي الدرداء، فكانا دائما
معًا
7/ وورد مثله عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه وقد كان قاضيا لدمشق: فخرج ابن نصر كما في مختصر قيام الليل قال:" وكان فضالة بن عبيد يمر بالمجالس في المسجد وهم يدرسون فيقول:"
كتاب الله عزرتم وبيت الله عمرتم وبروح الله ائتلفتم فأحبكم الله وأحب من
أحبكم"، وليت مختصِرَه ذكر إسناده.
8/ وقد صح من غير وجه أن أبا الدرداء رضي الله عنه هو الذي سن بالشام
هذه الحلق التي يُقرأ فيها:
فقال النووي في التبيان:" وروى ابن أبي داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه
كان يدرس القرآن معه نفر يقرؤون جميعا"، وروى ابن أبي داود فعل
الدراسة مجتمعين عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين"، لم أجد
كتاب ابن أبي داود حتى يُنظر في إسناده، لكن قد وجدت ما يدل على ذلك،
فقال أبو
عبيد في فضائل القرآن: حدثنا أبو الأسود عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي
الخير أن أبا الدرداء كان يقرئ في مسجد حمص، وفيهم كعب الأحبار، فمروا بقول
الله عز وجل (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) قال كعب: ردها علي، فردها
عليه، فقال كعب: صدق الله ورسوله، والذي بعث بالحق محمدا صلى الله عليه وسلم ما
أنزل الله قبلها في التوراة إلا بسم الله الرحمن الرحيم( قل تعالوا) ».
وقال أبو زرعة الدمشقي نا هشام نا يزيد بن أبي مالك عن أبيه
قال:" كان أبو الدرداء رضي الله عنه يأتي المسجد ثم يصلي
الغداة، ثم يقرأ في الحلقة ويقرئ حتى إذا أراد القيام قال لأصحابه: هل من
وليمة نشهدها أو عقيقة أو فطرة، فإن قالوا نعم، قام إليها، وإن قالوا لا، قال:
اللهم إني أشهدك أني صائم، وإن أبا الدرداء هو الذي سن هذه الحلق يقرأ فيها"،
خرجه عنه ابن عساكر (1/328)، وهشام هو ابن عمار أو ابن خالد, وكلاهما دمشقي صدوق،
وأما يزيد فهو ابن عبد الرحمن بن أبي مالك القاضي الفقيه الدمشقي صدوق، وأبوه له
ترجمة في تاريخ دمشق وقد توبع :
فخرج ابن عساكر في الموضع السابق من طريق الطبراني قال نا بكر بن سهل
الدمياطي وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو وأبو علاثة الحراني قالوا ثنا صفوان بن
صالح عن الوليد بن مسلم ثنا سعيد بن عبد العزيز عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم
قال: قال لي أبو الدرداء: أعدد من يقرأ عندنا ـ يعني في مجلسنا هذا ـ قال:
فعددت ألفا وستمائة ونيفا، فكانوا يقرؤون ويتسابقون عشرة عشرة، لكل عشرة
منهم مقرئ... قال: وكان أبو الدرداء يبتدئ في كل غداة إذا انفتل من الصلاة فيقرأ
جزءا من القرآن وأصحابه محدقون به يسمعون ألفاظه، فإذا فرغ من قراءته جلس كل رجل
منهم في موضعه، وأخذ على العشرة الذين أضيفوا إليه...". صفوان بن صالح ثقة
يسوي وقد توبع، وسعيد ثقة ، وكذا مسلم بن مشكم وهو كاتب أبي الدرداء،
وفي هذين الأثرين من الفقه أن أبا الدرداء كان يبتدئ فيقرأ جزءا من
القرآن وهم يستمعون ويتعلمون منه، فإذا
فرغ من قراءته قسمهم حلقا عشرة عشرة فيقرؤون جميعا، وأن أبا الدرداء هو الذي سن
هذه الحلق بالشام"، وقد مر شاهد أبي غالب عن أبي أمامة كان أهل الشام يقرؤون السجدة بعد
العصر، فكان أبو أمامة إذا رأى أنهم يقرؤون سورة فيها سجدة بعد العصر لم يجلس
معهم".
9/ وجاء
فعل ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوم آخرين: خرج مالك
في موطئه عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين: أن عمر بن الخطاب كان في
قوم وهم يقرؤون القرآن، فذهب لحاجته ثم رجع وهو يقرأ القرآن، فقال له رجل: يا
أمير المؤمنين أتقرأ القرآن ولست على وضوء؟ فقال له عمر: من أفتاك بهذا
أمسيلمة"، هذا خبر رجاله أئمة ثقات وله شاهد آخر:
فقال
أبو بكر (7/151) حدثنا
يحيى بن آدم ثنا حماد بن زيد عن يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار قال: انتهي عمر
إلى قوم يقرئ بعضهم بعضا، فلما رأوا عمر سكتوا، فقال: ما كنتم تراجعون،
قلنا: كنا نقرئ بعضنا بعضا، فقال : اقرأوا ولا تلحنوا"، تابعه سعيد قال: نا
حماد بن زيد عن يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار قال: خرج عمر بن الخطاب رضي الله
عنه على قوم يقرءون القرآن، ويتراجعون فيه، فقال: ما هذا ؟ فقالوا: نقرأ
القرآن ونتراجع فيه، فقال:« تراجعوا ولا تلحنوا»، وقد مر مثل ذلك في المرفوع عن
عمر.
وقال الطبري حدثني يونس نا ابن وهب قال: قال
ابن زيد في قوله:" وإذا قيلَ له اتق الله أخذته العزة بالإثم" إلى
قوله:" والله رؤوف بالعباد"، قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا
صلى السُّبْحة وفرغ دخل مربدًا له، فأرسل إلى فتيان قد قرأوا القرآن، منهم ابن
عباس وابن أخي عيينة، قال: فيأتون فيقرأون القرآن ويتدارسونه، فإذا كانت
القائلة انصرف، قال: فمرُّوا بهذه الآية:" وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة
بالإثم"..الخبر.
10/ وجاء
نحو ذلك عن علي رضي الله عنه: قال في كشف
الأستار (3/94) قال
البزار: ثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي نا الحسين بن الحسن نا أبو يعقوب الثقفي عن
عاصم بن كليب عن أبيه قال: كان علي في المسجد أحسبه قال: مسجد الكوفة فسمع ضجة
شديدة، فسأل ما هؤلاء؟ فقالوا: قوم يقرؤون القرآن أو يتلون القرآن، فقال:
أما أنهم كانوا أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال: هذا
الحديث لا نعلمه يروى عن علي إلا من هذا الوجه ولا نعلم رواه عن عاصم بن كليب إلا
أبو يعقوب الثقفي وأبو يعقوب هذا رجل مشهور روى عنه عبيد الله بن موسى وحسين بن
الحسن وغيرهما"، وهذا الحديث حسن رجاله ثقات، إلا أبو يعقوب الثقفي وهو إسحاق بن إبراهيم، قال عنه ابن عديّ: روى عن الثّقات ما لا يتابع عليه،
وأحاديثه غير محفوظة"، ثم تعقبه الذهبي في تاريخه بقوله:" ما رأيت أحداً
ليّنه من القدماء"، وقال ابن حجر: وثقه ابن حبان وفيه ضعف"، وقال
الفاسي: مجهول، وقد عرفه البزار وقال: مشهور، وهذه من صيغ التوثيق عنده، ومع ذلك
فقد توبع من طرف حفص بن سليمان المقرئ عن عاصم،
فقال الطبراني في الأوسط (7/214) ثنا محمد بن العباس الأخرم ثنا محمد بن حرب النشائي ثنا
علي بن يزيد الأكفاني عن حفص الغاضري عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: سمع علي بن أبي
طالب ضجة في المسجد يقرءون القرآن ويقرئون فقال:« طوبى لهؤلاء، هؤلاء كانوا
أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم»، وقد توبع علي بن يزيد،
فقال أحمد بن منيع: ثنا حسين بن محمد ثنا
حفص أبو عمر القارئ عن عاصم بن كليب قال: كنت مع علي فسمع ضجتهم في المسجد
يقرءون القرآن، فذكر مثله، أورده ابن حجر في المطالب (14/372)، وحفص ممن يُقبل
حديثه في المتابعات، وقد جاءت القراءة الجماعية أيضا بين يدي علي رضي الله عنه:
فقال
الحاكم في مستدركه حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا محمد بن عثمان بن أبي
شيبة ثنا يحيى بن معين حدثني أبو عبيدة الحداد ثنا أبو مكين قال: رأيت امرأة في
مسجد أويس القرني قالت: كان يجتمع هو وأصحاب له في مسجدهم هذا يصلون ويقرؤون
في مصافحهم، فآتي غداءهم وعشاءهم هاهنا، حتى يصلوا الصلوات، قالت: وكان ذلك
دأبهم ما شهدوا حتى غزوا فاسشتهد أويس وجماعة من أصحابه في الرجالة بين يدي علي بن
أبي طالب رضي الله عنهم أجميعن".
11/ وصح نحو ذلك عن أبي موسى الأشعري: فقال محمد بن الضريس في فضائل القرآن:
أخبرنا مسلم بن إبراهيم ثنا قرة ثنا أبو رجاء العطاردي قال:" كان أبو موسى
يطوف علينا في هذا المسجد ، فيقعدنا حلقا حلقا يقرئنا القرآن ، وعنه أخذت
هذه السورة (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وكانت أول سورة نزلت على محمد صلى الله عليه
وسلم"، وهذه القراءة للتعلم، وقد توبع مسلم:
فقال الفاكهي في تاريخ مكة:حدثنا أبو بشر
ثنا خالد عن قرة عن أبي رجاء قال: كان أبو موسى رضي الله عنه يقرئنا، يجلسنا حلقا
حلقا، وعليه بردان أبيضان فأقرأني هذه السورة: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وقال:«
هذه أول سورة أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم».
12/
وجاء مثله عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال الطبراني في الأوسط
(2/114) 1429 حدثنا أحمد ثنا علي بن محمد بن أبي المضاء قال كتبت من كتاب خلف بن
تميم عن علي بن مسعدة ثنا عبد الله الرومي عن أبي هريرة أنه مر بسوق المدينة فوقف
عليها فقال: يا أهل السوق ما أعجزكم قالوا وما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: ذاك ميراث
رسول الله يقسم وأنتم ها هنا لا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه، قالوا: وأين هو؟ قال:
في المسجد، فخرجوا سراعا إلى المسجد ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا فقال لهم .. أبو
هريرة: أما رأيتم في المسجد أحدا؟ قالوا: بلى: رأينا قوما يصلون وقوما يقرأون
القرآن وقوما يتذاكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة: ويحكم فذاك ميراث
محمد"، وقد حسنَ الحديثَ المنذريُّ في الترغيب، وكذلك حسنه الألباني.
وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه أبو عيسى الطاهر زياني
تعليقات
إرسال تعليق