البراهين الجِياد، على استحباب التكبير الجماعي أيام العشر والأعياد الطاهر زياني

                      البراهين الجياد، على استحباب التكبير الجماعي والفردي أيام الأعياد     

                                             كتابة: الطاهر زياني


هام: وقف لله تعالى، لا أسمح بالسرقة ولا بالنقل عنه إلا بتبيين المصدر، ولا بالطبع إلا بإذن.

ملاحظة: لم أكمله بعد

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                              

                                  المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، الهادي الأمين، وبعد:

فقد ظهر في زماننا هذا جماعة من التبديعيين الزنادقة، من مصعفقه وصعافقة، ومع التحذيرات التي بينهم كالصاعقة، إلا أنهم تحالفوا جميعا على التشنيع، وكذبة التبديع، ما تركوا مصلحا إلا شتموه، ولا شيئا إلا بدّعوه،

ومن أشنع تبديعاتهم، وأقبح تضليلاتهم، المخالفةِ لإجماع المؤمنين، تبديعُهم للتكبير الجماعي يوم عرفة وأيام العشر من ذي الحجة والعيدين، مع تبديعهم التكبير المقيد بأدبار الصلوات، من أيام التشريق المباركات، إضافة إلى تبديعهم الجديد، للتكبير المقيد أثناء خطبتي العيد.

مخالفين في ذلك كلام رب العالمين، وسبيل المؤمنين، وفهم الصحابه والتابعين، وأئمة السلف والفقه في الدين، وقد جمعوا من كل تبديع غثَّه، ومن كل كلام رثه، وما كان من حُجَجِهم على التبديع، والتضليل والتشنيع، إلا أن قالوا، في كل ما جهلوا: لم يثبت ولم يرد، وفي الدين لا تزد،

ألا ليتهم قالوا قول ملائكة ربنا:" لا علم لنا، إلا ما علمتنا". 

لكنهم قد عَمُوا، وضلوا وصمّوا، ما جهلوا من شيء إلا بدّعوه، وما أوْحت لهم مشايخهم من تضليل إلا اعتقدوه، قبل الدليل والبيان، فإذا جئتهم بالبرهان، تِلْو البرهان، لردوه بالبطلان، ولووْه ليَّ الشيطان، وقالوا لك بازدراء، وهم ينغضون رؤوسهم باستهزاء: ما جئتنا ببينة، وإن حججَك لهينة، وأدلتك لَلينة، ما لها من عينة، وما سمعنا بهذا الكلام من الأشياخ، وما نراه إلا من اختلاق الأصاغر الأفراخ، لكني بعون الرحمن، لناقل عن السلف الكرام، من الدلائل الكثيرة، والآثار الوفيرة، والأقوال الغفيرة، على مشروعية التكبير الجماعي لرب العالمين، ليهلك من هلك عن بينة، ويرجع إلى الحق من حيي عن بينة، وليذهب إلى الجحيم التوالف، المبدعين لكل مالوف وآلف، المخالفين للسوالف.

وقد ذكرت في كتابي هذا إجماع السلف على مشروعية التكبير الجماعي بهيأة واحدة، برجة موحدة، من حيث الجملة وفاقا، أيام العيدين اتفاقا، وما قبلهما سباقا، وذلك كالليالي العشر، وأيام التشريق وليلة الفطر.

قال الله جل في علاه:{ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}، فكما أكمل المسلمون العدة معا، كذلك يكبرون الله جمعا، وهو ما فسرته السنة والآثار جميعا، فخذ فهْم السلف، ودعْك من تبديعات التلف. 

صح عن عبد الله بن عمر:" أنه غدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى غداة عرفة حين صلى الصبح، قال: فلم تكن لي همة إلا أن أرمق الذي أراه يصنع، فسمعته يهلل ويكبر، والناس كهيأته يهللون ويكبرون ويلبون، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يسمع ذلك كله، فلم أره ينهى عن شيء من ذلك كله، ولزم التهليل والتكبير"،

وهذا نص في توحيد الهيأة في التكبير، فما بال أهل التبديع والنكير، ينكرون على النبي ما فعله وأقره.

وثبت في صحيح مسلم وغيره عن أم عطية:" كنا نؤمر بالخروج في العيدين المخبأة والبكر وحتى الحيض يخرجن فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس".

وهذا نص في المعية، فلا تطع أهل البلية من التبديعية.

وصح عن ولي الأمر عمر، أنه يكبر في قبته، ويكبر أهل المسجد بتكبيره، ويكبر أهل السوق حتى ترتج منى تكبيرا واحدا"، وفي رواية:" حتى يرتج بها أهل المسجد،.. فيرتج بها أهل الأبطح"،

والرجة هي المبالغة في اجتماع الأصوات معا، كما قال ابن حجر والعلماء، وأيدوه بحديث عطاء: " أدركت مائتين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد إذا قال الإمام: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7]، سمعت لهم رجة بآمين ".

ورجة التأمين إنما تكون بصوت واحد ، كذلكم هي رجة التكبير بصوت موحد. 

فكانوا يكبرون معا كتكبير رجل واحد.

وصح عن مجاهد:" كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما يخرجان أيام العشر إلى السوق فيكبران، فيكبر الناس معهما".  

ثم استمر العمل على هذه السنة الأكيدة، طيلة أزمنة عديدة، ودهور مديدة، كما بينته في كتابي المذكور. وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد... لم ينكر أحد من السلف ذلك، فلا تتبعن الفريق الهالك.

وانما اختلفوا في بعض المواطن، التي سأبين، لا في أصل التكبير الجماعي، كما تدعيه الأفاعي.

فقد قال بعض السلف: لا يكبر إلا في تلك المواطن سواء أكان تكبيرا جماعيا أم فرديا، وقال آخرون: يكبر في كل المواطن التي ذكرها السلف، جماعات أو فرادى ...

والعجب أن بعض هؤلاء التبديعيين قد نقل عن الشيخ ابن تيمية اتفاق العلماء على مشروعية التكبير المقيد، ثم تعقبه عمدا فقال: إن دعوى الاتفاق لا دليل عليها"،

ثم لم يأت لقوله المحدَث بمخالف من السلف، لينقض الاتفاق الذي نقله الشيخ وغيره، فاغتر بكلامه جماعة التبديعيّين، المخالفين لسبيل المؤمنين، من الصحابة والتابعين، وأئمة السلف والفقه في الدين، وقد قسمت هذا المبحث كما يلي:

الفصل الأول: الذِّكر والتكبير المطلق أيام العشر من ذي الحجة وعرفة والعيد وأيام التشريق::

المبحث الأول: الذِّكر والتكبير المطلق أيام العشر من ذي الحجة:

المطلب الأول: الأدلة المرفوعة والموقوفة على هذا التكبير والذكر، وبيان فهم السلف لها:

المطلب الثاني: الأدلة المقطوعة عن التابعين ومن بعدهم:

المسألة الأولى: من كان يكبر منهم

المسألة الثانية: من لم يعرف التكبير في العشر وتوجيه قوله:

المبحث الثاني: التكبير المطلق جماعات وفرادى أيام العيد والتشريق

الفصل الثاني: التكبير المقيد بأدبار الصلوات أيام العيد والتشريق وعرفة:

المبحث الأول: نقولٌ من الإجماع على مشروعية التكبير المقيد من حيث الجملة:

المبحث الثاني: تفصيل مواطن الإجماع على مشروعية التكبير المقيد من حيث الجملة، والاختلاف في توقيته ومكانه وهيأته، وهل يكون جماعة فقط:

المطلب الأول: هل التكبير مقيد بالتكبير الجماعي مع الإمام جماعة فقط، أم يصح التكبير الفردي للفذ، وبيان تكبير النساء معهم:

القول الأول: من ذهب إلى ترك التكبير إلا إذا كبر مع الإمام جماعة: وهو قول العراقيين والحنفية:

القول الثاني: مشروعية التكبير الفردي في الفريضة والنافلة، مع أن الجماعي مع الإمام أفضل منه.

المطلب الثاني: الاختلاف في توقيته وبدايته وانتهائه:

القول الأول: من قال ببدئه من فجر عرفة إلى عصر آخر يوم في التشريق:

القول الثاني: يبتدئ من ظهر يوم الأضحى إلى عصر آخر يوم تشريقي، وقيل من الصبح:

المطلب الثالث: أدلة العلماء في توقيت التكبير المقيد،

المسألة الأولى: أدلة من قال ببدئه بعد ظهر يوم النحر وقطعه بعد صبح آخر أيام التشريق:

المسألة الثانية: أدلة الجمهور على بدئه من فجر عرفة إلى عصر آخر يوم، وبعضهم إلى ظهره:

المسألة الثالثة: الأدلة القرآنية والمرفوعة على التكبير المقيد من عرفة إلى آخر يوم تشريقي: 

المطلب الرابع: المسبوق هل يقضي صلاته، ثم يكبر لنفسه، أم يكبر مع الإمام ثم بقضي:

القول الأول: من قال يكبر مع الإمام، ثم يقضي، ثم يكبر مرة أخرى:  

القول الثاني: يقضي ثم يكبر لنفسه:

القول الثالث: ينتظر حتى يكبر مع الإمام ثم يقوم يقضي:

الباب الثاني: التكبير الجماعي والفردي ليلة عيد الفطر والنحر:

الفصل الأول: في زمن بداية التكبير ونهايته وكيفيته:1

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                        تمهيد:

ينقسم التكبير الجماعي المشروع إلى مطلق في شتى أوقات الأيام العشر وأيام العيد،

وتكبير مقيد في أوقات مخصوصة كدبر الصلوات،

وتكبير وارد في عيدي الفطر والأضحى ولياليهما،

وتكبير أثناء خطبتي العيد.

والمقصود بالتكبير المطلق أي في مطلق الأوقات، وأما المقيد فبِدُبُر الصلوات، وكل ذلك سنة باتفاق السلف، بل قد حمل السلف هذه الأحاديث المطلقة على دبر الصلاة كما سنبين:

 

الفصل الأول: الذِّكر والتكبير المطلق أيام العشر من ذي الحجة وعرفة والعيد وأيام التشريق::

لقد أقسم الله تعالى ب :" الفجر وليال عشر"، في كلامه الكريم، لعظمتها وقداستها عند الله تعالى،  حيث تُضاعف فيها الحسنات، وتُغلظ السيئات، ولذلك أمرنا رب السماوات بتعظيمهن، وذكر الله فيهن بالتكبير والتهليل كما سنبينه :

وقد اتفق السلف على مشروعية التكبير من حيث الجملة: في أيام العيدين اتفاقا، وما يسبقهما كالليالي العشر وليلة الفطر قبل الفجر،

وإنما اختلفوا هنا في بعض المواطن، لا في التكبير الجماعي،

 فقال بعضهم: لا يكبر في تلك المواطن، سواء أكان التكبير جماعيا أم فرديا،

وقال آخرون: يكبر في كل المواطن التي ذكرها السلف جماعات أو فرادى، استدلالا بما يلي:

ثم اعلم بأن هذا التكبير المطلق مقسم إلى قسمين: ذكر في الأيام العشر، وذكر في يوم عرفة وأيام التشريق:

المبحث الأول: الذِّكر والتكبير المطلق أيام العشر من ذي الحجة:

ومعنى المطلق هو الذي لا يكون فيه تخصيص التكبير بدبر الصلوات، بل هو مطلق في سائر الأوقات، باتفاف السلف وأهل الحديث والفقه، مستدلين بمطلق النصوص ومُقَيَّدِها:  

المطلب الأول: الأدلة المرفوعة والموقوفة على هذا التكبير والذكر، وبيان فهم السلف لها:

الدليل الأول وما بعده: تكبير الله في الليالي العشر:

قال الله تعالى :{ وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) }[الفجر]، وهذا لفظ مشترك يشترك فيه مطلق الليالي العشر من ذي الحجة أو رمضان أو المحرم ...

قال القرطبي:" قال الضحاك: فجر ذي الحجة، لأن الله تعالى قرن الأيام به فقال: وَلَيالٍ عَشْرٍ أي ليال عشر من ذي الحجة ". قال:" وكذا قال مجاهد والسدي والكلبي"،

ورواه الطبري عن ابن عباس وغيره، وهي الأيام العشر التي أتمها الله لنبيه موسى.   

وخرج الطبري والحاكم (4/245) وصححه عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ) قال: عَشْرُ الأضْحَى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر».

الدليل الثاني: تكبير الله في الأيام المعلومات، والمعدودات:

قال الله تعالى: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)}[الحج].

الدليل الثالث: قال تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } [البقرة :203 ]،

وقد ذكر عامة السلف من أهل التفسير والفقه والحديث أن الأيام المعدودات هي أيام التشريق وقيل النحر معهن، خرج رواياتهم الطبري وغيره، وقالوا: المقصود بالذكر هنا هو التكبير المطلق والمقيد بدبر الصلوات، فالزم فهم السلف، ودعك من تبديعات التلف.

قال الجصاص في احكامه:" ولا خلاف بين أهل العلم أن المعدودات أيام التشريق ".

وقال ابن العربي المالكي:" لا خلاف أن المراد بالذِّكر هاهنا التكبير ".

وقد كان السلف يكبرون في العشر ائتماما برجل واحد وهو الإمام، أو برجلين اثنين أو أكثر، يكبران، ثم يكبر الناس بتكبيرهما

قال الإمام البخاري في الصحيح: بَاب فَضْلِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ"، " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا"، وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ".

وبنجوه بوب البيهقي في سننه.

والذكر هنا هو التكبيرات اتفاقا بين السلف،

وقد جمع الله هنا بين الذكر والتكبير وهما غذاءَا الأرواح، وبين الأكل وهو غذاء الأبدان.

وهذا خطاب جمعي للمؤمنين بذكر الله وتكبيره في هذه الأيام المعلومات، أن يُكبّروا الله جميعا معا، كما في قوله تعالى: { وأقيموا الصلاة ...}، فإنهم يقيمونها جماعة معا إن شاءوا، وكذلك الزكاة والحج وغير ذلك من العبادات الجماعية.

الدليل الثالث: في تضعيف الأجر في الأيام العشر:

قال الإمام البخاري في الصحيح: بَاب فَضْلِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ"، " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا"، وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ".

أ: ثم خرج البخاري من حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال:" مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ، قَال: وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ"،

وللترمذي بلفظ:" مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ "،

قال ابن حجر:" وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ اِبْنِ عُمَرَ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي آخِرِهِ " فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِن التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ ".

ب. زادها يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَاد عَنْ مُجَاهِد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرة، ومرة أخرى عن عبد الله بن عمر.

ج: تابعه يحيى بن عيسى الرملي وهو صدوق مقارب: ثنا يحيى بن أيوب البجلي عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أفضل عند الله، ولا العمل فيهن أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير، فإنها أيام التهليل والتكبير وذكر الله، وإن صيام يوم منها يعدل صيام سنة، والعمل فيهن يضاعف ست مائة ضعف».

لكن روى البرقاني وابن أبي الفوارس عن الدارقطني: متروك، ولست أدري سبب وتفسير جرح هذا الحافظ، إلا ما أورده الخطيب عن أبي جعفر الصفار قال:" ابن وهب يتكلم في الناس، وله في نفسه من الشغل ما لا يتفرغ لغيره"،

وقد وصف الدينوريَّ عدةُ أئمة بالحفظ والصدق، منهم ابن عدي حيث قال: وعبد الله بن حمدان قد قبله قوم وصدقوه والله أعلم". وقال الإسماعيلي:" كان صدوقاً إلا أن البغداديين تكلموا فيه وحملوا عليه"،

وقال أبو عبد الله الحاكم: سألت أبا علي الحافظ عنه؟ فقال:"كان صاحب حديث حافظا، ثم قال أبو علي: بلغني أن أبا زرعة كان يعجز عن مذاكرته في زمانه"،

وقال الصفدي: هو الحافظ الكبير، طوف الأقاليم وسمع، كان أبو زرعة يعجز عن مذاكرته"، وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ والسيوطي في طبقات الحفاظ، فأقل أحواله أن يكون صدوقا والله أعلم،

والعباس بن الوليد هو ابن مزيد البيروتي ثقة، ويحيى بن عيسى صدوق يخطئ، ويحى بن أيوب صدوق، وعدي بن ثابت ثقة، فحسُن الحديث، وله متابعة أخرى:

د. كذلك رواها أبو حنيفة في مسنده عن مخول بن راشد عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر الأضحى، فأكثروا فيهن من ذكر الله تعالى».

قال الحافظ ابن حجر في شرح متن الحديث :" إنَّ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ إِنَّمَا شُرِّفَ لِوُقُوعِ أَعْمَالِ الْحَجِّ فِيهِ , وَبَقِيَّةُ أَعْمَالِ الْحَجِّ تَقَعُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَالرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَتِمَّاتِهِ فَصَارَتْ مُشْتَرِكَةً مَعَهَا فِي أَصْلِ الْفَضْلِ , وَلِذَلِكَ اِشْتَرَكَتْ مَعَهَا فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي كُلٍّ مِنْهَا"،

. وأما عن وصل الأحاديث السابقة التي علقها البخاري في الصحيح: بَاب فَضْلِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ" أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ"،

فإن هذه الآثار ظاهرة في التكبير الجماعي، لأن الباء في لغة العرب للمصاحبة والمعية، بل قد ورد ذلك نصا صريحا:

الدليل الرابع: أثر أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما، وتكبير الناس معهما أيام العشر:

قال البخاري في الصحيح تعليقا: " وكان ابن عمر، وأبو هريرة: «يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما»

وقد ورد موصولا من غير وجه:

وصلهما الفاكهي في أخبار مكة (2/372) بلفظ أصرح فقال: باب ذكر التكبير بمكة في أيام العشر وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر، حدثني إبراهيم بن يعقوب عن عفان بن مسلم ثنا سلام بن سليمان أبو المنذر القارئ ثنا حميد الأعرج عن مجاهد قال:« كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما يخرجان أيام العشر إلى السوق فيكبران، فيكبر الناس معهما، لا يأتيان السوق إلا لذلك »,

وورد بلفظ:" يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا"،

وهما نص منطوق في المصاحبة والمعية وتوحيد التكبير مع الأئمة كهيئة رجل واحد، يكبر فيكبر الناس بتكبيره، بيد أن التلفية العلمانية قوم يعتقدون بالتبديع أولا، ثم يبحثون عما يوافق أهواءهم مما يخالف قول أهل الإسلام، فإن وجدوا ما خالف هواهم إما ضعفوه، وإلا أوّلوه، فلا صريح إلا ما وافق أهواءهم، وإنا بعون الله سنأتيهم بكلام السلف والخلف صريحا في توحيد التكبير الجماعي.

الدليل الخامس: وجاء توحيد التكبير الجماعي الموحد عن عامة الصحابة:

كان الرجل منهم أحيانا ما يكبر ويكبر الناس خلفه معا، وأحيانا يكبرون معا، ولهم أن يكبروا فرادى إذا خلوْ، وكل ذلك سنة:

قال أبو بكر(3/250): باب في التكبير أيام التشريق، حدثنا أبو أسامة عن مسكين أبي هريرة قال: سمعت مجاهدا وكبر رجل أيام العشر فقال مجاهد: أفلا رفع صوته فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر في المسجد فيرتج بها أهل المسجد، ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي حتى يبلغ الابطح فيرتج بها أهل الابطح، وإنما أصلها من رجل واحد"،

والرجة هي المبالغة في اجتماع الأصوات كصوت رجل واحد كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/462) عن قول البخاري:" قال: كان عمر يكبر في قبته بمنى ويكبر أهل المسجد ويكبر أهل السوق حتى ترتج منى تكبيرا "، وورد بزيادة [تكبيرا واحدا] كما سيأتي، ثم قال ابن حجر :" وقوله:" ترتج"، بتثقيل الجيم أي تضطرب وتتحرك وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات ".

ويُستدل له بما رواه عطاء قال: " أدركت مائتين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد إذا قال الإمام: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7]، سمعت لهم رجة بآمين "، وإنما يؤمن الناس معا، فكذلك التكبير:

الأثر السادس: قال ابن رجب الحنبلي في الفتح:" وروى المروزي عن ميمون بن مهران قال: أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركِهم التكبير".

الأثر السابع: وفيه نهي الجبارِ الحجاجِ الصحابةَ والتابعين عن التكبير، فلما أهلكه الله رجعوا للتكبير:   

قال الفاكهي من باب ذكر التكبير بمكة في أيام العشر وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر، حدثنا أبو بشر ثنا بشر بن عمر عن حماد بن سلمة عن ثابت قال:« كان الناس يكبرون أيام العشر حتى نهاهم الحجاج»، قال:" والأمر بمكة على ذلك إلى اليوم، يكبر الناس في الأسواق في العشر",

المطلب الثاني: الأدلة المقطوعة عن التابعين ومن بعدهم:

المسألة الأولى: من كان يكبر منهم: 

حيث كانوا يكبرون مع الصحابة وورثوا هذه السنة عنهم كما في الآثار السابقة التي رووها عن الصحابة وغيرهم، إضافة إلى:

الأثر الأول: قال الفريابي في أحكام العيدين: ثنا إسحاق بن راهويه أنا جرير عن يزيد بن أبي زياد قال: رأيت سعيد بن جبير ومجاهدا وعبد الرحمن بن أبي ليلى أو اثنين من هؤلاء الثلاثة، ومن رأيْنا من فقهاء الناس يقولون في أيام العشر: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد",

وقد مضى عن مجاهد قوله: " كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما يخرجان أيام العشر إلى السوق، فيكبران، فيكبر الناس معهما، لا يأتيان السوق إلا لذلك "

المسألة الثانية: من لم يعرف التكبير في العشر وتوجيه قوله:

وقد خالف الجماهيرَ في أصل التكبير من أيام العشر: الحكم وحماد، زمن أتباع التابعين فلم يعرفاه،

وأما التكبير المطلق والمقيد يوم عرفة وأيام التشريق فلا يعرف عن أحد من السلف إنكاره أو عدم معرفته، وإنما لم يعرف بعضهم حكم التكبير أيام العشر.  

الأثر الأول: قال أبو بكر (3/250) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة قال: سألت الحكم وحمادا عن التكبير أيام العشر فقالا: محدث"،

كذا قال عنهما ابن مهدي، وخالفه بشر بن عمر فقال عنهما:" لم يعرفاه 

قال الفاكهي حدثنا أبو بشر ثنا بشر بن عمر عن شعبة قال:« سألت الحكم وحمادا عن التكبير أيام العشر؟ فلم يعرفاه»

قال الحافظ ابن رجب في الفتح:" لم تبلغهما الأخبار"،

هذا هو الظن بهما، والعبرة بفعل الصحابة والتابعين، ومن خالف الإجماع فلا يحل تقليده، ومن عرف حجة على من لم يعرف:

الأثر الثاني: وفيه بيان من هم سلف المانعين من التكبير، وهو الحجاج الكذاب المبير، الذي منع الصحابة والتابعين من التكبير، فلما هلك رجع السلف للتكبير، وقد عهدنا عن التلفية العلمانية اتباع كل كذاب كبير، ومخالفة كل حق مبين كما مر. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المبحث الثاني: التكبير المطلق جماعات وفرادى أيام العيد والتشريق

أثر أول: خرج المروزي عن الزهري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أيام التشريق كلها" وهو مرسل،

أثر ثاني: بلاغ مالك عن عمر:

خرجه مالك في الموطإ باب تكبير أيام التشريق (803) عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر بمنى حين ارتفع النهار شيئاً، فكبرَّ، وكبرَّ الناس بتكبيره، ثم خرج الثانية في يومه ذلك بعد ارتفاع النهار، فكبرَّ وكبرَّ الناس بتكبيره حتى بلغ تكبيرهم البيت، ثم خرج الثالثة من يومه ذلك حين زاغت الشمس فكبرَّ، وكبرَّ الناس بتكبيره"،

"وكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الْأَيَّامَ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا ". 

والباء في لغة العرب للاستعانة والمصاحبة، فيكبر الإمام ثم يكبر الناس بمصاحبة تكبيره كما فهم السلف:

قال مالك:" الأمر عندنا , أن التكبير أيام التشريق خلف الصلوات، وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه، خلف صلاة الظهر من يوم النحر , وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه، خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، ثم يدع التكبير.

الأثر الثالث: حديث عمر في توحيد التكبير، واستحبابه بعد تكبير الإمام:

1/ علقه البخاري في الصحيح جازما فقال :" بَاب التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ, وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا".

والرجة :" هي المبالغة في اجتماع الأصوات"، كما قال ابن حجر في الفتح.

استدلالا بحديث الرجة ب: آمين"، وهي بصوت واحد ،

وهذا أثر صحيح موصول من طرق كثيرة صريحة في توحد التكبير معا:

2/ قال البيهقي في السنن (3/312): اخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن اسحق قال قال أبو عبيد فحدثني يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، فيسمعه أهل السوق فيكبرون، حتى ترتج منى تكبيرا واحدا ".

وهي رواية صحيحة صريحة في الموافقة في التكبير الجماعي حتى يصير تكبيرا واحدا، ورواية ابن جريج عن عطاء هي موصولة مسموعة كما ذكر الحفاظ، بل كما ذكر ابن جريج نفسه أنه لا يحدث عن عطاء إلا سماعا ولا يدلس عنه، وقد توبع:

قال ابن المنذر في الأوسط قال: حدثنا سهل بن عمار ثنا محمد بن عبيد الله ثنا طلحة عن عبيد بن عمير قال:« كان عمر يكبر في قبته بمنى فيكبر أهل المسجد، فيكبر بتكبيرهم أهل منى، ويكبر بتكبيرهم أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا »،

3/ قال ابن المنذر حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا حماد عن عمرو بن دينار عن أبي نجيح أن عمر كان يكبر في الدار أيام التشريق, فيسمع أهل المسجد تكبيره فيكبرون، حتى يكبر أهل السوق، حتى يكبر أهل الجمار، حتى يكبر من بين الجبلين، حتى يكبر الناس أهل الطواف»،

الأثر الرابع: أثر ابن عمر الذي علقه البخاري في الصحيح: فقد وصله ابن المنذر في الأوسط قال: حدثنا موسى بن هارون ثنا أبي ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج أخبرني نافع أن ابن عمر كان يكبر بمني تلك الأيام خلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، وفي ممشائه تلك الأيام جميعا».

بل إنّ ابن عمر كان لا يكبر التكبير المقيد خلف الصلوات فردا إلا إذا كان في جماعة مع الإمام:

كما سيأتي عن نافع عن ابن عمر «أنه كان في أيام التشريق إذا لم يصل في الجماعة، لم يكبر أيام التشريق »، وفيه دليل على مشروعية التكبير الجماعي المقيد.

الأثر الخامس: وفيه إلزامية التكبير في المصلى يوم العيد مع الإمام، لأنه الأفضل:

قال أبو بكر (1/488) حدثنا يزيد عن ابن أبي ذئب عن شعبة قال: كنت أقود ابن عباس، يوم العيد، فيسمع الناس يكبرون، فقال: «ما شأن الناس؟» قلت: يكبرون، قال: «يكبرون؟» قال: «يكبر الإمام؟» قلت: لا، قال: «أمجانين الناس»

توبع يزيد:

فقال الطحاوي في مشكل الآثار (14/40) حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس قال: كنت أقود ابن عباس إلى المصلى، فيسمع الناس يكبرون، فيقول: " ما شأن الناس، أيكبر الإمام؟، فأقول: لا، فيقول: أمجانين الناس؟

استدل به أبو حنيفة أن التكبير لا يكون إلا مع الإمام جماعة، ولم يصح.

لكن قد ورد عن ابن عباس أيضا التكبير من غير إمام.

الأثر السابع: بقية أحاديث ابن عباس: قال ابن حاتم في تفسيره حَدَّثَنَا أَبِي ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الْمَسْجِدِ:"وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" يَوْمُ الصَّدَرِ، بَعْدَ مَا صَدَرَ يُكَبِّرُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَذْكُرُ "،

وكذلك رواه سفيان عن عمرو:

الأثر الثامن: قال البيهقي في سننه (3/313): اخبرنا الشريف أبو الفتح انبأ أبو الحسن بن فراس ثنا أبو جعفر الدبيلي ثنا أبو عبد الله المخزومي ثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال سمعت ابن عباس يكبر يوم الصدر، ويأمر من حوله أن يكبروا، فلا ادري تأول قول الله عزوجل (واذكرا الله في ايام معدودات) أو قوله (فإذا قضيتم مناسككم)".

الأثر التاسع: أثر ابن مسعود: قال أبو بكر في المصنف (1/490) حدثنا وكيع عن حسن بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله " أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد ".  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المبحث الثاني: التكبير المطلق، وبداية التكبير المقيد في يوم عرفة اليوم التاسع:

وإنما اختلفوا في بداية توقيت التكبير المقيد دبر الصلوات هل يبدأ بعد فجر يوم عرفة؟ أم بعد ظهر يوم العيد؟:   

قال البيهقي: باب سنة التكبير للرجال والنساء والمقيمين والمسافرين والذي يصلي سنة منفردا وفي جماعة ويصلي نافلة لقول الله جل ثناؤه (واذكروا الله في ايام معدودات) فعم ولم يخص، وقال (فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو اشد ذكرا), وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله وأنه صلى الله عليه وسلم كبر على الصفا وكان مسافرا, وروينا عن ابن عمر وانس بن مالك في تكبيرهم يوم عرفة عند الغد ومن منى إلى عرفة وكانوا مسافرين, وعن ام عطية في الحيض يخرجن يوم العيد فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس وكانت ميمونة رضي الله عنها تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف ابان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد, وكان الشعبي وابراهيم النخعي يقولان هذا القول وكان أبو جعفر محمد بن علي يكبر بمنى ايام التشريق خلف النوافل.

الأثر الأول : قال ابن حاتم في تفسيره حَدَّثَنَا أَبِي ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الْمَسْجِدِ:"وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" يَوْمُ الصَّدَرِ، بَعْدَ مَا صَدَرَ يُكَبِّرُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَذْكُرُ".

الدليل الثاني: خرجاه في الصحيح (خ 1659، م 1258) من طريق محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة, كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:" كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه",

واعجب بالتبديعية المارقة كيف ينكرون ما لم ينكره رسول الله وأصحابه.

الدليل الثالث: ولمسلم 1264 عن ابن عمر قال:" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهلل, فأما نحن فنكبر, قال: قلت: والله لعجب منكم كيف لم تقولوا له ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع",

وقد استدل بهما الشافعية والجمهور على بدإ التكبير المقيد يوم عرفة كما سيأتي.

فقال البيهقي في السنن (3/438) : باب من استحب ان يبتدئ بالتكبير خلف صلاة الصبح من يوم عرفة استدلالا بما اخبرنا أبو عبد الله الحافظ  ثم ذكر الحديث الذي في الصحيحين من طريق محمد بن ابي بكر الثقفي انه سأل انس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة, كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:" كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه",

ثم استدل بما في صحيح مسلم عن ابن عمر قال:" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهلل, فاما نحن فنكبر, قال: قلت: والله لعجب منكم كيف لم تقولوا له ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع",

الدليل الرابع: خرجه ابن حبان (3603) وابن خزيمة (2100) في صحيحيهما وأبوداود والترمذي والحاكم (1/600) وصححاه من حديث موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ"،

قال الشافعية: فأخبر عليه السلام أن عرفة من جملة أيام العيد التي يُكبر فيها، وقد استدلوا به على بداية التكبير من يوم عرفة.

ويُشكل عليه أن هذا الحديث محمول على الحُجاج بعرفة، لأنهم المرادون بالنهي عن صوم عرفة، وأما غيرهم فيُستحب لهم الصوم،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الثاني: التكبير المقيد بأدبار الصلوات أيام العيد والتشريق وعرفة:

قال البخاري في الصحيح :" باب فضل العمل في أيام التشريق ... وكبر محمد بن علي خلف النافلة

وقال البخاري أيضا: باب التكبير أيام منى، وإذا غدا إلى عرفة وكان ابن عمر «يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات ... وكن «النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد»

وقال البخاري في الصحيح: باب التكبير أيام منى، وإذا غدا إلى عرفة وكان عمر رضي الله عنه، «يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا» وكان ابن عمر «يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه، وممشاه تلك الأيام جميعا» وكانت ميمونة: «تكبر يوم النحر» وكن «النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد»

المبحث الأول: نقولٌ من الإجماع على مشروعية التكبير المقيد من حيث الجملة:

ذكرنا آنفا أن التكبير منه ما هو مطلق كأيام ذي الحجة والعيد، ومنه المقيد بدُبر الصلوات في أيام التشريق، وقيل من يوم عرفة،

فأما أيام التشريق: فكلها أيام ذكر وتكبير لله تبارك تعالى، كما قال تعالى في كتابه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ},

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعثَ عبد الله بن حُذافة يطوف في منى:"لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل"،

وفي الباب عن عائشة وعقبة وعلي ونبيشة وغيرهم، وقد فسر السلف الطيب هذا الذكر بالتكبير المطلق والمقيد بدبر الصلوات، فعليك بفهم السلف واجتنب تبديعات الخلف التلف:

وقال ابن المنذر حدثنا يحيى بن منصور ثنا سويد ثنا عبد الله عن الفزاري عن الأوزاعي قال:« بلغني في قوله: واذكروا الله في أيام معدودات الآية هو التكبير في دبر الصلوات في أيام التشريق".

.قال ابن العربي المالكي: لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ هَاهُنَا التَّكْبِير, وأَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَالْمَشَاهِيرُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّكْبِيرُ لِكُلِّ أَحَدٍ، حاجا أو غيره، وَخُصُوصًا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ؛ فَيُكَبِّرُ عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ صَلَاةٍ، كَانَ الْمُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ أَوْ وَحْدَهُ يُكَبِّرُ تَكْبِيرًا ظَاهِرًا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ" .

. وقال القرطبي: ولا خلاف أن المخاطب بهذا الذكر هو الحاج ، خوطب بالتكبير عند رمي الجمار، وعلى ما رزق من بهيمة الأنعام في الأيام المعلومات وعند أدبار الصلوات دون تلبية، وهل يدخل غير الحاج في هذا أم لا؟ فالذي عليه فقهاء الأمصار والمشاهير من الصحابة والتابعين على أن المراد بالتكبير كل أحد, حاجا أو غيره، وخصوصا في أوقات الصلوات, فيكبر عند انقضاء كل صلاة, كان المصلى وحده أو في جماعة, تكبيرا ظاهرا في هذه الأيام، اقتداءا بالسلف رضي الله عنهم, وفى المختصر: ولا يكبر النساء دبر الصلوات, والأول أشهر، لأنه يلزمها حكم الإحرام كالرجل، قاله في المدونة ".

. قال أبو جعفر الطبري: يعني جَلّ ذكره: أذكروا الله بالتوحيد والتعظيم في أيام مُحصَيات، وهي أيام رَمي الجمار. أمر عباده يومئذ بالتكبير أدبارَ الصلوات، وعند الرمي مع كل حصاة من حَصى الجمار يرمي بها جَمرةً من الجمار, قال: وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل",

. وقال البغوي في تفسيره: قوله تعالى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ} يعني التكبيرات أدبار الصلاة وعند الجمرات يكبر مع كل حصاة وغيرها من الأوقات {فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الأيام المعدودات: هي أيام التشريق، وهي أيام منى ورمي", قال البغوي: والتكبير أدبار الصلاة مشروع في هذه الأيام في حق الحاج وغير الحاج عند عامة العلماء",

. وقال البيضاوي:"واذكروا الله فِي أَيَّامٍ معدودات" كبروه في أدبار الصلاة وعند ذبح القرابين ورمي الجمار وغيرها",

. وقال الثعالبي: أَمَرَ اللَّه سبحانه بذكْره في الأيام المعدوداتِ، وهي الثلاثة الَّتي بعد يَوْم النحر، ومن جملة الذكْر التكبيرُ في إِثْر الصَّلواتِ".

. وقال النسفي: هي أيام التشريق وذكر الله فيها التكبير في أدبار الصلوات وعند الجمار", وبه قال النحاس والواحدي.

. وقال السعدي: ويدخل في ذكر الله فيها، ذكره عند رمي الجمار، وعند الذبح، والذكر المقيد عقب الفرائض، بل قال بعض العلماء: إنه يستحب فيها التكبير المطلق، كالعشر، وليس ببعيد".

وقال ابن قدامة في المغني:" وأما المقيد فهو التكبير في أدبار الصلوات ولا خلاف بين العلماء في مشروعية التكبير في عيد النحر, وإنما اختلفوا في مُدَّتِة "،

. وقال ابن رجب الحنبلي في شرح البخاري: اتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة، وليس فيهِ حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيهِ آثار عن الصحابة ومن بعدهم، وعمل المسلمين عليهِ",

وإنا نعوذ بالله من مخالفة الصحابة والسلف المسلمين، واتباع التلفية العلمانيين.

وقال الشيخ ابن تيمية في الفتاوى (2/370) :"وَأَمَّا التَّكْبِيرُ فِي النَّحْرِ فَهُوَ أَوْكَدُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُشْرَعُ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ وَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ عِيدَ النَّحْرِ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ وَعِيدَ النَّحْرِ أَفْضَلُ مِنْ عِيدِ الْفِطْرِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْعِبَادَةُ فِيهِ النَّحْرَ مَعَ الصَّلَاةِ"،

وكذلك قال المرداوي في الإنصاف:" واختار الشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية، أن التكبير في عيد الأضحى آكد، ونصره بأدلة كثيرة، وقال في النكت: التكبير ليلة الفطر آكد من جهة أمر الله به، والتكبير في عيد النحر آكد من جهة أنه يشرع أدبار الصلوات، وأنه متفق عليه".

وعلى هذا سار السلف والخلف والمسلمون كافة لم يخالف منهم أحد في استحباب التكبير الجماعي دبر الصلوات أيام التشريق، والله المستعان على من تعمد مخالفة سبيل المؤمنين،

وقد نقل بعض أتباع التلفية العلمانية هذا الكلام عن ابن تيمية ثم تعقبه بقوله:" ولا دليل على هذا الإجماع"، وبدّع التكبير، ثم لم يأت لقوله المحدث بأي دليل لينقض الإجماعات، اللهم إلا التهافت في التبديع التضليل، وأما كلام السلف وإجماعهم فما نقلناه، لم يختلفوا إلا في التوقيت، وهل يُستحبّ للمنفرد وحْده، بعد اتفاقهم على استحبابه جماعة، وإليكم أقوالهم:

المبحث الثاني: تفصيل مواطن الإجماع على مشروعية التكبير المقيد من حيث الجملة، والاختلاف في توقيته ومكانه وهيأته، وهل يكون جماعة فقط:

المطلب الأول: هل التكبير مقيد بالتكبير الجماعي مع الإمام جماعة فقط، أم يصح التكبير الفردي للفذ، وبيان تكبير النساء معهم:

قال ابن الجوزي في تفسيره: وهل يختص هذا التكبير عقيب الفرائض بكونها في جماعة أم لا؟ فيه عن أحمد روايتان, إحداهما: يختص بمن صلاها في جماعة، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله. والثانية: يختص بالفريضة وإن صلاها وحده وهو قول الشافعي ".

القول الأول: من ذهب إلى ترك التكبير إلا إذا كبر مع الإمام جماعة: وهو قول العراقيين والحنفية:

حيث ذهبت طائفة إلى أن المنفرد لا يكبر إلا إذا صلى مع الإمام فيكبر الناسُ جماعةً بتكبير الإمام.

وهو مروي عن ابن عمر كما سيأتي، وهو مذهب العراقيين وأبي حنيفة أن التكبير على المقيم المصلي في الجماعة، إلا أن يصلي المسافر وراء مقيم فيكبر بتكبيره.

قال أبو بكر حدثنا حفص، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، قال: «لا يكبر إلا أن يصلي في جماعة»

وقد يستدلون بخبر منكر، لكنه حجة عليهم لأنه قد روي عن ابن عباس إنكار التكبير في المصلى فقط إن لم يكبر معهم الإمام، وهذا يدل على عنده على استحباب التكبير الجماعي مع الإمام فقط:

قال الطحاوي في مشكل الآثار قال:" فقال قائل: قد روي عن عبد الله بن عباس ما يخالف ما في هذه الآثار فذكر ما قد حدثنا بكار بن قتيبة حدثنا أبو عامر العقدي ثنا ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس قال: كنت أقود ابن عباس إلى المصلى، فيسمع الناس يكبرون، فيقول: ما شأن الناس، أيكبر الإمام؟ فأقول: لا، فيقول: أمجانين الناس ؟ »،

قيل له: هذا خبر منكر، آفته شعبة، فقد قال عنه ابن حبان: يروى عن ابن عباس مالا أصل له كأنه ابن عباس آخر، ونقل عن مالك قوله: لم يكن بثقة، وكذا نقل البخاري من ترجمته، ثم هو مخالف لما رواه الجمع من الثقات في تكبير ابن عباس فردا وجماعة كما مضى.

ويروى عن عبد الله بن عمر إلى ترك التكبير المقيد إلا إذا كان يصلي في جماعة، فيكبر مع الإمام.

واستدل ابن قدامة الحنبلي على التكبير الجماعي مع الإمام إذا كبر، بما قاله في الشرح الكبير والمغني:" فأما ابن عباس فكان يقول يكبرون مع الامام ولا يكبرون وحدهم، وهذا خلاف مذهبهم"،

وقال ابن قدامة في المغني (2\127) :« فصل والمسافرون كالمقيمين فيما ذكرنا وكذلك النساء يكبرن في الجماعة، وفي تكبيرهن في الانفراد روايتان كالرجال، قال ابن منصور: قلت لأحمد: قال سفيان: لا يكبر النساء أيام التشريق إلا في جماعة؟ قال: أحسن"، وقال البخاري: كان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد"،

واستدل بحديث أم عطية في الصحيح :"يكبرن مع الناس"

القول الثاني: مشروعية التكبير الفردي في الفريضة والنافلة، مع أن الجماعي مع الإمام أفضل منه.

وهو قول جمهور السلف والخلف، قالوا:

والتكبير على كل أحد مفرداً كان أو في جماعة، مسافرا كان أو مقيما عقب كل فريضة أو نافلة، وبه قال الشافعي وأبو يوسف وأحمد وبه قال جماهير الصحابة والتابعين.

قال أبو بكر في الرجل يصلي وحده يكبر أم لا؟ حدثنا حفص بن غياث، عن عمرو، عن الحسن، قال: «إذا صلى وحده، أو في جماعة، أو تطوع كبر»

وخرج عن الشعبي، قال: «كبر في التطوع، وإن صليت وحدك»

وعن مجاهد قال: «التكبير أيام التشريق في كل نافلة وفريضة»، ثم نقله عن الصحابة :

قال أبو بكر حدثنا علي بن مسهر، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الكريم، عن مجاهد قال: «كانوا يكبرون في دبر الركعتين يوم النحر»

 

المطلب الثاني: الاختلاف في توقيته وبدايته وانتهائه:

فذهبت طائفة إلى بدئه من فجر يوم عرفة، وقيل بعد ظهر يوم العيد:

واتفقوا على أنه ينهي بآخر يوم من أيام التشريق، قيل ظهرا وقيل عصرا... إلا ما روي عن بعضهم أنه ينتهي عصر يوم النحر.

القول الأول: من قال ببدئه من فجر عرفة إلى عصر آخر يوم في التشريق:

وهو قول الجمهور، بل نقله بعضهم إجماعا، وقد ذكر ابن كثير في التفسير قال:" ويتعلق به أيضًا الذكر المؤقت خلف الصلوات، والمطلق في سائر الأحوال, وفي وقته أقوال للعلماء، وأشهرها الذي عليه العمل أنَّه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وهو آخر النَّفْر الآخِر. وقد جاء فيه حديث رواه الدارقطني، ولكن لا يصح مرفوعا والله أعلم. وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يكبر في قبته، فيكبر أهل السوق".

.وقال شيخ الاسلام ابن تيمية في المجموع (24/222):" وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي فِي السُّنَنِ وَقَدْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ:" يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ مِنًى عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ"، قال: وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ أَهْلَ الْأَمْصَارِ يُكَبِّرُونَ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلِحَدِيثٍ آخَرَ رَوَاهُ الدارقطني عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وَلِأَنَّهُ إجْمَاعٌ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ"،

وبه قال أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد "،

. ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله أنه سئل: أي حديث تذهب إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ قال: بالإجماع",

. قال ابن قدامة في المغني (2/245):" ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم"،

وإنما نقلا الإجماع على ذلك لأن من قال ببدإ التكبير من يوم الأضحى لم ينكر هذا القول ولا زعم أنه بدعة، وإنما الاختلاف في الأفضل فقط. 

. وقال النووي في الأذكار:"وأما عيد الأضحى فيكبر فيه من بعد صلاة الصبح من يوم عرفة إلى أن يصلي العصر من آخر أيام التشريق، ويكبر خلف هذه العصر ثم يقطع، هذا هو الأصح الذي عليه العمل، وفيه خلاف مشهور في مذهبنا ولغيرنا، ولكن الصحيح ما ذكرناه"،

. وقال ابن المنذر: قالت طائفة: يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، يكبر في العصر ثم يقطع التكبير، هكذا قال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس والزهري ومكحول، وبه قال سفيان الثوري وأحمد بن حنبل وأبو ثور ويعقوب ومحمد"،

قال ابن المنذر: وفيه قول ثان وهو أن يبدأ التكبير من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم المنى، هذا قول عبد الله بن مسعود، وبه قال علقمة والنخعي وعثمان. وقد روينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال غير ذلك، روينا عنه أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة ويقطع في الظهر من يوم النحر"،

. وقال الحاكم: فأما من فعل عمر وعلي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود فصحيح عنهم التكبير من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق"، وقال البيهقي: وقد روى في ذلك عن عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم".

ثم اختلفوا متى ينتهي؟

فقالت طائفة: ينتهي بعد عصر آخر يوم وهو قول الأكثرين، وقال بعضهم إلى عصر يوم النحر، وبه قال ابن مسعود، ورواية عن الإمام أحمد،

والأشهر الصحيح بدأ التكبير من صبح عرفة إلى عصر آخر يوم تشريقي.

قيل لأحمد: بأي شيء تذهبُ إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟، قال: بالإجماع عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم ".

وقال الحاكم في المستدرك :" فأما من فعل عمر وعلي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود فصحيح عنهم التكبير من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق"،

وقال البيهقي: وقد روى في ذلك عن عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم "،

فتأمل يا مريد اتباع أصحاب رسول الله في هديهم وأدلتهم:

القول الثاني: يبتدئ من ظهر يوم الأضحى إلى عصر آخر يوم تشريقي، وقيل من الصبح:

وهو قول المالكية والشافعية:

وقد نص الإمام مالك في موطئه من باب التكبير أيام التشريق على المعية وتوحيد التكبير، فقال :" الأمر عندنا أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات، وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر، وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع التكبير،

قال مالك:" والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء من كان في جماعة أو وحده بمنى أو بالآفاق كلها واجب، وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج وبالناس بمنى، لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل، فأما من لم يكن حاجا فإنه لا يأتم بهم الا في تكبير أيام التشريق"، وهو نص صريح في المطلوب.

وكذلك نص الشافعي في الأم (1/241ـ257) على المعية وتوحيد ذلك التكبير:" ويكبر الحاج خلف صلاة الظهر من يوم النحر إلى أن يصلوا الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطعون التكبير إذا كبروا خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ويكبر إمامهم خلف الصلوات فيكبرون معا ومتفرقين ليلا ونهارا وفى كل هذه الاحوال ,

قال: ويكبر الناس في الآفاق والحضر والسفر كذلك، ومن يحضر منهم الجماعة ولم يحضرها والحائض والجنب وغير المتوضئ في الساعات من الليل والنهار، قال:" ويكبر الامام ومن خلفه خلف الصلوات ثلاث تكبيرات وأكثر وإن ترك ذلك الامام كبر من خلفه، ويكبر أهل الآفاق كما يكبر أهل منى ولا يخالفونهم في ذلك إلا في أن يتقدموهم بالتكبير،...

قال الشافعي:" ويكبر الامام خلف الصلوات ما لم يقم من مجلسه فإذا قام من مجلسه لم يكن عليه أن يعود إلى مجلسه فيكبر وأحب أن يكبر ماشيا كما هو أو في مجلس إن صار إلى غير مجلسه، قال: ولا يدع من خلفه التكبير بتبكيره ولا يدعونه إن ترك التكبير 

. وقال البيهقي:"باب من قال يكبر في الأضحى خلف صلاة الظهر من يوم النحر إلى أن يكبر خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع استدلالا بأن أهل الأمصار تبع لأهل منى والحاج ذكره التلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر ثم يكون ذكره التكبير",

القول الثالث وما بعده: مثل قول مالك لكن ينتهي عصرا، وقيل ظهرا:

قال ابن المنذر:... وفيه قول رابع قاله يحيى الأنصاري قال: السنة عندنا في التكبير في أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق يكبر الظهر ثم يمسك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المطلب الثالث: أدلة العلماء في توقيت التكبير المقيد،

المسألة الأولى: أدلة من قال ببدئه بعد ظهر يوم النحر وقطعه بعد صبح آخر أيام التشريق:

وهو قول مالك والشافعي كما مر.  

قال البيهقي: باب من قال يكبر في الاضحى خلف صلاة الظهر من يوم النحر إلى ان يكبر خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع استدلالا بأن أهل الامصار تبع لأهل منى والحاج ذكره التلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر ثم يكون ذكره التكبير ",

الأثر الأول: أثر ابن عمر:

قال البيهقي: واخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه انبأ عبد الله بن محمد عن أبي عبد الله المروزي يعني محمد بن نصر ثنا يحيى بن يحيى عن وكيع عن العمري عن نافع عن ابن عمر انه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق"،

توبع وكيع:

وكذلك خرجه الدارقطني عن عَبْد اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بلفظ:" أَنَّهُمْ كَانُوا يُكَبِّرُونَ فِى صَلاَةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلاَةِ الظُّهْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُكَبِّرُونَ فِى الصُّبْحِ وَلاَ يُكَبِّرُونَ فِى الظُّهْرِ"،

قال أبو بكر بن المنذر: وقد روينا هذا القول عن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا حماد عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق»,

 لكن مدار كل هذه الآثار العمري وهو ضعيف، وقد يظن أنه قد توبع، لكن حدث تصحيف:

قال الطبراني في فضل عشر ذي الحجة باب من كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق 45 حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق يقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".

وعبيد الله هو تصحيف والله أعلم والصواب أنه عبد الله أخوه الضعيف.

وقد ثبت عن ابن عمر أنه كان يرى التكبير في جماعة فقط لا فذّا، كما قالت الحنفية:

فقد قال أبو حنيفة : يختص التكبير بإدبار الصلوات المكتوبة في جماعة".

واستدلوا بما قاله ابن المنذر حدثنا محمد بن يحيى ثنا أحمد بن حنبل ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحمن عن زيد بن أبي أنيسة عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر أنه كان إذا صلى وحده في أيام التشريق لم يكبر», وهذا يعني أنه لا يكبر إلا في بعد صلاة الجماعة مع الناس .

وقال الحسن بن عرفة حدثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر وعبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان في أيام التشريق إذا لم يصل في الجماعة لم يكبر أيام التشريق »، ويفهم منه أنه إذا كان في جماعة كبر معهم،

ورواه عبد الرزاق أخبرنا ابن أبي رواد عن نافع عن بن عمر أنه كان يكبر ثلاثا وراء الصلوات بمنى ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"،

وقد جاء ما يشهد لهذا كما سيأتي:

أثر ثاني: أثر زيد:  

خرج الطبراني في فضل عشر ذي الحجة 50 - حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا أبو عوانة عن عبد الحميد بن أبي رباح عن رجل من أهل الشام أن زيد ابن ثابت كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.

الأثر الثالث: خرج الطبراني في فضل عشر ذي الحجة 49- حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء بن أبي رباح أنه كان يكبر من صلاة الظهر من يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق ".

الأثر الرابع: الخليفة عمر بن عبد العزيز:

قال الطبراني 46 - حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن حميد قال صليت مع عمر بن عبد العزيز فكان يكبر من الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق.

أثر خامس: قال الطبراني 47 - حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ثنا سليمان بن داود ثنا عبد الله بن وهب حدثني عميرة بن أبي ناجية عن يحيى بن سعيد الأنصاري وابن أبي سلمة يعني عبد الله بن أبي سلمة الماجشون أنهما كانا يكبران من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق".

أثر سادس: قال البيهقي: وروى عبد الحميد بن ابي رباح عن رجل من أهل الشام عن زيد بن ثابت انه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق",

واليوم ينتهي بعد العصر،

وقد وصله أبو بكر (1/489)قال: حدثنا زيد بن الحباب نا أبو عوانة عن عبد الحميد بن رباح الشامي عن رجل من أهل الشام عن زيد بن ثابت أنه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق يكبر في العصر"، ولم يصح. 

الأثر السابع: قال البيهقي: وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال:" إن الأئمة كانوا يكبرون من صلاة الظهر يوم النحر يبتدئون بالتكبير كذلك إلى آخر ايام التشريق"،

وصله الفاكهي (4/227) عن ابن جريج قال عطاء:« كان الأئمة يكبرون خلف الصلوات بمنى أيام منى كلها قبل أن يقوم الإمام بمنى ، فأما بمكة فلا »،

وقد أخبر عطاء بأنه أدرك أكثر من مئتين من اصحاب محمد عليه السلام ، ولا يوجد لهم منكر.

الأثر الثامن: روى عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم قال: رأيت الأئمة رضي الله عنهم يكبرون أيام التشريق بعد الصلاة ثلاثا"، وعن الحسن مثله.

أثر تاسع: قال ابن شهاب الزهري:" مضت السنة أن يكبر الإمام في الأمصار دبر صلاة الظهر من يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق"، وروي ذلك عن عطاء.

دليل عاشر: خرجه الطبراني في الكبير(7/312) ثَنَا أَحْمَدُ بن عَبْدِ الْكَرِيمِ الزَّعْفَرَانِيُّ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بن حَفْصٍ الشَّيْبَانِيُّ ثَنَا سُلَيْمَانُ بن دَاوُدَ السَّعْدِيُّ أَبُو دَاود ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بن عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِي ثَنَا شَرْقِيُّ بن قَطَامِيٍّ عَنْ عَمْرِو بن قَيْسٍ عَنْ مُحِلِّ بن وَدَاعَةَ عَنْ شُرَيْحِ بن أَبْرَهَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مِنًى، يُكَبِّرُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ"،

توبع العسكري : 

فقال ابن قانع في الصحابة من ترجمة أبرهة: حدثنا الحسين بن بهار العسكري نا عمر بن حفص الدمشقي نا سليمان بن داود السعدي نا عبد الواحد بن عبد الله النصري نا شرقي بن قطامي عن عمرو بن قيس عن علي بن وداعة عن شريح بن أبرهة قال:« رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أيام التشريق حين يخرج إلى منى يكبر في دبر كل صلاة مكتوبة»، توبع عمر بن حفص :

فقال الطبراني في الأوسط (7/205)حدثنا محمد بن نصير ثنا سليمان بن داود الشاذكوني ثنا عبد الواحد بن عبد الله الأنصاري نا شرقي بن القطامي به،

قال الهيثمي من باب التكبير وأيام منى:" رواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه وفيه شرقي بن القطامى وهو ضعيف"، وقد ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان.

أثر حادي عشر: اثر ابن عباس والاختلاف فيه:

قال الطبراني في فضل عشر ذي الحجة باب من كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.

48 - حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا يحيى الحماني ثنا شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يكبر من صلاة الظهر من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق ".

قال: وخالف خصيف الحكم بن فروخ والصحيح عن ابن عباس ما رواه الحكم بن فروخ ".

قال البيهقي (3/313): اخبرنا أبو عبد الله ثنا أبو بكر ثنا عبد الله عن ابي عبد الله قال ثنا احمد بن عمرو النيسابوري عن وكيع عن شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس انه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر ايام التشريق"،

خصيف ضعيف وقد خولف في وصله،

فقال ابن حاتم في تفسيره حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيّ ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ثنا الْحَكَمُ بْنُ إِبَّانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ:"وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" قَالَ: التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ".

والأصح عن ابن عباس البدء من يوم عرفة كما سيأتي،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المسألة الثانية: أدلة الجمهور على بدئه من فجر عرفة إلى عصر آخر يوم، وبعضهم إلى ظهره:

قاله عمر ، وعليّ ، وابن عباس وجمهور السلف.

يبدأ من صلاة الصبح يوم عرفة إلى أن يصلي الصبح آخر أيام التشريق ، وهي رواية عن مالك أيضا كما ذكر أبو حيان في المحيط.

وقد مر استدلال الإمام أحمد وغيره بإجماع الصحابة على ذلك، وقد استدل الجمهور بعدة أدلة:

الجنس الأول: الأدلة من الآثار الموقوفة:

الأثر الأول: أثر ابن عباس: وهو صحيح عنه مشهور:

قال أبو بكر بن أبي شيبة (1/489) ثنا يحيى بن سعيد عن أبي بكار (هو الحكم بن فروخ) عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، ولا يكبر في المغرب: الله أكبر الله أكبر كبيرا، الله أكبر تكبيرا، الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد",

وكذلك رواه مسدد وأحمد بن حنبل واسحق بن ابراهيم ومحمد بن رافع وبندار كلهم عن يحيى بن سعيد القطان عن الحكم بن فروخ عن عكرمة به وروايته أصح كما قال الطبراني،

وخالفه خصيف وهو ضعيف, فجعل التكبير من بعد ظهر عرفة كما مر، وهو منكر، والأول أولى، ويروى عن غير ابن عباس:

الأثر الثاني: أثر أمير المؤمنين عمر: خرجه أبو بكر في المصنف (1/488) قال: حدثنا أبو أسامة عن أبي عوانة عن حجاج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر أنه كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق "،

وهذا لأنه إمام، وقد تقدمت الروايات في أن الناس يكبرون خلفه تكبيرة رجل واحد وورد استمرار التكبير إلى العصر: 

قال ابن المنذر: حدثنا محمد بن الصباح ثنا عبد الرزاق عن ابن التيمي عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير أن عمر كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق، يكبر في العصر يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد»,

وقال ابن المنذر: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا شعبة عن الحجاج عن عطاء عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب كان يكبر من يوم عرفة من صلاة الصبح إلى آخر أيام التشريق، ثم يمسك صلاة العصر », توبع مسلم:

قال الحاكم (1/439) : فأما من فعل عمر وعلي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود فصحيح عنهم التكبير من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق، فأما الرواية فيه عن عمر فأخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحجاج سمعت عطاء يحدث عن عبيد بن عمير قال:" كان عمر بن الخطاب يكبر بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق»,

ومن طريقه خرجه البيهقي ثم قال: كذا رواه الحجاج بن ارطاة عن عطاء, وكان يحيى بن سعيد القطان ينكره, - الحديث - قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ذاكرت به يحيى بن سعيد فانكره وقال هذا وهم من الحجاج، وإنما الاسناد عن عمر انه كان يكبر في قبته بمنى".

ثم قال البيهقي: والمشهور عن عطاء بن ابي رباح انه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر ايام التشريق، ولو كان عند عطاء عن عمر هذا الذي رواه عنه الحجاج لما استجاز لنفسه خلاف عمر والله اعلم",

مدار هذا الأثر الحجاج بن أرطاة وقد صرح بالتحديث لكنه مختلف في توثيقه وإنما عيب عليه كثرة التدليس، فقال حماد بن زيد: ما رأيت كوفيا أحفظ من الحجاج بن أرطاة، وقال ابن معين: صدوق ليس بالقويّ. وقال أبو حاتم: إذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب في صدقه وحفظه إذا بين السماع، وقال أبو زرعة: صدوق مدلّسٌ، وقال ابن خزيمة: لا احتج به إلا فيما قال أنا وسمعت، وقال البزار: كان حافظا مدلسا وكان معجبا بنفسه وكان شعبة يثني عليه، وذكره السيوطي في طبقات الحفاظ ونقل عن أحمد بن حنبل قوله: كان من الحفاظ، وقال ابن خراش: كان حافظاً للحديث. وقال الخطيب: كان أحد العلماء بالحديث والحفاظ له،.. ووثقه ابن ماكولا،

بينما ضعفه آخرون، وقد روى عنه هذا الحديث شعبة وهو ممن ينتقي من حديثه، وقد أطلق الحافظ ابن حجر أن شعبة كان لا يروي عن شيوخه المدلسين إلا ما سمعوه، فيكون الخبر حسنا، ولأجل ذلك صححه الحاكم والله أعلم،

كما أن الحجاج كان راوية عن عطاء، فقد وثقه العجلي وقال: كان حجاج راويا عن عطاء سمع منه"، وقد توبع الحجاج، فورد مثل ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم :

الأثر الثالث: أثر عمر وعلي وابن مسعود:

رواه البيهقي في السنن (3/314) (3/439) عن أبي يوسف القاضي في الآثار: ثنا مطرف بن طريف عن أبي اسحق قال: اجتمع عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم على التكبير في دبر صلاة الغداة من يوم عرفة, فأما أصحاب ابن مسعود فإلى صلاة العصر من يوم النحر, وأما عمر وعلي رضي الله عنهما فإلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق", توبع مطرف لكن مطلقا :

فقال أبو بكر: حدثنا يزيد بن هارون ثنا شريك قال: قلت لابي إسحاق: كيف كان يكبر علي وعبد الله ؟ قال: كانا يقولان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"،

وأما شواهد أثر أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فهي صحيحة عنه مشهورة:

الأثر الرابع: الخليفة علي:

1. خرجه أبو عبد الله الحاكم (1/440) وصححه عن هناد، وأبو بكر من باب التكبير من أي يوم هو إلى أي ساعة (1/488) قالا: حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن شقيق عن علي وعن علي بن عبد الاعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ويكبر بعد العصر"،

وقال البيهقي (3/439) :" واما الرواية الموصولة فيه عن علي رضي الله عنه فاخبرناه أبو عبد الله الحافظ فذكره.

وهذاحديث محفوظ: رواه زائدة عن عن عاصم عن شقيق به،

ورواه زائدة عن عبد الأعلى الثعلبي عن أبي عبد الرحمن، وكلاهما محفوظ :  

2. بدليل ما خرجه ابن المنذر في الأوسط قال: حدثنا موسى ثنا أبو بكر (في المصنف) ثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن شقيق عن علي، وعبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي قال: «يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق, يكبر بعد العصر».

وقد توبع حسين بن علي: 

3. فقال ابن المنذر: حدثنا إبراهيم بن الحارث ومحمد بن إسماعيل قالا: ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا زائدة عن عبد الأعلى الثعلبي عن أبي عبد الرحمن عن علي أنه كان يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ، ويكبر بعد العصر ويقطع », وله متابعة أخرى:

4. قال البيهقي :" وكذلك رواه أبو جناب عن عمير بن سعيد عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه"،

وهذا خرجه أبو بكر قال: حدثنا وكيع عن أبي حباب عن عمير بن سعيد عن علي أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق"، وله طريق أخرى :

5. خرجها عبد الرزاق نا الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي به، وله طريق أخرى:

6. قال ابن المنذر: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا حماد عن حجاج عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي أن عليا كان يكبر يوم عرفة صلاة الفجر إلى العصر من آخر أيام التشريق يقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، وكذلك رواه إبراهيم :

7. خرج روايته محمد وأبو يوسف في الآثار عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يكبر في صلاة الغداة من يوم عرفة إلى بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق"، قال محمد: وبه نأخذ،

وقال المسلمون جميعا: وبه نأخذ، وقال التلفية العلمانية: لا نأخذ بذلك مطلقا لأنه كله بدعة، فبدّعوا ما فعله أصحاب محمد عليه السلام جميعا، وخالفوا الإجماع وضللوا الأمة، وهم الضلال:

فهذا فِعل الخلفاء والأئمة من الصحابة المهديين، بإقرار من جميع الآخرين، لأن هذا الفعل كان في المسجد دبر الصلوات بحضورهم جميعا، يكبرون بعد تكبير إمامهم، وقد خاب وخسر وضل من زعم أنهم على بدعة، وراح يحلم بأنه على سنة !!!!

الأثر الخامس : أثر ابن مسعود وأصحابه: وهو متواتر عنهم، مرت بعض طرقه وهذه أخرى :

1. خرجه أبو بكر من باب كيف يكبر يوم عرفة (1/490)قال: حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال: كانوا يكبرون يوم عرفة وأحدهم مستقبل القبلة في دبر الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"،

قال الطبراني في فضل العشر باب من كان يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر 44 - حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا سعيد أخبرني الحكم وحماد عن إبراهيم قال كان عبد الله يقول التكبير أيام التشريق بعد صلاة الصبح من يوم عرفة إلى بعد صلاة العصر من يوم النحر

وهذه الرواية الصحيحة عن ابن مسعود.

2. وقال البيهقي: أما مذهب عبد الله بن مسعود في ذلك فقد رواه الثوري عن أبي إسحق عن الاسود عن عبد الله موصولا ورواه جماعة عن ابن مسعود "،

فقال البيهقي (3/314) أخبرنا أبو حازم الحافظ ثنا أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ ثنا أبو العباس أحمد بن جعفر البلخي ببغداد ثنا علي بن مسلم الطوسي ثنا أبو يوسف يعني القاضي وهو في الآثار له: ثنا مطرف بن طريف عن أبي إسحاق قال: اجتمع عمر وعلي وبن مسعود رضي الله عنهم على التكبير في دبر صلاة الغداة من يوم عرفة فأما أصحاب بن مسعود فإلى صلاة العصر من يوم النحر وأما عمر وعلي رضي الله عنهما فإلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق"،

. وقال الطبراني في الكبير(9/307) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن النَّضْرِ الأَزْدِي ثَنَا مُعَاوِيَةُ بن عَمْرٍو نَا زُهَيْر ثَنَا أَبُو إِسْحَاق عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ صَلاةَ الْغَدَاةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَقْطَعُ صَلاةَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، يُكَبِّرُ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ"، قَالَ:"وَكَانَ يُكَبِّرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ"، قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا إسحاق لم يسم من حدثه"، لكن قد سمى بعض من حدثه :

. قال ابن المنذر: حدثنا علي بن الحسن ثنا عبد الله بن الوليد عن سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله بن مسعود أنه كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر يقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد».

. تابعه ابن مهدي عن سفيان عن أبى إسحق عن الأسود أن عبد الله كان يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر"، توبع سفيان:

فقال أبو بكر: حدثنا وكيع عن حسن بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله أنه كان يكبر أيام التشريق الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"،

توبع سفيان وحسن: 

فقال أبو بكر: حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن الاسود عن عبد الله أنه كان يكبر من صلاة القجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر مثل حديث وكيع"،

وروى عبد الرزاق نا الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي، وعن أبي إسحاق عن الأسود عن ابن مسعود أنهما كانا يكبران من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق"،

وقد توبع أبو إسحاق:

3/ قال أبو بكر (1/488): حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن غيلان بن جابر عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عبد الله أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر"، وكذلك رواه إبراهيم : 

4/ فقال الطبراني حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ ثَنَا حَجَّاجُ بن الْمِنْهَالِ َنَا شُعْبَةُ نِي الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ: "التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى بَعْدِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ"،

مراسيل إبراهيم عن عبد الله صحاح، وقد كان يروي عن الثقات من أصحابه عنه، كما أخبر عن نفسه، بل قد وصله صراحة: 

5/ خرج أبو يوسف في الآثار عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن أبي الأحوص عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في التكبير أيام التشريق :«من دبر صلاة الفجر يوم عرفة إلى دبر صلاة العصر من يوم النحر..",

وما زالت المتابعات مع الشواهد :   

الأثر السادس: أما الرواية التي فيها الجمع بين رواية علي وابن مسعود،

فخرجها أبو بكر: حدثنا يزيد بن هارون ثنا شريك قال: قلت لأبي إسحاق: كيف كان يكبر علي وعبد الله؟ قال: كانا يقولان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد".

كما جمع أبو إسحاق بين الصحابة الثلاث: قال البيهقي:اخبرنا أبو حازم الحافظ ثنا أبو احمد محمد بن محمد الحافظ ثنا أبو العباس احمد بن جعفر البلخي ببغداد ثنا علي بن مسلم الطوسي ثنا أبو يوسف يعني القاضي ثنا مطرف بن طريف عن ابي اسحق قال: اجتمع عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم على التكبير في دبر صلاة الغداة من يوم عرفة, فأما أصحاب ابن مسعود فالى صلاة العصر من يوم النحر, وأما عمر وعلي رضي الله عنهما فإلى صلاة العصر من آخر ايام التشريق",

وقد روى أبو جناب عن ابن مسعود مثلما روى الناس عن عمر وعلي وابن عباس :

فقال الحاكم  أخبرناه أبو يحيى أحمد بن محمد السمرقندي ثنا محمد بن نصر ثنا يحيى بن يحيى أنبأ هشيم عن أبي جناب عن عمير بن سعيد قال:" قدم علينا ابن مسعود فكان يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد » صححه الحاكم وله متابعات أخرى أيضا : 

الأثر السابع: قال البيهقي: ورواه الواقدي عنه وعن جابر بن عبد الله وبه قال الحسن بن ابي الحسن البصري،

قال الحاكم حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ العباس بن الوليد بن مزيد ثنا أبي قال: سمعت الأوزاعي وسئل عن التكبير يوم عرفة، فقال:« يكبر من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق كما كبر علي وعبد الله ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المسألة الثالثة: الأدلة القرآنية والمرفوعة على التكبير المقيد من عرفة إلى آخر يوم تشريقي: 

هي نفس الأدلة القرآنية السابقة الحاثة على التكبير وذكر الله في أيام معلومات، وأيام معدودات، فالمعلومات هي العشر، والمعدودات هي أيام العيد والتشريق، كما نقلنا عن السلف، وقد فهم السلف الطيب من هذه الأدلةِ لزوم التكبير المطلق والمقيد معا، وإنما نسير على منهج السلف المسلمين، لا التلفية العلمانيين، وقد مر النقل من كلامهم وأدلتهم الموقوفة، وإنما هذه بعض المرفوعة الضعيفة للاستناس، ولذلك أخرتها:

دليل أول: فقال الدارقطني (2/49): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمُحَارِبِىُّ بِالْكُوفَةِ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ ثَنِى عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْهَرُ فِى الْمَكْتُوبَاتِ بِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِى فَاتِحَةِ الْقُرْآنِ وَيَقْنُتُ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ وَالْوِتْر, وَيُكَبِّرُ فِى دُبُرِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ مِنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ غَدَاةَ عَرَفَةَ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَوْمَ دَفْعَةِ النَّاسِ الْعُظْمَى"،

هذا حديث ضعيف بسبب عمرو وجابر، قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام:"... لَا يَنْبَغِي تعصيب الْجِنَايَة فِي هَذَا الحَدِيث بِرَأْس جَابر الْجعْفِيّ ، فَإِن عَمْرو بن شمر مَا فِي الْمُسلمين من يقبل حَدِيثه، وَسَعِيد بن عُثْمَان الرَّاوِي لهَذَا الحَدِيث عَنهُ لَا أعرفهُ ، وَفِي طبقته من يتسمى هَكَذَا من يشبه أَن يكونه، وَلَا أحققه"، وسعيد بن عثمان هو الحزاز والله أعلم.

وقد روى هذا الحديث عمرو بن شمر، وهو مع شدة ضعفه فقد اختلف عليه فيه :

فرواه سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ وأَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ ثَنَا عَمْرُو بْنُ شَمِر عن جابر به ،

بينما رواه مُصْعَبُ بْنُ سَلاَّمٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حِينَ يُسَلِّمُ مِنَ الْمَكْتُوبَاتِ"،

ورواه مَحْفُوظُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِىُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَقَطَعَ فِى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ".

ورواه نَائِلُ بْنُ نَجِيحٍ وهو مجهول عَنْ عَمْرِو بْنِ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ يُقْبِلُ عَلَى أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ« عَلَى مَكَانِكُمْ»، وَيَقُولُ:« اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، فَيُكَبِّرُ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ"،

قال البيهقي: تابعه عبد الرحمن بن مسهر عن عمرو بن شمر دون ذكر أبي جعفر مختصرا،

وقد رواه عبد الرحمن بن مسهر عن عمرو بن شمر عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر يوم عرفة من صلاة الغداة إلى صلاة العصر آخر ايام التشريق", قال البيهقي: عمرو بن شمر وجابر الجعفي لا يحتج بهما,

وقد رواه نائل بن نجيح عن عمرو عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط وابي جعفر عن جابر وفي رواية الثقات كفاية",

وقد توبع عمرو بن شمر، إن لم يكن الخراز قد وهِم في الحديث :

دليل ثاني: قال الحاكم في مستدركه (1/439) أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني ثنا إبراهيم بن أبي العنبس القاضي ثنا سعيد بن عثمان الخراز ثنا عبد الرحمن بن سعيد المؤذن ثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي وعمار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان يقنت في صلاة الفجر، وكان يكبر من يوم عرفة صلاة الغداة، ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق»،

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولا أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح»،

وتعقبه الذهبي فقال: هذا خبر واه كأنه موضوع، لأن عبد الرحمن ضعفه ابن معين، وسعيد إن كان الكريزي فهو ضعيف وإلا فهو مجهول، قال البيهقي: إسناده ضعيف إلا أنه أمثل من طريق جابر الجعفي"، وسعيد بن عثمان الخزار كوفي لم أجد من ترجمه، وقد وثقه ضمنيا الحاكم، لكن اختلف عليه في الحديث:

فقال الدارقطني: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمُحَارِبِىُّ بِالْكُوفَةِ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ ثَنِى عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِر بالحديث كما مضى فرجع إلى الطريق الأولى والله أعلم، وله شاهد مرسل:

دليل ثالث: قال أبو بكر: حدثنا يزيد بن هارون انا ابن أبي ذئب عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر من صلاة الظهر يوم عرفة إلى صلاة العصر من اخر أيام التشريق "، وهو مرسل.

دليل رابع: خرجه الديلمي في مسند الفردوس مرفوعا:" يا علي كبر في دبر صلاة الفجر من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق صلاة العصر"، وقد حكم عليه الألباني بالوضع.

دليل خامس: مر ما خرجه الطبراني في الكبير (7/312) عن شَرْقِيّ بن قَطَامِيٍّ عَنْ عَمْرِو بن قَيْسٍ عَنْ مُحِلِّ بن وَدَاعَةَ عَنْ شُرَيْحِ بن أَبْرَهَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مِنًى، يُكَبِّرُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ "،

وفيه شرقي بن القطامى ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان.

المطلب الرابع: المسبوق هل يقضي صلاته، ثم يكبر لنفسه، أم يكبر مع الإمام ثم بقضي:

اختلف السلف فيه: هل ينتظر حتى يكبر مع إمامه ثم يقوم ليقضي، أم يقضي أوّلا ثم يكبر، مما يدل أن التكبير هو جماعي مع الإمام:

قال ابن المنذر: اختلف أهل العلم في الوقت الذي يكبر من فاته بعض الصلاة،

فقالت طائفة: يقضي ثم يكبر، كذلك قال ابن سيرين والشعبي وابن شبرمة ومالك وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي.

وقالت طائفة: يكبر ويقضي، هذا قول الحسن البصري، وروي ذلك عن عطاء .

وفيه قول ثالث وهو: أن يكبر ثم يقضي ثم يكبر، روي هذا القول عن مجاهد ومكحول"،

وإنما يكبر الناس معًا بتكبير الإمام :

قال البغوي في شرح السنة (7/148) عن محمد بن سيرين في الرجل يسبق أيام التشريق ببعض الصلاة، فيكبر الإمام؟ قال: يقضي، ثم يكبر.

وكان الشعبي إذا فاته شيء من الصلاة خلف الإمام أيام التشريق، قام فصلى، ثم كبر".

1/ قال عبد الرزاق في مصنفه (2/323) باب إذا اجتمع السهو والتكبير في أيام التشريق (يعني ماذا يفعل؟) قال عبد الرزاق عن الثوري عن هشام قال: اختلف الحسن وابن سيرين في رجل يفوته بعض الصلاة مع الإمام في أيام التشريق، فقال الحسن: يكبر مع الإمام إذا كبر ثم يقوم فيقضي ما فاته، وقال ابن سيرين: يقوم فيقضي فإذا فرغ من صلاته كبر بعد، قال:" وأحب إلى سفيان قول ابن سيرين قال يقوم فيقضي"، توبع الثوري:  

قال أبو بكر في المصنف (2/6) في الرجل تفوته الركعة أيام التشريق، كيف يصنع؟ حدثنا عبد الله بن إدريس عن هشام عن الحسن وابن سيرين في الرجل تفوته الركعة أيام التشريق، قال ابن سيرين: «يقضي، ثم يكبر» وقال الحسن: «يكبر، ثم يقضي»، وقال الحكم: «يكبر، ثم يقضي»

وإليك التفصيل في شواهد هذه الأقوال:

القول الأول: من قال يكبر مع الإمام، ثم يقضي، ثم يكبر مرة أخرى:  

1/ قال أبو بكر في المصنف (2/6) في الرجل تفوته الركعة أيام التشريق، كيف يصنع؟ حدثنا عبد الأعلى عن برد عن مكحول قال: «يكبر، ثم يقوم فيقضي، ثم يكبر»

2/ قال أبو بكر حدثنا حكام الرازي عن عنبسة عن ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن مجاهد قال: «يكبر مع الإمام، ثم يكبر إذا قضى»

قال أبو بكر: وبلغني أن هذا قول ابن أبي ليلى ".

القول الثاني: يقضي ثم يكبر لنفسه:

قال أبو بكر 5822 - حدثنا محمد بن فضيل، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: «يقضي، ثم يكبر»

قال أبو بكر حدثنا محمد بن فضيل، قال: «رأيت ابن شبرمة، غير مرة إذا فاته شيء من الصلاة أيام التشريق، قام فقضى، ثم كبر»

قال أبو بكر حدثنا محمد بن فضيل، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: «يقضي، ثم يكبر»

القول الثالث: ينتظر حتى يكبر مع الإمام ثم يقوم يقضي:

قال أبو بكر حدثنا ابن علية عن يونس عن الحسن قال: " كان يقول: يكبر معه، ثم يقوم فيقضي "

قال أبو بكر حدثنا هشيم، قال: أنا يونس عن الحسن، قال: «يكبر مع الإمام، ثم يقضي ما سبق به»

قال أبو بكر في المصنف (2/6) في الرجل تفوته الركعة أيام التشريق، كيف يصنع؟ حدثنا عبد الله بن إدريس عن هشام عن الحسن وابن سيرين في الرجل تفوته الركعة أيام التشريق، قال ابن سيرين: «يقضي، ثم يكبر» وقال الحسن: «يكبر، ثم يقضي»، وقال الحكم: «يكبر، ثم يقضي»

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الباب الثاني: التكبير الجماعي والفردي ليلة عيد الفطر والنحر:

الفصل الأول: في زمن بداية التكبير ونهايته وكيفيته:

1/ أما بالنسبة لزمن بدإ التكبير في عيد الفطر، فالذي عليه الأكثرون كالشافعي ومن وافقه أنه يبدأ من رؤية هلال شوال، وقيل مع الفجر، مع ملاحظة تأدب السلف وعدم تبديعهم للقول الآخر، بل الكل عندهم مشروع وإنما الاختلاف في الأفضل.  

وهل ينتهي التبكير بخروج الإمام، أم حتى تنقضي الصلاة، فيه خلاف، والأوْلى الثاني كما سيأتي.

2/ أما عن الكيفية والجهر بالتكبير: فقد اتفق السلف على استحباب الجهر بتكبيرات عيد الأضحى، لكن اختلفوا في الجهر في عيد الفطر، والجماهير على استحباب الجهر، وخالف بعض الحنفية:

المبحث الأول: في زمن بداية التكبير ونهايته:

القول الأول: ذهب الأكثرون كالشافعي ومن وافقه إلى أنه يبدأ من رؤية هلال شوال، ثم اختلفوا هل ينتهي بخروج الإمام، أم حتى تنقضي الصلاة، والذي عليه الأكثر أنه ينتهي إلى حين انقضاء الصلاة .

وبناءا عليه فإنه يستحب التكبير مع الإمام في خطبته كما هو مذهب إمامنا مالك قدس الله روحه، وهو منقول عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري وغيرهما كما سيأتي، مع التنبيه أيضا لمنهج السلف، إذ لم يبدع أحد منهم قول الآخر، ولا تحل مخالفة سبيل المؤمنين.

 

المبحث الثاني: في رفع الصوت بالتكبير، في الفطر والأضحى:

اتفق السلف على استحباب الجهر بتكبيرات عيد الأضحى، لكن اختلفوا في تكبيرات عيد الفطر:

فالجمهور على استحبابها جهرا، ونُقل ذلك إجماعا، لكن فيه خلاف شاذ:

قال الجصاص في أحكام القرآن: َرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ:" يُكَبِّرُ الَّذِي يَذْهَبُ إلَى الْعِيدِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ، وَلَا يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطَرِ"، 

ومن هنا منع بعض الحنفية التكبير في الفطر أصلا، وحمل بعضهم المنع على الجهر فقط، وكلاهما محمل شاذ، حتى جمهور الحنفية لم يأخذوا بهما، وقالوا باستحباب الجهر، وهي الرواية الأشهر عن أبي حنيفة، مع ملاحظة عدم تعرض أيٍّ من السلف لتبديع التكبير الجماعي:

وبمشروعية التكبير والجهر به قال عامة السلف والخلف وبه جاءت الآثار، وتواترت الأخبار، وأجمعت الأطهار، ولم يلتفتوا إلى الشذوذ، ولذلك قال الإمام النووي في المجموع: يستحب رفع الصوت بالتكبير بلا خلاف"،

فكأنه لم يعتد بالرواية المخالفة عن أبي حنيفة لتفرده، ومخالفة أصحابه له وظهور الأدلة والبراهين، وتراجعه عن قوله. 

فقد قالَ أَبُو يُوسُفَ صاحب أبي حنيفة:" يُكَبِّرُ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُوَقَّتٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} وَقَالَ عَمْرٌو: سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ، فَقَالَ: نَعَمْ يُكَبِّرُ" وَهُوَ قَوْلُنَا".

والصواب أن قول أبي حنيفة محمول على وجهين:

. المحمل الأول: أنه إنما نفى الوجوب فقط: كما قال الجصاص: وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ:" إنَّ التَّكْبِيرَ فِي الْعِيدَيْنِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الطَّرِيقِ وَلَا فِي الْمُصَلَّى، وَإِنَّمَا التَّكْبِيرُ الْوَاجِبُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ",

وهذا مذهب الأحناف جميعا,

قال الجصاص: " وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ ابْنَ أَبِي عِمْرَانَ كَانَ يَحْكِي عَنْ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا أَنَّ السُّنَّةَ عِنْدَهُمْ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ أَنْ يُكَبِّرُوا فِي الطَّرِيقِ إلَى الْمُصَلَّى حَتَّى يَأْتُوهُ"، قال: وَلَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ مَا حَكَاهُ الْمُعَلَّى عَنْهُمْ", والذي حكاه المعلى آنفا روايته عن أبي حنيفة: "وَلَا يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطَرِ",

. والمحمل الثاني: أن أصحابه حملوا المنع على ترك شدة الجهر بالتكبير فقط, لا أصل الجهر،

فقال في فتح القدير:" الْخِلَافُ فِي الْجَهْرِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْفِطْرِ لَا فِي أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَعِنْدَهُمَا يَجْهَرُ بِهِ كَالْأَضْحَى، وَعِنْدَهُ لَا يَجْهَرُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِهِمَا، وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِ التَّكْبِيرِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، إذْ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِسَائِرِ الْأَلْفَاظِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ بَلْ مِنْ إيقَاعِهِ عَلَى وَجْهِ الْبِدْعَةِ"،

ومما يبين أن أبا حنيفة إنما خالف في رواية عنه شدة الجهر إذا كان في الطريق إلى المصلى فقط،

ما قاله في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق( ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إلَى الْمُصَلَّى غَيْرَ مُكَبِّرٍ وَمُتَنَفِّلٍ قَبْلَهَا ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُكَبِّرُ فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْجَهْرِ"،

وقال في بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع:" وَأَمَّا فِي عِيدِ الْفِطْرِ فَلَا يُجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُجْهَرُ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ يُجْهَرُ فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى{ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ } وَلَيْسَ بَعْدَ إكْمَالِ الْعِدَّةِ إلَّا هَذَا التَّكْبِيرُ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَمَلَهُ قَائِدُهُ يَوْمَ الْفِطْرِ فَسَمِعَ النَّاسَ يُكَبِّرُونَ فَقَالَ لِقَائِدِهِ : أَكَبَّرَ الْإِمَامُ ؟ قَالَ : لَا قَالَ : أَفَجُنَّ النَّاسُ ؟ وَلَوْ كَانَ الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ سُنَّةً لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْإِنْكَارِ مَعْنًى؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَذْكَارِ هُوَ الْإِخْفَاءُ إلَّا فِيمَا وَرَدَ.."، وسيأتي أن هذا الخبر منكر،

وأما الجمهور فعلى المشروعية مطلقا، جماعات أو فرادى:

قال ابن حزم في المحلى (5/89): "والتكبير ليلة عيد الفطر فرض، وهو في ليلة عيد الاضحى حسن، قال تعالى وقد ذكر صوم رمضان: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) فبإكمال عدة صوم رمضان وجب التكبير، ويجزئ من ذلك تكبيرة، وأما ليلة الأضحى ويومه ويوم الفطر فلم يأت به أمر، لكن التكبير فعل خير وأجر"،

وقال البيهقي في الصغير: باب السنة في العيدين، قال الله عز وجل { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} قيل: أراد به صلاة الفطر، وقال( فصل لربك وانحر) قيل: أراد به صلاة النحر، وقيل غير ذلك، وقال (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم)

قال الشافعي رحمه الله: فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: "ولتكملوا عدة شهر رمضان ولتكبروا الله عند إكماله على ما هداكم وإكماله مغيب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان فإذا رأوا هلال شهر شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى وأحب أن يكبر الناس خلف صلاة المغرب والعشاء والصبح وبين ذلك وغاديا حتى ينتهي إلى المصلى..."،

وما نقله الشافعي من تكبير جماعي نقله كذلك ابن عيينة والفاكهي:

فقال الفاكهي في أخبار مكة (3/9) حدثنا محمد بن أبي عمر ثنا سفيان في قوله تعالى:( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) قال:" نرجوا أن يكون التكبير ليلة الفطر، وزعم المكيون أنهم رأوا مشايخهم يكبرون ليلة الفطر إلى خروج الإمام يوم العيد ويظهرون التكبير ويرونه سنة"، قال: وهم على ذلك اليوم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الثاني: أدلة التكبير الجماعي والفردي ليلة الفطر ويومها، ويوم النحر:

المبحث الأول: الأدلة النقلية والمرفوعة والموقوفة:

الدليل الأول: قال الله تعالى: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم}[البقرة]، حيث ذهب عامة السلف والمفسرين إلى أن المراد إكمال عدة رمضان، ثم التكبير بعدها مباشرة. 

هذا مع عموم قوله تعالى كما مضى:{ واذكروا الله في أيام معدودات}،

الدليل الثاني: في شرح الآية السابقة:

قال الطبري حدثني يونس نا ابن وهب قال: قال ابن زيد: كان ابن عباس يقول: حقٌّ على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبرِّوا الله حتى يفرغوا من عيدهم، لأن الله تعالى ذِكْره يقول :"ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم".

الأثر الثالث: وهو من تفسير السلف لكلام الله:

قال الطبري حدثني المثني ثنا سويد بن نصر أنا ابن المبارك عن داود بن قيس سمعت زيد بن أسلم يقول :"ولتكبروا الله على ما هداكم"، قال: إذا رأى الهلال، فالتكبير من حين يَرى الهلال حتى ينصرف الإمام، في الطريق والمسجد، إلا أنه إذا حضر الإمامُ كفّ فلا يكبرِّ إلا بتكبيره "،

وقال ابن المنذر في الأوسط: وقد روينا عن زيد بن أسلم روايتين في معنى قوله: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) الآية، إحداهما: أن التكبير من حين يرى الهلال حتى ينصرف الإمام في الطريق والمسجد، إلا أنه إذا حضر الإمام كف، فلا يكبر إلا بتكبيره،

والرواية الأخرى عن زيد أنه قال في هذه الآية: بلغنا أنه التكبير يوم الفطر"،

قال: فأما سائر الأخبار عن الأوائل فدالة على أنهم كانوا يكبرون يوم الفطر إذا غدوا إلى الصلاة..."،

الأثر الرابع: ورود التكبير ليلة الفطر عن عبد الله بن عمر:

فقال البيهقي في السنن (3/278) أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه الأصبهاني أنبأ أبو محمد بن حيان ثنا ابن أبي عاصم ثنا ابن مصفى حدثني يحيى بن سعيد العطار ثقة عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه كان يكبر ليلة الفطر حتى يغدو إلى المصلى"، قال البيهقي: "ذكر الليلة فيه غريب"،

وهو أثر صحيح رجاله ثقات، والمقصود منه بداية التكبير من الليل المبتدئ بالغروب حتى الذهاب إلى المصلى وبدإ الصلاة.

الأثر الخامس: وفيه التكبير في الطريق إلى المصلى للعيدين، حتى الصلاة واستحباب التكبير مع الإمام:

ورد موفوعا وموقوفا، والموقوف هو الصحيح :

أولا: ذكر من رفعه :

1. قال ابن خزيمة (2/343) باب التكبير والتهليل في الغدو إلى المصلى في العيدين إن صح الخبر فإن في القلب من هذا الخبر، وأحسب الحمل فيه على عبد الله بن عمر العمري إن لم يكن الغلط من ابن أخي ابن وهب: ثنا أحمد بن علي بن وهب ثنا عمي ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس وعبد الله بن عباس والعباس وعلي وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة وأيمن بن أم أيمن رافعا صوته بالتهليل والتكبير فيأخذ طريق الحدادين حتى يأتي المصلى فإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتي منزله"،

. وقال البيهقي (3/279) وقد روى من وجهين ضعيفين مرفوعا:

أما أمثلهما فاخبرناه أبو حازم الحافظ (أحمد محمد بن محمد) انبأ أبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة ثنا احمد بن عبد الرحمن بن وهب ثنا عمي ثنا عبد الله بن عمر فذكره.

والمتفرد برفعه هو العمري، قال عنه ابن القطان الفاسي:" قد وَثَّقَهُ قوم وأثنوا عَلَيْهِ ، وَضَعفه آخَرُونَ من أجل حفظه ، لَا من أجل صدقه وأمانته"، وقد توبع:

2. قال البيهقي: وأما أضعفهما فاخبرناه أبو عبد الله الحافظ انبأ أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي ثنا عبد الله بن محمد بن خنيس الدمشقي ثنا موسى بن محمد بن عطاء ثنا الوليد بن محمد ثنا الزهري اخبرني سالم بن عبد الله ان عبد الله بن عمر اخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى", قال البيهقي: موسى بن محمد بن عطاء منكر الحديث ضعيف والوليد بن محمد المقري ضعيف لا يحتج برواية امثالهما والحديث المحفوظ عن ابن عمر من قوله .

وقال الدارقطني في سننه: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأُبُلِّىُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُنَيْسٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى يَأْتِىَ الْمُصَلَّى"، ولم يصح رفعه، والصواب موقوف :

3. كذلك رواه ابن أبي عاصم ثنا ابن مصفى حدثني يحيى بن سعيد العطار ثقة عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه كان يكبر ليلة الفطر حتى يغدو إلى المصلى"،

قال البيهقي: "ذكر الليلة فيه غريب"، وهذا أثر صحيح رجاله ثقات، وله عدة متابعات.

4. قال الدارقطني حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَحَفْصُ بْنُ عَمْرٍو قَالاَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ لِلْعِيدَيْنِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِىَ الْمُصَلَّى وَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِىَ الإِمَامُ"،

. وقال الدارقطني حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَدَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى يَأْتِىَ الْمُصَلَّى ثُمَّ يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِىَ الإِمَامُ"،

5. وقال الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد ني عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس، فيكبر حتى يأتي المصلى يوم العيد، ثم يكبر بالمصلى، حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير»،

6. قال الفريابي في أحكام العيدين: ثنا أبو همام حدثني ابن وهب ني عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر أنه كان يجهر بالتكبير يوم الفطر إذا غدا إلى المصلى حتى يخرج الإمام فيكبر بتكبيره»،

وقد جاء التكبير في الطريق عن الصحابة رضي الله عنهم:

الدليل السادس: قال ابن المنذر: حدثنا موسى ثنا محمد بن عامر ثنا الحوطي ثنا يحيى بن سعيد العطار عن عتبة بن المنذر عن الحرب بن المنذر قال : رأيت أبا أمامة الباهلي وأبا رهم ، وناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكبرون يوم الفطر إذا خرجوا إلى الصلاة"، وقال الأوزاعي : كان الناس إذا خرجوا يوم الفطر إلى مخرجهم كبروا حتى يفرغوا من الصلاة ثم نسكوا".

الدليل السابع: قال الدارقطني حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَشْوَعَ عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ قَالَ:" رَأَيْتُ عَلِيًّا يَوْمَ أَضْحًى لَمْ يَزَلْ يُكَبِّرُ حَتَّى أَتَى الْجَبَّانَةَ ".

وجاء مثل ذلك عن التابعين،

المبحث الثاني: الأدلة المقطوعة عن التابعين ومن بعدهم:

الأثر الأول: قال الفريابي في أحكام العيدين (ص116) بعد أن خرج حديث عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَر «أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ يَوْمَ الْفِطْرِ إِذَا غَدَا إِلَى الْمُصَلَّى حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ فَيُكَبِّرُ بِتَكْبِيرِهِ».

ثم قال: ثنا أبو همام ثني ابن وهب ني عبد الله بن الشيخ عن عثيم بن نسطاس قال:« كان سعيد بن المسيب يفعل ذلك»،

الأثر الثاني: قال الفريابي ثنا أبو همام حدثني ابن وهب أخبرني إبراهيم بن نشيط قال:« رأيت بكير بن الأشج يفعل ذلك »،

الأثر الثالث: قال الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد ني يزيد بن الهاد أنه سمع نافع بن جبير يجهر بالتكبير حين يغدو إلى المصلى يوم العيد"، 

الأثر الرابع: وفيه التكبير حتى بعد صلاة عيد الفطر، لعله ينتهي إلى الغروب:

قال أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن رافع يقول: كنت مع أحمد وإسحاق عند عبد الرزاق، فجاءنا يوم الفطر، فخرجنا مع عبد الرزاق إلى المصلى، ومعنا ناس كثير، فلما رجعنا، دعانا عبد الرزاق إلى الغداء، ثم قال لأحمد وإسحاق: رأيت اليوم مِنكما عجبا، لم تُكَبّرا، فقال أحمد وإسحاق: يا أبا بكر، كنا ننتظر هل تكبر، فنكبر، فلما رأيناك لم تكبر أمسكنا، قال: وأنا كنت أنظر إليكما، هل تكبران فأكبر"،

فتأمل كيف كان كل واحد منهم كان ينتظر الآخر حتى يكبر فيكبر الآخرون معه, احتراما لبعضهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الباب الثالث: التكبير في خطبتي العيدين:

أنكر بعض المتأخرين استفتاح الخطبة بالتكبير، وأنكر أمثاله التكبير في عضونها، وقد جاء ذلك التكبير عن السلف الطيب رضي الله عنهم، وجاءت به بعض الأخبار: 

المبحث الأول: ما ورد من أدلة على التكبير في الخطبة:

دليل أول : قال ابن ماجه (1287) حدثنا هشام بن عمار حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد المؤذن حدثني أبي عن أبيه عن جده قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر بين أضعاف الخطبة، يكثر التكبير في خطبة العيدين"،

وقال الطبراني في الصغير(2/282) حدثنا يحيى بن محمد بن أبي صفير الحلبي حدثنا هشام بن عمار حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني أبي عن جدي عن أبيه سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ في العيدين بالصلاة قبل الخطبة ثم يكبر في الأولى بسبع قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القراءة وكان يخرج في العيدين ماشيا ويرجع ماشيا وكان يكبر بين أضعاف الخطبة ويكثر التكبير في العيدين"، عبد الرحمن بن سعد ضعيف، وأبوه سعد بن عمار بن سعد القرظ قد روى عن أبيه عن جده نسخة هذا الحديث منها، خرجها بطولها الحاكم (3/607)، ولهذا الحديث شواهد:

الدليل الثاني: خرجه أبو داود والنسائي والترمذي من طرق عن هِشَامُ بْنُ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَرْسَلَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ وَكَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ:" خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى، فَرَقَى عَلَى الْمِنْبَرِ، وَلَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ هَذِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيرِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ"،

وقد قال أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ..."،

وهذا الحديث شامل لتماثل التكبير في الصلاة والخطبة، سواء في العيد أو في الإستسقاء، وفي هذا الحديث إخبار من ابن عباس من أن النبي عليه السلام كان يكبر في خطبته، ثم قال: كما يصلي في العيد"، فدل على أنهما سواء،

الدليل الثالث: وقد جاء الاستفتاح بالتكبير في أول الخطبة،

فيما خرجه أبو داود والحاكم من طريق هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:" شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُحُوطَ الْمَطَرِ فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ قَالَتْ عَائِشَةُ:" فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَبَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ قَالَ... الحديث. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ"، وقال الحاكم:" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وقد خرجه أبوعوانة في مستخرجه الصحيح على مسلم، وصححه ابن حبان،

فهذا رسول الله قد بدأ خطبة الاستسقاء بالتكبير، وقد أخبر ابن عباس رضي الله عنه أنهما سواء، يزيد ذلك بيانا:

الدليل الرابع: خرجه البيهقي في الكبرى (3/348) قال: اخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا العباس بن محمد الدوري ثنا سهل بن عثمان السكري ثنا يحيى بن زكريا عن اسمعيل بن ربيعة عن جده هشام بن اسحق عن ابيه عن ابن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استسقى متخشعا متذللا كما يصنع في العيدين"، قال البيهقي: ورواه عبد الله بن يوسف التنيسي عن اسماعيل بن ربيعة بمعناه",

وحسنه الألباني في الإرواء (3/138)،

فهذا رسول الله قد بدأ خطبة الاستسقاء بالتكبير، وقد أخبر ابن عباس رضي الله عنهما أنهما سواء، فكيف يزعم

واهم أن هذا التكبير بدعة، وقد جاءت به الآثار، وقال به الأئمة الأبرار، فأين سلف المبدعين؟ فهذه حججنا، وذاك سلفنا، وسنزيدهم بيانا من كلام السلف:

الدليل الخامس: كيفية التكبير في الخطبة: وفيه طرق: 

1. قال أبو بكر في المصنف(2/9): باب في التكبير على المنبر حدثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن القاري عن عبيد الله بن عبد الله بن عقبة قال:" من السنة أن يكبر الامام على المنبر على العيدين تسعا قبل الخطبة وسبعا بعدها"،

وعبيد الله من كبار التابعين، وكلمة السنة عندهم إن كانت المرفوعة فالحديث مرسل قوي وشاهد لما سبق، وفيه بدأ الخطبة بالتكبير، وإن كانت سنة الصحابة فالخبر عنهم صحيح متصل، وقد جاء التكبير عن بعضهم،

2. وقال الإمام الشافعي : نا إبراهيم بن محمد عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد عن إبراهيم بن عبد الله عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: " السنة في تكبير يوم الأضحى والفطر على المنبر قبل الخطبة أن يبتدي الإمام قبل الخطبة , وهو قائم على المنبر بتسع تكبيرات تترى لا يفصل بينها بكلام , ثم يخطب , ثم يجلس جلسة , ثم يقوم في الخطبة الثانية فيفتتحها بسبع تكبيرات تترى، لا يفصل بينها بكلام، ثم يخطب ".

ومن طريقه خرجه البيهقي في الكبرى (3/421) .

3. قال البيهقي : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان الأهوازي , أنبأ القاضي أبو بكر أحمد بن محمود بن خرزاذ , ثنا موسى بن إسحاق القاضي، ثنا محرز بن سلمة، ثنا الدراوردي، عن عبد الرحمن بن عبد القارئ، أن إبراهيم بن عبد الله حدثه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه قال: " من السنة تكبير الإمام يوم الفطر ويوم الأضحى حين يجلس على المنبر قبل الخطبة تسع تكبيرات وسبعا حين يقوم، ثم يدعو ويكبر بعدما بدأ له ".

الدليل السادس: قال البيهقي في الكبرى: باب التكبير في الخطبة في العيدين (3/420) أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنبأ أبو عثمان البصري ثنا محمد بن عبد الوهاب أنبأ يعلى بن عبيد ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن مسروق قال: " كان عبد الله يكبر في العيدين تسعا تسعا يفتتح بالتكبير ويختم به ".

دليل سابع: قال الشافعي أخبرني الثقة من أهل المدينة: " أنه أُثبِت له كتاب عن أبي هريرة , فيه " تكبير الإمام في الخطبة الأولى يوم الفطر والأضحى إحدى، أو ثلاث وخمسون تكبيرة في فصول الخطبة بين ظهراني الكلام "

دليل ثامن: رواه الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد: حدثني إسماعيل بن أمية أنه سمع «أن التكبير في الأولى من الخطبتين بتسع، وفي الآخرة بسبع».

الدليل التاسع: حديث أبي موسى في صلاة العيد وخطبته:

قال أبو بكر الفريابي في أحكام العيدين حدثني عبد الله بن محمد بن خلاد ثنا يزيد بن هارون نا زياد بن أبي زياد الجصاص ثنا أبو كنانة القرشي قال:« لما كان يوم الفطر خرجنا مع أبي موسى الأشعري فصففنا خلفه، ثم استقبل القبلة فكبر أربع تكبيرات، ولا يتبع بعضها بعضا ثم قرأ سبح اسم ربك الأعلى ثم كبر الخامسة ثم ركع، ثم قام في الركعة الثانية فقرأ فاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ثم كبر ثلاثا، ثم كبر الرابعة وركع، فلما قضى الصلاة صعد المنبر فأقبل علينا بوجهه فسلم ثم قال: الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعله دينا ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم وجعلنا في خير الأمم وألزمنا كلمة التقوى، والعروة الوثقى، وجنبنا عبادة الطواغيت والأصنام والسجود للشمس والقمر، ثم كبر ستا ولاءا ، الله أكبر الله أكبر، وكبر السابعة الله أكبر على ما هدانا ، ثم قرأ هذه الآيات التي في سورة الأحزاب (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته إلى قوله وسرحوهن سراحا جميلا) ثم كبر ستا ولاء ، والسابعة الله أكبر على ما هدانا ، ثم قرأ هذه الآيات التي في سورة النحل (إن الله يأمر بالعدل والإحسان حتى بلغ ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) ثم كبر ستا ولاء ، والسابعة الله أكبر على ما هدانا ، ثم قرأ (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه حتى بلغ ملوما مدحورا) ثم كبر ستا ولاء ، والسابعة الله أكبر على ما هدانا ثم قرأ (والليل إذا يغشى حتى ختمها ، ثم قرأ (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم حتى بلغ على ما هداكم ولعلكم تشكرون) ثم قال: إن هذا يوم لا يرد فيه الدعاء، فارفعوا أرغبتكم إلى الله عز وجل وسلوه حوائجكم، ورفع يديه لا يجاوز بهما أذنيه ثم دعا، ثم كبر ستا ولاء، والسابعة الله أكبر على ما هدانا، ثم قال: أحمد الله كما حمد نفسه في كتابه ، فإنه حمد نفسه في ثمانية أمكنة في سبع سور، فقرأ أول آية من الأنعام وآخر آية من بني إسرائيل ، فلما قرأ وكبره تكبيرا رفع صوته الله أكبر على ما هدانا، ثم قرأ أول الكهف حتى بلغ ماكثين فيه أبدا ثم قال : اللهم اجعلنا منهم ، ثم قرأ الآية التي في سورة النمل قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون ثم رفع صوته ، فقال : بل الله خير وأعلى وأجل ، ثم قرأ الآية التي في آخر سورة النمل (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون) ثم قرأ أول آية من سبأ وأول آية من الملائكة ، ثم قرأ (فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين حتى ختمها ، ثم قال: هذا ما حمد به نفسه فاحمدوه بما حمد به الحامدون وأحسنوا على الله الثناء وأكثروا الذكر، ثم رفع يديه لا يجاوز بهما أذنيه ثم دعا، ثم حمد الله عز وجل وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا لخلفاء المؤمنين، ورفع يديه أيضا ودعا، ثم حمد الله على ما جمعهم عليه ولما اجتمعوا له، وأمرهم أن يسألوا لدنياهم وأخراهم، وأخبرهم أنه اليوم الذي لا يرد فيه الدعاء، قال: اذكروا الله يذكركم، ثم نزل، فلما كان يوم النحر صنع بنا مثل ما صنع يوم الفطر من القراءة في الصلاة والتكبير والحمد الذي حمد به في أول خطبته يوم الفطر، ثم كبر ستا ولاء ، الله أكبر الله أكبر ، والسابعة الله أكبر على ما هدانا ، ثم قرأها ولاء الآيات التي في الأنعام (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم حتى بلغ سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون) ثم كبر ستا ولاء والسابعة الله أكبر على ما هدانا ، ثم قرأ آخر النحل إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا حتى أتم السورة، ثم كبر ستا ولاء والسابعة الله أكبر على ما هدانا ثم قرأ (تبارك الذي جعل في السماء بروجا حتى ختم السورة ، ثم كبر ستا ولاء، والسابعة الله أكبر على ما هدانا ، ثم قرأ من سورة الحج (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا حتى بلغ فاذكروا اسم الله عليها صواف) قال: صافية لله من الشرك والخيانة، حتى بلغ وبشر المحسنين، ثم قرأ (والليل إذا يغشى) حتى فرغ منها، ثم قال: هذا يوم الحج الأكبر وهذه الأيام المعلومات التسع التي ذكر الله عز وجل في القرآن، لا يرد فيهن الدعاء وهذا يوم الحج الأكبر وما بعده من الثلاث اللاتي ذكر الله عز وجل الأيام المعدودات لا يرد فيهن الدعاء، فارفعوا أرغبتكم إلى الله عز وجل، ورفع يديه لا يجاوز بهما أذنيه فدعا".

أبوكنانة قال عنه ابن حجر:"يقال هو معاوية بن قرة، ثم قال:" لم يصح هذا، وقال بن القطان مجهول الحال"، وكذا قال ابن حجر، بينما وثقه ابن حبان وكذلك الهيثمي فقال في حديث رواه أحمد عن أبي كتانة عن أبي موسى قال قام رسول الله صلى الله عليه فقال: "إن هذا الأمر في قريش"، قال الهيثمي:"رواه أحمد والبزار والطبراني ورجال أحمد ثقات"،

وقال ابن المنذر:حدثنا محمد بن علي  ثنا سعيد ثنا هشيم ثنا أبو محمد مولي قريش قال: سمعت أبا كنانة الهجيمي يحدث عن الأشعري أنه كان يكبر يوم العيد على المنبر ثنتين وأربعين تكبيرة ». وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، وهي سنة الصحابة رضي الله عنهم،

وقال ابن رجب:" ويكون (التكبير) في حال تكبير الإمام في خطبته؛ فإن الناس يكبرون معه ، كما كانَ ابن عمر يجيب الإمام بالتكبير إذا كبر على المنبر"، 

وكذلك صح كما مضى عن ابن عمر أنه كان يكبر بتكبير الإمام إذا خرج، وهو شامل للخطبة أيضا،.

المبحث الثاني: التكبير في خطبة العيد عن التابعين:

الأثر الأول : قال أبو بكر: حدثنا أبو داود الطيالسي عن الحسن بن أبي الحسن عن الحسن قال:" يكبر على المنبر يوم العيدين أربع عشرة تكبيرة"،

الأثر الثاني: قال ابن المنذر في الأوسط من باب ذكر التكبير في الخطبة:"..وروينا عن الشعبي أنه قال: يكبر الإمام على المنبر يوم العيد سبعا وعشرين تكبيرة، وروينا عن الحسن أنه قال: يكبر الإمام على المنبر يوم العيد أربع عشرة تكبيرة،

الأثر الثالث. وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كبر على المنبر في العيدين إذا رقي سبع تكبيرات بين كل تكبيرتين تسبيح وتحميد وتهليل، ثم يفتتح الخطبة بعد سبع تكبيرات"،

الأثر الرابع. وقال ابن المنذر:"... روينا عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال:« التكبير في الخطبة يوم العيد تسعا في الأولى، وسبعا في الآخرة»،

المبحث الثالث: قول العلماء في التكبير في الخطبتيْن، وأنها ثنتين:

مرت نصوص كثيرة وآثار سلفية على وجود خطبتين في العيد ، وليس لمن بدع الخطبة الثانية أو التكبير فيهما أي سلف سوى المسارعة في التبديع والافتخار بإحداث الأقوال الجديدة وضرب عمل السلف الصالح عرض الحائط والله المستعان،

وقد استدل لهم هذا المبدّع بأن الأحاديث جاءت بلفظ :" الخطبة "، وهو جهل مركب بكلام العرب، لأن لفظة الخطبة اسم جنس لا اسم عدد، والله المستعان، وقد استمرت هذه السنة وسنة التكبير في الخطبة إلى طبقة أتباع التابعين ومن بعدهم،

وأما عن التكبير: فقد قال إمامنا مالك: من السنة أن يكبر الإمام في خطبة العيدين تكبيرا كثيرا في الخطبة الأولى، ثم الثانية أكثر من التكبير في الأولى"،

1/ فنص الإمام مالك أن في العيد خطبتان فيهما التكبير وقد خالف السلف من قال ببدعية الخطبتين وأن السنة هي خطبة واحدة.

وقال الباجي المالكي في المنتقى من كتاب العيد:" مَسْأَلَةٌ : هَل يُكَبِّرُ النَّاسُ مَعَهُ إِذَا كَبَّرَ فِي خُطْبَتِهِ؟ قَالَ مَالِكٌ: يُكَبِّرُونَ مَعَهُ، وَمَنَعَ مِنْهُ الْمُغِيرَةُ"، قال:" وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ, وَلِأَنَّ التَّكْبِيرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَشْرُوعٌ لِلْكَافَّةِ فَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ كَانَ ذَلِكَ اسْتِدْعَاءًا لَهُ مِنْ النَّاسِ"، وَوَجْهُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ شُرُوعَ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ يَمْنَعُ الْكَلَامَ وَيُوجِبُ الْإِنْصَاتَ"،

2/ وبقول مالك قال الإمام الشافعي ـ قال ـ: نأمر الإمام إذا قام ليخطب الأولى أن يكبر تسع تكبيرات تترى لا كلام بينهن، وإذا قام ليخطب الخطبة الثانية أن يكبر سبع تكبيرات تترى، لا يفصل بينهن بكلام يقول: الله أكبر الله أكبر حتى يوفي سبعا"، ظاهر كلام الشافعي أنه يقول بإيجاب التكبير،

وقد قال ابن المنذر: ليس في عدد التكبير على المنبر سنة يجب أن تستعمل فما كبر الإمام فهو يجزي، ولو ترك التكبير وخطب لم يكن عليه في ذلك شيء",

وقد روى عبد الله بن عمر التثنية فخرج البخاري في الصحيح من حديثه قال:"كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا"، ولمسلم عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ:"كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاس"، وخرج البخاري بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قالَ :"أَتَى( رسول الله عليه وسلم) الْعَلَمَ الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ تُهْوِي بِيَدِهَا إِلَى حَلْقِهَا تُلْقِي فِي ثَوْبِ بِلَالٍ"، فهاتان خطبتان ونكتفي بهذا.

3/ ومن حديث أم عطية قالت:كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها ،وحتى نخرج الحيض، فيكن خلف الناس، فيكبرون بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم ، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته"،

قال ابن رجب الحنبلي في الفتح: "في هذا الحديث دليل على أن إظهار التكبير للرجال مشروع في يوم العيد، ولولا إظهاره من الرجال لما كبر النساء خلفهم بتكبيرهم، وإظهار التكبير يكون في حال انتظار الإمام قبل خروجه،

قال:" وهذا مما يستدل به على أن التكبير لا ينقطع ببلوغ المصلى كما هو قول طائفة، ويكون في حال تكبير الإمام في خطبته ؛ فإن الناس يكبرون معه ، كما كانَ ابن عمر يجيب الإمام بالتكبير إذا كبر على المنبر، وكان عطاء يأمر بذلك بقدر ما يسمعون أنفسهم، خرجه الجوزجاني "،

وقال شيخ الإسلام بن تيمية (24/221): "والتكبير فيه (عيد الفطر) أوله من رؤية الهلال وآخره انقضاء العيد وهو فراغ الإمام من الخطبة على الصحيح"،

وقال أيضا:" وإن كانت السنة قد جاءت بالتكبير فى عيد النحر فى صلاته وخطبته ودبر صلواته"،

وقال في الاقتضاء:" فلهذا جاءت الشريعة في العيد بإعلان ذكر الله فيه حتى جعل فيه من التكبير في صلاته وخطبته وغير ذلك مما ليس في سائر الصلوات" فنص على التكبير في خطبتي العيد، والله الموفق للصواب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الباب الرابع: تلخيص أدلة التكبير الجماعي وجمعها في الأيام العشر والتشريق والفطر:

ذكر الشيخ ابن تيمية في الاقتضاء أن الذكر منه ما هو جماعي ومنه ما هو فردي، مثله مثل العبادات الجماعية والفردية، ولكل موضع موطنه:

فمن العبادات الجماعية: عبادة الصلاة والزكاة والصوم والحج ...، والقراءة ...

وحتى في العادات يُستحب فيها الجمع والاجتماع: كاستحباب الأكل مجتمعين والتكافل ...،

مع جواز العبادات والعادات الفردية، إلا أن الجماعية أفضل منها.

وأما العبادات الفردية: فهي الأقل عددا،

ولقد حاول التلفية العلمانية إنكار العبادات الجماعية وتبديعها مطلقا، إرادة منهم في تفريق الأمة وتضليلها وتبديع كل المخالفين والله المستعان.

وأما السلف أهل السنة والجماعة فهم مجتمعون على ما اتفقت عليه النصوص وإجماع الأمة من ذكر الله الجماعي في أيام العبادات كالعشر وعرفة والأعياد ..، كما أسلفنا النقل عنهم، وإنما نريد تجميع دلالة المنطوق والظاهر هنا:

المبحث الأول: تجميع دلالات الظاهر على التكبير الجماعي:

الدليل الأول وما بعده:

1. قال الله تعالى:{ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } [البقرة :203 ] وقال ابن العربي المالكي :" لا خلاف أنّ المراد بالذِّكر هاهنا التكبير ".

2. وقد قال الله أيضا :{ فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا} [البقرة 200].

3. وقال الله أيضا :{ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)} [الحج: 28]،

4. وقال :{ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} .

ففي كل هذه الأدلة خطاب جمْعيّ للمؤمنين بذكر الله وتكبيره في هذه الأيام المعلومات، والظاهر منها الأمر بتكبير الله جميعا معا، كما في قوله تعالى: { وأقيموا الصلاة ...}، فإنما الأفضل أن يقيموها جماعة معا إن شاءوا، وكذلك الزكاة والحج وغير ذلك من العبادات الجماعية.

وعلى هذا الفهم سار السلف الصالح:

الدليل الخامس: خرجه الطبري في تفسيره عن ابن وهب قال: قال ابن زيد: كان ابن عباس يقول: حقٌّ على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبرِّوا الله حتى يفرغوا من عيدهم، لأن الله تعالى ذكره يقول :"ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم".

الدليل السادس: ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أفضل عند الله، ولا العمل فيهن أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير، فإنها أيام التهليل والتكبير وذكر الله "،

وهذا خطاب جمعي يقتضي معية التكبير كسابقه، فسّر ذلك السنن وفعل السلف:

دليل سابع: إظهار التكبير: خرجه الحاكم (4/256) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح  حدثني الليث بن سعد عن إسحاق بن بزرج عن زيد بن الحسن بن علي عن أبيه رضي الله عنهما قال :« أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد ، وأن نضحي بأسمن ما نجد ، البقرة عن سبعة والجزور عن عشرة، وأن نظهر التكبير وعلينا السكينة والوقار»، قال الحاكم:« لولا جهالة إسحاق بن بزرج لحكمتُ للحديث بالصحة»

ومع جهالته فقد اختُلف عنه، فرواه مطلب بن شعيب والفسوي وفهد بن سليمان ويحيى بن عثمان والبخاري في التاريخ عن عبد الله بن صالح عن إسحاق فجعله من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه، وابن بزرج لم يوثقه غير ابن حبان.

دليل أو الدليل الثامن: تزيين العيد بالتكبير: خرجه الطبراني في الكبير والصغير(1/357) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن وُهَيْبٍ الْغَزِّيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بن أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلانِيُّ َنَا بَقِيَّةُ بن الْوَلِيدِ ثَنَا عُمَرُ بن رَاشِدٍ الْيَمَامِيُّ ثَنَا أَبُو كَثِيرٍ يَزِيدُ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:"زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بِالتَّكْبِيرِ"، قال: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي كَثِير إِلا عُمَرُ، وَعَنْ عُمَرَ إِلا بَقِيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي السَّرِيّ"،

قال الهيثمي من باب التكبير في العيدين:"رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه عمر بن راشد ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وقال العجلي لا بأس بهِ"، وله متابعة:

قال أبو نعيم في الحلية (2/288) حدثنا محمد بن المظفر ثنا أبو رافع أسامة بن علي بن سعيد ثنا عبد الرحمن بن خالد بن نجيح ثنا علي بن الحسن ثنا سفيان الثورى عن أيوب بن أبي تميمة عن أبي قلابة، وسفيان عن حميد وعاصم الاحول عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" زينوا العيدين بالتهليل والتقديس والتحميد والتكبير "، قال: غريب من حديث الثوري وأبي قلابة وأيوب لم نكتبه إلا من حذيث علي بن الحسن وهو الشامي نزيل مصر تفرد به وبغيره عن الثوري"، والشامي هذا ضعيف جدا لا يحتج به.

الدليل التاسع: التكبير حتى يرتج المكان:

قال الطحاوي: وجدنا أبا أمية قد حدثنا قال: ثنا جعفر بن عون المخزومي ثم العمري أنا الأعمش عن تميم بن سلمة قال: خرج ابن الزبير يوم العيد، فلم يرهُم يكبرون، فقال :« ما لهم لا يكبرون؟ أما والله لئن فعلوا ذلك، لقد رأيتنا في عسكر ما يرى طرفاه، فيكبر الرجل، ويكبر الذي يليه حتى يرتج العسكر، وإن بينكم وبينهم كما بين الأرض السفلى إلى السماء الدنيا »، توبع أبو أمية : 

قال البيهقي في السنن (3/279) والمعرفة: اخبرنا أبو زكريا بن ابى اسحاق انبأ أبو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عبد الوهاب انبأ جعفر بن عون ثنا الاعمش عن تميم بن سلمة قال:" خرج ابن الزبير يوم النحر فلم يرهم يكبرون فقال ما لهم لا يكبرون اما والله فعلوا ذلك فقد رأيتنا في العسكر ما يرى طرفاه فيكبر الرجل فيكبر الذي يليه حتى يرتج العسكر تكبيرا، وإن بينكم وبينهم كما بين الارض السفلى إلى السماء العليا"،

الأثر العاشر: روى المروزي عن ميمون بن مهران قال: أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركِهم التكبير".

الدليل 11 : قال البيهقي في سننه (3/279) اخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن اسحاق الصغانى ثنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال :" كانوا في التكبير في الفطر أشد منهم في الأضحى"،

خرجه الحاكم في مستدركه والدارقطني في سننه قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ قَالَ: "كَانُوا فِى التَّكْبِيرِ فِى الْفِطْرِ أَشَدَّ مِنْهُمْ فِى الأَضْحَى"،

وهذا أثر حسن لسماع سفيان من عطاء قبل الإختلاط،

الدليل 12/ رواه أبو يوسف القاضي في الآثار: ثنا مطرف بن طريف عن أبي اسحق قال: اجتمع عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم على التكبير في دبر صلاة الغداة من يوم عرفة , فأما أصحاب ابن مسعود فإلى صلاة العصر من يوم النحر, وأما عمر وعلي رضي الله عنهما فإلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق",

الدليل 13: قال الطبراني في الاوسط (7/11) حدثنا محمد بن الحسن ثنا حبان بن هلال ثنا مطيع بن ميمون العنبري عن صفية بنت عصمة وهي أمه عن عائشة قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن خروج العواتق في العيدين؟ فقال:« يخرجن»، قيل: يا رسول الله إن لم يكن لها ثوب؟ قال:« تلبس ثوب صاحبتها، ألم تسمعي أن الله يقول: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم)»،

المبحث الثاني: تجميع دلالات المنطوق على التكبير الجماعي:

الدليل الأول: حديث أم عطية في تكبيرة النسوة مع الرجال:

خرجه البخاري 971 عن أم عطية قالت: «كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها، حتى نخرج الحيض، فيكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته ".

والباء في لغة العرب للاستعانة والمصاحبة معا، فكأن النساء يستعنّ على التكبير بتكبيرهن مع الرجال.

يؤيد المعية ما خرجه مسلم 890 عن أم عطية قالت: «كنا نؤمر بالخروج في العيدين، والمخبأة، والبكر»، قالت: «الحيض يخرجن فيكن خلف الناس، يكبرن مع الناس».

وهل هناك نص أوضح من هذا في المعية والموافقة في التكبير ؟!.

الدليل الثاني: وفيه تكبير الناس وراء الأئمة معا جميعا أيام العشر:

خرجه الفاكهي في أخبار مكة (3/9) من باب ذكر التكبير بمكة في أيام العشر وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر، حدثني إبراهيم بن يعقوب عن عفان بن مسلم ثنا سلام بن سليمان أبو المنذر القارئ ثنا حميد الأعرج عن مجاهد قال: «كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما يخرجان أيام العشر إلى السوق فيكبران ، فيكبر الناس معهما، لا يأتيان السوق إلا لذلك »,

هذا أثر حسن كل رجاله ثقات، وسلام قد وثقه ابن حبان وجعله من أهل الصدق ابن معين وأبو داود وأبو حاتم، أما الذي قال فيه ابن معين لا شئء فهو رجل آخر كما قال الذهبي في الميزان والخطيب في التاريخ،

وحميد بن قيس وثقه الأئمة وكذا ابن الجزري وابن حجر في اللسان،

ولهذا الحديث متابعة أخرى، وفي قوله :"فيكبر الناس معهما" دليل واضح صريح لمن له أدنى مسكة من عقل وفهم لكلام العرب، لوضوح دلالة المعية والتوحد في التكبير، حتى يصيرون على صوت رجل واحد،

الدليل الثالث: وجاء توحيد التكبير الجماعي الموحد عن عامة الصحابة بتكبير الإمام:

أحيانا يكبر الواحد ويكبر الناس خلفه معا، وأحيانا يكبرون معا، ولهم أن يكبروا فرادى إذا خلوْ، وكل ذلك سنة، الأفضل أن يُكبر الإمام ثم يكبر الناس خلفه بتكبيره تكبيرة رجل واحد:

قال أبو بكر: باب في التكبير أيام التشريق، حدثنا أبو أسامة عن مسكين أبي هريرة قال: سمعت مجاهدا وكبر رجل أيام العشر فقال مجاهد: أفلا رفع صوته فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر في المسجد فيرتج بها أهل المسجد، ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي حتى يبلغ الابطح فيرتج بها أهل الابطح، وإنما أصلها من رجل واحد"،

وإنما أدرك مجاهد كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكى عنهم ذلك.

والرجةُ هي المبالغة في اجتماع الأصوات كصوت رجل واحد كما مر من كلام الحافظ ابن حجر.

ويُستدل له بما رواه عطاء قال: " أدركت مائتين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد إذا قال الإمام: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7]، سمعت لهم رجة بآمين "، وإنما يؤمن الناس معا، فكذلك التكبير:

الدليل الرابع: وفيه تكبير الإمام ثم تكبير الناس خلفه وهكذا، حتى يصير تكبيرا واحدا معا: 

قال البخاري في الصحيح:" بَاب التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ, وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا ".

1. وقد وصله ابن المنذر في الأوسط حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا حماد عن عمرو بن دينار عن أبي نجيح أن عمر كان يكبر في الدار أيام التشريق, فيسمع أهل المسجد تكبيره فيكبرون، حتى يكبر أهل السوق، حتى يكبر أهل الجمار، حتى يكبر من بين الجبلين، حتى يكبر الناس أهل الطواف »، وبهذا يتوحد التكبير: 

2. قال ابن المنذر حدثنا سهل بن عمار ثنا محمد بن عبيد الله ثنا طلحة عن عبيد بن عمير قال :« كان عمر يكبر في قبته بمنى فيكبر أهل المسجد، فيكبر بتكبيرهم أهل منى، ويكبر بتكبيرهم أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا »، تابعه عطاء:

3. قال الفاكهي في أخبار مكة الفاكهي (4/ 258) حدثنا محمد بن أبي عمر ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن عبيد بن عمير قال إن عمر بن الخطاب بن رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى فيكبر أهل السوق بتكبيرة حتى ترتج منى تكبيرا"،

4. وخرجه مالك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ شَيْئًا فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ ثُمَّ خَرَجَ الثَّانِيَةَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ الثَّالِثَةَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ حَتَّى يَتَّصِلَ التَّكْبِيرُ وَيَبْلُغَ الْبَيْتَ فَيُعْلَمَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ خَرَجَ يَرْمِي"،

فبدأ التكبير من رجل واحد وهو الفاروق، ثم كبر من حوله بتكبيره حتى اتصل التكبير إلى الآفاق واتحد،

ووجه الدلالة في أمور:

أحدها في قوله :" حتى ترتج منى تكبيرا "، كما قال الحافظ ابن حجر :" هي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات"، وكذا قرر المقولة الشوكاني في النيل (3/388)،

يؤيد ما قالاه ما خرجه البيهقي والشافعي في الأم بإسناد صحيح عن عطاء قال:" أدركت مئتين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين سمعت لهم رجة بآمين"، وهل تكون الرجة بآمين إلا باجتماع الأصوات، واتصال التكبير معا فكذلك الأولى كما قال الحافظ,

والوجه الثاني: في قوله:" فيسمعه الناس فيكبرون ... "، وقوله :" حَتَّى يَتَّصِلَ التَّكْبِيرُ "، وهو صريح في المطلوب، وأنهم كانوا يكبرون بتكبير عمر حتى يتصل التكبير ويتحد .

والثالث: قوله :" يكبرون بتكبيره"، ف :" الباء في لغة العرب تكون للاستعانة، كما تكون للمصاحبة، فكأنهم كانوا يكبرون مستعينين بتكبير عمر، مصاحبين له في التكبير خلفه مباشرة معا، حتى صار تكبيرهم تكبيرا واحدا فتحدث بذلك الرجة ويتحد التكبير: 

والوجه الرابع: ورود التبكبير الموحد صريحا بدلالة المنطوق وهي أقوى الدلالات، فماذا يفعل التبديعيون بالبينات ؟! :

الدليل الخامس: وفيه توحيد التكبير من الجميع:

قال البيهقي في السنن (3/312): اخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن اسحق قال قال أبو عبيد فحدثني يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، فيسمعه أهل السوق فيكبرون، حتى ترتج منى تكبيرا واحدا ".

وقد خرجه أبو عبيد نفسه كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح :" قوله:" وكان عمر يكبر في قبته بمنى الخ ... ووصله أبو عبيد من وجه آخر بلفظ التعليق ومن طريقه البيهقي"،

وهو أثر صريح غاية في الصحة لاتفاق الحفاظ على أن رواية ابن جريج عن عطاء موصولة،

وقد أخبر ابن جريج عن نفسه أنه لا يدلس عن عطاء، كما أن ابن جريج أروى الناس عن عطاء وأوثقهم فيه، وهي أصرح رواية في التكبير الموحد وذلك في قوله:" حتى ترتج منى تكبيرا واحدا"،

وهي رواية صحيحة صريحة في الموافقة في التكبير الجماعي حتى يصير تكبيرا واحدا، وقد كان هذا التكبير المُوحّد بحضرة الصحابة جميعا لم ينكره أحد منهم، فكان إجماعا صريحا لا تحل مخالفته.

الدليل السادس: وفيه تكبير الناس بتكبير الإمام في المصلى إذا حضر:

قال الطبري حدثني المثني ثنا سويد بن نصر أنا ابن المبارك عن داود بن قيس سمعت زيد بن أسلم يقول :"ولتكبروا الله على ما هداكم"، قال: إذا رأى الهلال، فالتكبير من حين يَرى الهلال حتى ينصرف الإمام، في الطريق والمسجد، إلا أنه إذا حضر الإمامُ كفّ فلا يكبرِّ إلا بتكبيره "،

وقال ابن زيد: يَنبغي لهم إذا غَدوا إلى المصلَّى كبروا، فإذا جلسوا كبروا، فإذا جاء الإمام صَمتوا، فإذا كبر الإمام كبروا، ولا يكبرون إذا جاء الإمام إلا بتكبيره، حتى إذا فرغ وانقضت الصلاة فقد انقضى العيد ".

قال يونس: قال ابن وهب: قال عبد الرحمن بن زيد: والجماعةُ عندنا على أن يغدو بالتكبير إلى المصلَّى",

وقال ابن المنذر في الأوسط: وقد روينا عن زيد بن أسلم روايتين في معنى قوله: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) الآية، إحداهما: أن التكبير من حين يرى الهلال حتى ينصرف الإمام في الطريق والمسجد، إلا أنه إذا حضر الإمام كف، فلا يكبر إلا بتكبيره، والرواية الأخرى عن زيد أنه قال في هذه الآية: بلغنا أنه التكبير يوم الفطر"،

الدليل السابع: فيه الأمر بالتكبير بمصاحبة تكبير الأئمة:

قال البخاري في التاريخ من ترجمة باب بن عمير الحنفي، وقال حبان عن أبان بن يزيد قال ثنا يحيى بن ابى كثير عن زيد بن اسلم عن باب بن عمير قال النبي صلى الله عليه وسلم :" كبروا بتكبير أمرائكم ". 

هذا حديث صحيح إن كان باب بن عمير صحابي، وإلا فهو مرسل، فإن باب بن عمير ذكره العسكري في صغار الصحابة، بينما قال ابن حجر في الصحابة: باب فيمن ذكر في كتب الصحابة غلطا، وذكر منهم باب بن عمير ثم قال:" ذكره العسكري في فضل من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا"، قال ـ ابن حجرـ: وليست له رواية عن أحد من الصحابة وإنما روايته عند أبي داود عن بعض التابعين"،

لكن هذا الذي ذكره ابن حجر متأخر في الطبقة جدا، وذاك متقدم وثقه ابن حبان وذكر في الثقات أنه يروي عن أنس بن مالك، روى عنه يحيى بن أبى كثير والأوزاعي"،

ومما يؤكد أنهما رجلان متغايران قولُ ابن حبان بعد ذلك :" وليس  هو بجد عمرو بن عبيد"،

هذا أمر، والأمر الثاني أن باب بن عمير الذي ذكره ابن حجر متأخر في الطبقة كما مر، يروي عن التابعين وأتباعهم، ويروي عنه يحيى بن أبي كثير مباشرة، أما هذا فقد روى عنه يحيى بواسطة زيد بن أسلم، ثم إن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب متقدم جدا إذ هو من كبار التابعين وعامة ما يرويه عن الصحابة رضي الله عنهم، وقد مات سنة ست وثلاثين ومئة، وباب هذا قبل زيد بن أسلم لأنه شيخه في الحديث، فإما أن يكون من كبار التابعين وقد وثقه ابن حبان، وإما أن يكون من صغار الصحابة الذين أدخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم صبية غير مميزين كما قال العسكري والله أعلم، وعليه يكون هذا الحديث قويا جدا والله أعلم، خاصة مع شواهده الآنفة.

الأثر الثامن والتاسع: التكبير في الطريق والمصلى، ومع الإمام:  

قال الفريابي في كتابه أحكام العيدين باب من يكبر يوم العيد إذا غدا إلى المصلى في طريقه وإلى أن يوافي الإمام,..:  حدثنا تميم بن المنتصر أنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن الزهري قال: «كان الناس يكبرون من حين يخرجون من بيوتهم حتى يأتوا المصلى، حتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام سكتوا، فإذا كبر كبروا»،

9/ قال ابن المنذر: حدثنا موسى ثنا محمد بن عامر ثنا الحوطي ثنا يحيى بن سعيد العطار عن عتبة بن المنذر عن الحرب بن المنذر قال: رأيت أبا أمامة الباهلي وأبا رهم وناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكبرون يوم الفطر إذا خرجوا إلى الصلاة "، وقال الأوزاعي: كان الناس إذا خرجوا يوم الفطر إلى مخرجهم كبروا حتى يفرغوا من الصلاة ثم نسكوا ".

الدليل العاشر: وفيه أنّ ابن عمر كان لا يُكبر التكبير المقيد خلف الصلوات فردا إلا إذا كان في جماعة، مما يدل على استحباب ذلك في جماعة كما يفعلون الآن وهو الأفضل:

1. كما روى الحسن بن عرفة في جزئه حدثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر وعبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر «أنه كان في أيام التشريق إذا لم يصل في الجماعة، لم يكبر أيام التشريق »،

وفيه دليل على مشروعية التكبير الجماعي المقيد، وقد توبع اسماعيل:

خرج ذلك الطبراني في المعجم الكبير (12/268) من طريق الإمام أحمد ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن عمر بن نافع عن أبيه: أن ابن عمر كان إذا صلى وحده في أيام التشريق لم يكبر دبر الصلاة "،

ويُفهم منه استحباب التكبير إذا كان في جماعة، بل قد ورد ذلك منطوقا:

2. قال الفريابي في أحكام العيدين: ثنا أبو همام حدثني ابن وهب ني عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر أنه كان يجهر بالتكبير يوم الفطر إذا غدا إلى المصلى حتى يخرج الإمام فيكبر بتكبيره »،

وفيه دليل على استحباب التكبير الجماعي الموحد كهيأة واحدة خلف الإمام، فبأي نص أو حديث بعد هذا سيقتنع التبديعيون ويؤمنون؟!

الدليل 11: وفيه التكبير الجماعي على هيأة واحدة:

خرج مسلم (1284) عن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال :" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهلل, فاما نحن فنكبر, قال: قلت: والله لعجب منكم كيف لم تقولوا له ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع",

ومضى ما خرجاه في الصحيح (خ 1659، م 1258) من طريق محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة, كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:" كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه",

فافترق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرقتين، فرقة منهم تهلل، والأخرى تكبر الله بهيأة واحدة وهي هيأة تكبير النبي صلى الله عليه وسلم، والكل مشروع،

وفي قول ابن أبي سلمة لعبد الله: والله لعجب منكم كيف لم تقولوا له ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع", فقد سأل الخليفةُ عمرُ بن عبد العزيز الرواي عن ذلك، وأجابه بأن الكل سنة، وأن ذلك يكون بهيأة واحدة كما في :

الدليل الثاني عشر: في توحيد الهيأة في التكبير يوم عرفة وغيره: له طريقان:

1.خرجه ابن عبد البر في التمهيد (13/73) أخبرنا خلف بن سعيد قراءة مني عليه أن عبد الله بن محمد حدثهم قال: حدثنا أحمد بن خالد حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا القعنبي حدثنا يحيى بن عمير أن عمر بن عبد العزيز قال لعبيد الله بن عبد الله بن عمر: سألتَ أباك عن اختلاف الناس في التلبية ؟ فقال: أخبرني أبي أنه غدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى غداة عرفة حين صلى الصبح، قال: فلم تكن لي همة إلا أن أرمق الذي أراه يصنع، فسمعته يهلل ويكبر، والناس كهيأته يهللون ويكبرون ويلبون، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يسمع ذلك كله، فلم أره ينهى عن شيء من ذلك كله، ولزم التهليل والتكبير"،

وهذا حديث حسن صريح في اتحاد الهيئة، فوقد خرج ابن عبد البر بهذا الإسناد شيئا كثيرا من مسند الحافظ علي بن عبد العزيز البغوي ويحتج به، وقد أثنى على شيخه خلف بن سعيد، وقال عنه ابن بشكوال في الصلة: روى عنه أبو عمر بن عبد البر وأثنى عليه، وقال عياض:" خلف بن سعيد بن أحمد بن محمد الأزدي أبو القاسم إشبيلي. كان رجلاً صالحاً من الفضلاء الزهداء في الدنيا، منقبضاً قديم الخير، له رحلة حجّ فيها وتنسك وتقشّف، وكان فقيهاً مفتياً"، وقال الحميدي: كان من فقهاء إشبيلية وعبادها، قال: روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الحافظ وأثنى عليه"،

 وعبد الله بن محمد هو ابن علي الباجي المالكي المعروف، قال عنه الحميدي: وهو فقيه محدث مكثر جليل"، وهو راوي مسند علي بن عبد العزيز الحافظ، فقد قال الحميدي في المقتبس من ترجمته: أخبرنا الفقيه أبو عمر بن عبد البر، قال: أخبرنا خلف بن سعيد بن أحمد بمسند علي بن عبد العزيز، المنتخب عن أبي محمد الباجي، عن أحمد بن خالد، عن علي بن عبد العزيز"،

أما عن إسناد علي بن عبد العزيز البغوي صاحب المسند فهو حسن فإن يحيى بن عمير صدوق، فقد وثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال الذهبي: صدوق، وقد أدرك نافعا وسالما وهشام بن عروة وهذه الطبقة، فاتصل الحديث، له متابعة أخرى:

2. خرجها ابن عبد البر بعد هذه الأولى ثم قال: حدثنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو الأحوص عن أشعث عن أبيه وعلاج جميعا عن ابن عمر أنه لم يفتر من التهليل والتكبير حين دفع من عرفة حتى أتى المزدلفة فأذن وأقام، وذكر الحديث ".

وهو حديث صريح في التكبير الجماعي بهيأة موحدة بإقرار النبي عليه السلام وفعله، بل وأمر الناس بإظهاره، وتزيين العيد به، وتكبيرهم بتكبير الإمام:

الدليل 13: أثر ابن مسعود وأصحابه في التكبير الجماعي المقيد دبر الصلوات :

خرجه أبو بكر من باب كيف يكبر يوم عرفة (1/490)قال: حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال: كانوا يكبرون يوم عرفة وأحدهم مستقبل القبلة في دبر الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"،

الدليل 14: في التكبير المقيد: مضى عن عبد الله بن محمد بن ابي بكر بن عمرو بن حزم قال:" رأيت الائمة رضي الله عنهم يكبرون أيام التشريق بعد الصلاة ثلاثا"، وعن الحسن مثله".

الأثر الخامس عشر: قال البيهقي: وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال:" إن الأئمة كانوا يكبرون من صلاة الظهر يوم النحر يبتدئون بالتكبير كذلك إلى آخر ايام التشريق"،

وصله الفاكهي (4/227) عن ابن جريج قال عطاء:« كان الأئمة يكبرون خلف الصلوات بمنى أيام منى كلها قبل أن يقوم الإمام بمنى ، فأما بمكة فلا »،

وقد أخبر عطاء بأنه أدرك أكثر من مئتين من اصحاب محمد عليه السلام ، ولا يوجد لهم منكر.

الدليل الأخير: وفيه بيان من هم سلف المانعين من التكبير، وهو الحجاج الكذاب المبير، الذي منع الصحابة والتابعين من التكبير، فلما هلك رجع السلف للتكبير، وقد عهدنا عن السلفية العلمانية اتباع كل كذاب كبير، ومخالفة كل حق مبين.

خرج الفاكهي من باب ذكر التكبير بمكة في أيام العشر وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر، قال: حدثنا أبو بشر ثنا بشر بن عمر عن حماد بن سلمة عن ثابت قال:« كان الناس يكبرون أيام العشر حتى نهاهم الحجاج"، قال الفاكهي: والأمر بمكة على ذلك إلى اليوم، يكبر الناس في الأسواق في العشر",

فمن ذا يترك الاقتداء بالسلف الأخيار، والصحابة الأبرار، ليكون سلفه الحجاج المبير الجبار، والعلمانيون الأشرار، إلا كل خاسر مفتون، متهم في دينه غير مأبون، نسأل الله تعالى أن يميتنا على مذهب السلف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المبحث        الثالث: ذكر الآثار الواردة في التكبير عن التابعين:

قال البيهقي:" وروى الشافعي باسناده عن جماعة من التابعين انهم كانوا يكبرون ليلة الفطر في المسجد يجهرون به، وعن جماعة منهم جهرهم به عند الغدو إلى المصلى"، 

الأثر الأول: التكبير في العشر:

قال الفريابي في أحكام العيدين: ثنا إسحاق بن راهويه أنا جرير عن يزيد بن أبي زياد قال: رأيت سعيد بن جبير ومجاهدا وعبد الرحمن بن أبي ليلى أو اثنين من هؤلاء الثلاثة، ومن رأيْنا من فقهاء الناس يقولون في أيام العشر: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد",

الأثر الثاني: التكبير يوم الفطر وغيره:

قال الفريابي ثنا أبو همام ثنا أبو بكر بن عياش ثنا يزيد بن أبي زياد قال: خرجت مع عبد الرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن جبير يوم الفطر إلى الجبانة، فكانا يكبران ويأمران من حولهم أن يكبروا".

وقال الفريابي: ثنا قتيبة بن سعيد ثنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد قال: كان إبراهيم وعبد الرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن جبير إذا أتوا العيد كبروا في الطريق، فإذا بلغوا جلسوا، فلم يصلوا قبلها وصلوا بعدها",

الأثر الثالث: التكبير ليلة الفطر والجهر به، وفي الطريق:

قال الشافعي في الأم من باب التكبير ليلة الفطر أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرني صالح بن محمد بن زائدة أنه سمع سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبا سلمة بن عبد الرحمن وأبا بكر بن عبد الرحمن يكبرون ليلة الفطر في المسجد، يجهرون بالتكبير »،

قال الشافعي: أنا إبراهيم حدثنى صالح بن محمد بن زائدة عن عروة بن الزبير وأبى سلمة بن عبد الرحمن أنهما كانا يجهران بالتكبير حين يغدوان إلى المصلى".

الأثر الرابع: إظهار التكبير:

قال الفريابي في كتابه أحكام العيدين: حدثني عمرو بن عثمان ثنا الوليد عن ابن أبي ذئب عن الزهري  قال :« أظهروا التكبير يوم الفطر؛ فإنه يوم تكبير»:

الأثر الخامس: التكبير عند الخروج إلى المصلى، ثم التكبير مع الإمام:

قال الفريابي ثنا تميم بن المنتصر أنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن الزهري قال: « كان الناس يكبرون من حين يخرجون من بيوتهم حتى يأتوا المصلى، حتى يخرج الإمام ، فإذا خرج الإمام سكتوا ، فإذا كبر كبروا ». 

الأثر السادس: التكبير جهرا مع الناس:

قال الفريابي ثنا أبو همام ثنا جرير قال:« رأيت عبد الله بن الحسن وجعفر بن محمد يكبران يوم العيد، وعبد الله قد علا صوته أصوات الناس »

الأثر السابع : قال أبو بكر الفريابي سمعت عثمان بن أبي شيبة قال: قال جرير: لم أسمع من جعفر بن محمد شيئا، إلا أني رأيته وعبد الله بن الحسن يكبران يوم العيد، وقد علت أصواتهما أصوات الناس".

الأثر الثامن: قال الفريابي في أحكام العيدين: حدثني صفوان بن صالح ثنا الوليد قال: سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين، قالا: نعم، كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام»،

الأثر التاسع: الدعاء ليلة العيد:

قال الشافعي في الأم من باب العبادة ليلة العيدين أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرون على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العيد فيدعون ويذكرون الله حتى تمضى ساعة من الليل، وبلغنا أن عمر كان يحيى ليلة جمع وليلة جمع هي ليلة العيد لان صبيحتها النحر،

قال الشافعي: وأنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا ". ... يتبع في التالي:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المبحث الرابع: كلام أهل الفقه والحديث في التكبير الجماعي:

المطلب الأول: قول الشافعي وأهل مكة:

قال الشافعي في الأم (1/241ـ257):"يكبر الناس في الفطر حين تغيب الشمس ليلة الفطر فرادى وجماعة في كل حال حتى يخرج الامام لصلاة العيد ثم يقطعون التكبير، قال:" ويكبر الحاج خلف صلاة الظهر من يوم النحر إلى أن يصلوا الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطعون التكبير إذا كبروا خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ويكبر إمامهم خلف الصلوات فيكبرون معا ومتفرقين ليلا ونهارا وفى كل هذه الاحوال , قال: ويكبر الناس في الآفاق والحضر والسفر كذلك، ومن يحضر منهم الجماعة ولم يحضرها والحائض والجنب وغير المتوضئ في الساعات من الليل والنهار، قال:" ويكبر الامام ومن خلفه خلف الصلوات ثلاث تكبيرات وأكثر وإن ترك ذلك الامام كبر من خلفه، ويكبر أهل الآفاق كما يكبر أهل منى ولا يخالفونهم في ذلك إلا في أن يتقدموهم بالتكبير،...قال الشافعي:" ويكبر الامام خلف الصلوات ما لم يقم من مجلسه فإذا قام من مجلسه لم يكن عليه أن يعود إلى مجلسه فيكبر وأحب أن يكبر ماشيا كما هو أو في مجلس إن صار إلى غير مجلسه، قال: ولا يدع من خلفه التكبير بتبكيره ولا يدعونه إن ترك التكبير 

قال الشافعي:" ويكبر إمامهم خلف الصلوات فيكبرون معا ومتفرقين, ليلا ونهارا وفي كل هذه الأحوال...ثم قال:" ويكبر الناس في الآفاق والحضر والسفر كذلك ومن يحضر منهم الجماعة ولم يحضرها .. قال الشافعي:" ويكبر الإمام ومن خلفه خلف الصلوات ثلاث تكبيرات وأكثر وإن ترك ذلك الإمام كبر من خلفه"،

. وقال الإمام الشافعي رحمه الله: فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: "ولتكملوا عدة شهر رمضان ولتكبروا الله عند إكماله على ما هداكم وإكماله مغيب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان، فإذا رأوا هلال شهر شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى، وأحب أن يكبر الناس خلف صلاة المغرب والعشاء والصبح وبين ذلك وغاديا حتى ينتهي إلى المصلى..."،

وكذلك نقله ابن المنذر عن الإمام الشافعي وقال -الشافعي-:"... إذا رأى هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى في المسجد والأسواق والطرق والمنازل، مقيمين ومسافرين، وفي كل حال، وأين كانوا، وأن يظهروا التكبير ولا يزالون يكبرون حتى يغدوا إلى المصلي، وبعد الغدو حتى يخرج الإمام للصلاة ثم يدعوا التكبير، وكذا أحب في ليلة الأضحى لمن لم يحج

وقال البيهقي في فضائل الاوقات... قال الشافعي أنبأنا إبراهيم بن محمد قال: رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرون على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العيدين فيدعون ويذكرون الله حتى تذهب ساعة من الليل،  

وما نقله الشافعي من تكبير جماعي نقله كذلك ابن عيينة والفاكهي وغيرهم:

. قال البيهقي في سننه (3/279):"وروى الشافعي بإسناده عن جماعة من التابعين أنهم كانوا يكبرون ليلة الفطر في المسجد يجهرون به، وعن جماعة منهم جهرهم به عند الغدو إلى المصلى"، 

. وقال الفاكهي في أخبار مكة (3/9) حدثنا محمد بن أبي عمر ثنا سفيان في قوله تعالى:( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) قال:" نرجوا أن يكون التكبير ليلة الفطر، وزعم المكيون أنهم رأوا مشايخهم يكبرون ليلة الفطر إلى خروج الإمام يوم العيد ويظهرون التكبير ويرونه سنة"، قال: وهم على ذلك اليوم

المذهب الثاني: قول المالكية وأهل المدينة:

قال الإمام مالك في موطئه من باب التكبير أيام التشريق (ر 1204)، ثم خرج حديث عمر بن الخطاب :" خرج الغد من يوم النحر بمنى حين ارتفع النهار شيئا، فكبر , وكبر الناس بتكبيره، ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع الضحى، فكبر، وكبر الناس بتكبيره، ثم خرج الثالثة من يومه ذلك حين زاغت الشمس , فكبر، وكبر الناس بتكبيره، حتى بلغ تكبيرهم البيت"،

ثم قال مالك شارحا للحديث :" الأمر عندنا ان التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات، وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر، وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع التكبير،

قال مالك:" والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء من كان في جماعة أو وحده بمنى أو بالآفاق كلها واجب، وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج وبالناس بمنى لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل فأما من لم يكن حاجا فإنه لا يأتم بهم الا في تكبير أيام التشريق"،

وهذا أصرح نقل عن هذا الإمام في المعية في التكبير مع الإمام، والإقتداء به في ذلك، ومالك إنما كان يأخذ ذلك عمن أدركه من أهل المدينة، وقد سبق النقل عن شيخه الزهري أنه أدرك الناس على ذلك، وهو قول سائر المالكية في كتبهم .

ها وقد عدّ بعض المتأخرين من أصحاب مالك عد التكبير الجماعي بدعة حسنة، كما قال عمر عن صلاة التراويح، فمن قول ابن أبي زيد في رسالته: "وَلْيَذْكُر اللَّهَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى جَهْرًا حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى الْإِمَامُ وَالنَّاسُ كَذَلِكَ فَإِذَا دَخَلَ الْإِمَامُ لِلصَّلَاةِ قَطَعُوا ذَلِكَ"، قال شارحه أحْمَدُ بْنُ غُنَيْمِ بْنِ سَالِمٍ النَّفْرَاوِيُّ في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني:" وَيُكَبِّرُ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ فِي الطَّرِيقِ وَفِي الْمُصَلَّى، وَلَا يُكَبِّرُونَ جَمَاعَةً؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ, قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نَاجِي: افْتَرَقَ النَّاسُ بِالْقَيْرَوَانِ فِرْقَتَيْنِ بِمَحْضَرِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَإِذَا فَرَغَتْ إحْدَاهُمَا مِنْ التَّكْبِيرِ وَسَكَتَتْ أَجَابَتْ الْأُخْرَى، فَسُئِلَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا: إنَّهُ لَحَسَنٌ، ثُمَّ قَالَ: قُلْت وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ النَّاسِ عِنْدَنَا عَلَى ذَلِكَ بِأَفْرِيقِيَّةِ بِمَحْضَرِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَكَابِرِ الشُّيُوخِ ا هـ قال أحْمَدُ بْنُ غُنَيْمِ :" وَلَا يَشْكُلُ عَلَى اسْتِحْسَانِهِمَا فِعْلَهُ جَمَاعَةٌ كَوْنُ ذَلِكَ بِدْعَةً؛ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ قَدْ تَكُونُ حَسَنَةً", وكذا قال أبوالحسن المالكي في شرحه، وفي حاشية الصاوي قوله: «و أما التكبير جماعة و هم جالسون في المصلى فهذا هو الذي استحسن"، قال ابن ناجي: افترق الناس بالقيروان فرقتين بمحضر أبي عمرو الفارسي وأبي بكر بن عبد الرحمن, فإذا فرغت إحداهما من التكبير كبرت الأخرى فسئلا عن ذلك ؟ فقالا: إنه لحسن"، و عليه العمل عند المالكية.

كما نص الإمام مالك على التكبير الجماعي مع الإمام في خطبة العيد، فقال الباجي في المنتقى من كتاب العيد:" مَسْأَلَةٌ  هَل ْيُكَبِّرُ النَّاسُ مَعَهُ إِذَا كَبَّرَ فِي خُطْبَتِهِ؟ قَالَ مَالِكٌ: يُكَبِّرُونَ مَعَهُ، وَمَنَعَ مِنْهُ الْمُغِيرَةُ"، قال:" وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ وَلِأَنَّ التَّكْبِيرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَشْرُوعٌ لِلْكَافَّةِ فَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ كَانَ ذَلِكَ اسْتِدْعَاءً لَهُ مِنْ النَّاسِ"، وَوَجْهُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ شُرُوعَ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ يَمْنَعُ الْكَلَامَ وَيُوجِبُ الْإِنْصَات".

وبمثل قول مالكٍ قال البخاري في الصحيح: باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة... وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْر،ِ وَكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ"، وهذا نص في المعية والائتمام بالإمام في التكبير، قال ابن حجر في الفتح:" وَظَاهِرُ اِخْتِيَارِ الْبُخَارِيِّ شُمُولُ ذَلِكَ لِلْجَمِيعِ، وَالْآثَارُ الَّتِي ذَكَرَهَا تسَاعِدُهُ".

المطلب الثالث: قول الحنابلة:

قال أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن رافع يقول: كنت مع أحمد – بن حنبل- وإسحاق عند عبد الرزاق، فجاءنا يوم الفطر، فخرجنا مع عبد الرزاق إلى المصلى، ومعنا ناس كثير، فلما رجعنا، دعانا عبد الرزاق إلى الغداء، ثم قال لأحمد وإسحاق: رأيت اليوم منكما عجبا، لم تكبرا، فقال أحمد وإسحاق: يا أبا بكر، كنا ننتظر هل تكبر، فنكبر، فلما رأيناك لم تكبر أمسكنا، قال: وأنا كنت أنظر إليكما، هل تكبران فأُكبر"،

. ومر ما قيل لأحمد: بأي شيء تذهبُ إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟، قال: بالإجماع عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم ".

وقال ابن رجب الحنبلي في الفتح:" في هذا الحديث دليل على أن إظهار التكبير للرجال مشروع في يوم العيد، ولولا إظهاره من الرجال لما كبر النساء خلفهم بتكبيرهم، وإظهار التكبير يكون في حال انتظار الإمام قبل خروجه، قال:" وهذا مما يستدل به على أن التكبير لا ينقطع ببلوغ المصلى كما هو قول طائفة، ويكون في حال تكبير الإمام في خطبته؛ فإن الناس يكبرون معه، كما كانَ ابن عمر يجيب الإمام بالتكبير إذا كبر على المنبر، وكان عطاء يأمر بذلك بقدر ما يسمعون أنفسهم، خرجه الجوزجاني"،

قال: لا خلاف في أن النساء يكبرن مع الرجال تبعاً ...".

"، ومن حديث أم عطية قالت:كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها، وحتى نخرج الحيض، فيكن خلف الناس، فيكبرون بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم ، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته"، قال ابن رجب الحنبلي في الفتح:"في هذا الحديث دليل على أن إظهار التكبير للرجال مشروع في يوم العيد، ولولا إظهاره من الرجال لما كبر النساء خلفهم بتكبيرهم،وإظهار التكبير يكون في حال انتظار الإمام قبل خروجه، قال:" وهذا مما يستدل به على أن التكبير لا ينقطع ببلوغ المصلى كما هو قول طائفة، ويكون في حال تكبير الإمام في خطبته ؛ فإن الناس يكبرون معه ، كما كانَ ابن عمر يجيب الإمام بالتكبير إذا كبر على المنبر، وكان عطاء يأمر بذلك بقدر ما يسمعون أنفسهم، خرجه الجوزجاني"،

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المبحث الخامس: بيان اختلاف السلف في بعض المواطن مما يدل على صحة الإجماع في غيرها:

المطلب الأول: اختلاف السلف في جهر النساء بالتكبير مع الرجال: 

وهل تكبر النساء التكبير الجماعي وتجهرن به أم لا؟ وهل تكبرن التكبير المقيد؟

بعد اتفاقهم على استحباب تكبيرهن بمفردهن أو مع النسوة، أو مع الرجال لكن تبعا:  

قال ابن رجب في الفتح شارحا حديث أم عطية:" لا خلاف في أن النساء يكبرن مع الرجال تبعاً، إذا صلين معهم جماعة، ولكن المرأة تخفض صوتها بالتكبير"،

وقال ابن المنذر: اختلف أهل العلم في تكبير النساء في أيام التشريق، فقالت طائفة: ليس على النساء تكبير أيام التشريق، كذلك قال الحسن البصري.

وقال سفيان الثوري: ليس على النساء تكبير في أيام التشريق إلا في جماعة، واستحسن أحمد قول الثوري،

وقال النعمان أبو حنيفة: وليس على جماعات النساء إذا صلين وليس معهم رجل يكبر،

وقالت طائفة: تكبر النساء أيام التشريق، هذا قول مالك والشافعي وأبي ثور وأبي يوسف ومحمد، وكان النخعي يحب للنساء أن يكبرن دبر الصلاة أيام التشريق.

وقال ابن قدامة في المغني: فَصْلٌ: وَالْمُسَافِرُونَ كَالْمُقِيمِينَ فِيمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ فِي الْجَمَاعَةِ، وَفِي تَكْبِيرِهِنَّ فِي الِانْفِرَادِ رِوَايَتَانِ كَالرِّجَالِ"،

يؤيد المعية في ذلك ما مضى عن أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ:" كُنَّا نُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْمُخَبَّأَةُ وَالْبِكْرُ، قَالَتْ: الْحُيَّضُ يَخْرُجْنَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ يُكَبِّرْنَ مَعَ النَّاسِ"، وفيه دليل على تكبير النساء مع الرجال.

وقال البخاري أيضا في الصحيح:" وكن النساء يكبرن خلف ابان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد"،

المطلب الثاني: اختلاف السلف في التكبير المقيد دبر الصلاة للمسبوق: 

اختلف السلف فيه: هل ينتظر حتى يكبر مع إمامه ثم يقوم ليقضي، أم يقضي أوّلا ثم يكبر، مما يدل أن التكبير هو جماعي مع الإمام:

1/ فقال عبد الرزاق في مصنفه (2/323) باب إذا اجتمع السهو والتكبير في أيام التشريق (يعني ماذا يفعل؟) قال عبد الرزاق عن الثوري عن هشام قال: اختلف الحسن وابن سيرين في رجل يفوته بعض الصلاة مع الإمام في أيام التشريق، فقال الحسن: يكبر مع الإمام إذا كبر ثم يقوم فيقضي ما فاته، وقال ابن سيرين: يقوم فيقضي فإذا فرغ من صلاته كبر بعد، قال:" وأحب إلى سفيان قول ابن سيرين قال يقوم فيقضي"،

وقال ابن المنذر: اختلف أهل العلم في الوقت الذي يكبر من فاته بعض الصلاة،

فقالت طائفة: يقضي ثم يكبر، كذلك قال ابن سيرين والشعبي وابن شبرمة ومالك وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي.

وقالت طائفة: يكبر ويقضي، هذا قول الحسن البصري، وروي ذلك عن عطاء .

وفيه قول ثالث وهو: أن يكبر ثم يقضي ثم يكبر، روي هذا القول عن مجاهد ومكحول"،

وإنما يكبر الناس معًا بتكبير الإمام :

المطلب الثالث: هل التكبير مقيد بالتكبير الجماعي مع الإمام جماعة فقط، أم يصح التكبير الفردي للفذ:

1/ فذهبت طائفة إلى ترك التكبير إلا إذا كبر مع الإمام جماعة:

وقد يستدلون بخبر منكر، لكنه حجة عليهم لأنه قد روي عن ابن عباس إنكار التكبير في المصلى فقط إن لم يكبر معهم الإمام، وهذا يدل على عنده على استحباب التكبير الجماعي مع الإمام فقط:

قال الطحاوي في مشكل الآثار قال:" فقال قائل: قد روي عن عبد الله بن عباس ما يخالف ما في هذه الآثار فذكر ما قد حدثنا بكار بن قتيبة حدثنا أبو عامر العقدي ثنا ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس قال: كنت أقود ابن عباس إلى المصلى، فيسمع الناس يكبرون، فيقول: ما شأن الناس، أيكبر الإمام؟ فأقول: لا، فيقول: أمجانين الناس ؟ »،

قيل له: هذا خبر منكر، آفته شعبة، فقد قال عنه ابن حبان: يروى عن ابن عباس مالا أصل له كأنه ابن عباس آخر، ونقل عن مالك قوله: لم يكن بثقة، وكذا نقل البخاري من ترجمته، ثم هو مخالف لما رواه الجمع من الثقات في تكبير ابن عباس فردا وجماعة كما مضى.

2/ وذهب عبد الله بن عمر إلى ترك التكبير المقيد إلا إذا كان يصلي في جماعة، فيكبر مع الإمام، وقد مضت الأدلة عنه.

3/ وذهب جمهور السلف والخلف إلى جواز التكبير الفردي، واتفقوا على أن الجماعي مع الإمام أفضل منه.

  

 

               وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

               وكتبه أبو عيسى الطاهر الزياني الجزائري

تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله
    راجع هذا التخريج وكلامك على هططذا السند فقد اختلط عليكم بعض رجال هذا السند منهم العباس بن الوليد والراوي عنه.
    خرج روايته البيهقي في فضائل الأوقات أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ حدثنا عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري حدثنا العباس بن الوليد الرملي حدثنا يحيى بن عيسى الرملي به، وهو حديث حسن مقارب:
    أبو علي هو الحافظ المشهور، والدينورى هو الحافظ الرحال، أثنى عليه ابن عدي وقال :" كان يعرف ويحفظ "، ثم قال: سمعت عمر بن سهل يعرف بابن كدو يرميه بالكذب ويصرح به"، وعمر بن سهل هذا أظنه ابن اسماعيل الحافظ أحد تلاميذ الدينوري، وإنما اتهمه بالكذب لأنه كان يدلس تدليس التسوية، لا أنه يكذب، وإنما أتى الطعن فيه من قبل الكذابين:

    ردحذف
    الردود
    1. الدينوري حافظ نقلت الكلام فيه، والعباس بن الوليد ثقة، وإن كان لديك شيء آخر فأخبرنا وبارك الله فيك

      حذف
  2. https://www.youtube.com/watch?v=-mBKeyv_Epw

    ردحذف
  3. https://www.youtube.com/watch?v=-mBKeyv_Epw

    ردحذف

إرسال تعليق

https://draft.blogger.com/blog/posts/3654001511298507959

المأثور في القراءة في القبور، وعلى المقبور

البرهان في استحباب القراءة الجماعية للقرآن ، تأليف: الطاهر زياني

الشهب في استحباب حمل العصا في الخطب "، تأليف الطاهر زياني

النُّبذة، في أحكام العصائر والأنبذة "، تأليف: الطاهر زياني

الفرق بين الندبة المشروعة، والاستغاثة الممنوعة: الطاهر زياني

فتح المجيد في أدلة أقسام التوحيد كتابة: الطاهر زياني

المنار، في زكاة الفطر والمال والدينار، والزروع والثمار، وحسابها بالتدقيق في العصر الحديث الكاتب: الطاهر زياني

جمع الأخبار، في بقاء الجنة وزوال النار

الترويح في عدد صلاة التروايح كتابة: الطاهر زياني