أحكام دم الحيض والنفاس والاستحاضة والفروق بينها تأليف: الطاهر زياني

              أحكام دم الحيض والنفاس والاستحاضة

 

                        كتابة : الطاهر زياني

                     

وقف لله: لا أسمح بالسرقة العلمية، إلا النقل عنه بتوثيق المصدر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    

 بسم الله وبعد: 

فهذا مبحث مهمّ للمسلم والمسلمة حول أحكام الحيض وأحواله لأن المسلمة تحتاجه في الصلاة والصيام والحج اتفاقا، مع الخلاف في مس المصحف وقراءته، وسجود التلاوة والشكر ودخول المساجد، كما يحتاجه الجنسان في أحكام الجماع والطلاق والعِدّة بمعرفة الثلاثة قروء ...

ولذلك يتعين على المسلم معرفة أحكام الحيض والنفاس وحالاتهما.

ما هو الفرق بين دم الحيض والنفاس ودم الاستحاضة، ودم المخاض أي الحُبلى (الحامل) ؟

أي الدماء تمنع من العبادات المذكورة..؟

ما هي علامات الطُّهر؟ هل هي الجفاف والقصة البيضاء فقط كما هو قول الجمهور؟ أم كذلك بالصفرة والكدرة كما هو مذهب ابن حزم ...

متى تصلي المرأة وتصوم ومتى لا تفعل، وكيف تغتسل؟

متى يحل لزوجها جماعها أو طلاقها؟ ومتى لا يحل ذلك ؟ 

كل هذا وغيره سنعرفه بعون الله تعالى في المسائل التالية:

المطلب الأول: مفهوم دم الحيض والنفاس والاستحاضة والمخاض، والفرق بينهما:

المطلب الثاني: أكثر مدة الحيض والنفاس وأقله:

المسألة الأولى: مدة الحيض، أقله وأكثره: ضص-

المسألة الثانية: مدة دم النفاس (أقله وأكثره): 

المطلب الثالث: أحوال النساء في الحيض، وأحكامهن:

الحالة 1: المرأة الصحيحة الحيض، المتميزة الدم:

الحالة 2: الامرأة التي لها أقراء وعادة سابقة معروفة مطردة، ولم تستطع التمييز:

الحالة 3/ المرأة المتقطعة الدم لمدة طويلة أثناء عادتها ومدة حيضها، وربما بعدها:

الحالة 4: المرأة المضطربة العادة، أو المبتدئة التي ليس لها عادة من قبل، ولا استطاعت أن تميز الدم:

المطلب الرابع: علامات الطهر، وأحواله:

المسألة الأولى: علامات الطهر والحيض:

العلامة الأولى: انقطاع الدم وجفاف المحل:

العلامة الثانية:  القصة البيضاء،

العلامة الثالثة: الصُّفرة والكدرة الترابية والحمرة:

المسألة الثانية: أحوال رؤية علامات الطهر والحيض:

الحالة الأولى: رؤية الجفاف أو الصفرة والكدرة البنية الترابية، أو القصة البيضاء زمن الطهر المعتاد:

الحالة الثانية: رؤية ذلك أثناء مدة الحيض المعتادة، أو إلى سبعة أيام، للمضطربة أو المنقطعة:

الحالة الثالثة: رؤية الكدرة أو الصفرة، أو القصة بعد مدة زمن الحيض المعتادة أو بعد انقطاع الدم ومرور زمنه:

المطلب الخامس: صفة الغسل من الحيض ومن الجنابة:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المطلب الأول: مفهوم دم الحيض والنفاس والاستحاضة والمخاض، والفرق بينهما:

1. الحيض: هو الدم الثخين القاتم النتن الذي يُخرجه الرحم إلى فرج المرأة الصحيحة البالغة مدة معينة كل شهر، ويغلب عليه عدم التجلط(التجمد) إلا في حالة الاضطراب أو المرض.

وقد اختلف العلماء في مدة الحيض، ما هو أقله وما أكثره كما سيأتي؟

فقيل: أقله دَفعة واحدة ثم ينقطع، والعبرة فيه برؤية علامات الطهر الآتية.

وقيل: أقله يوم،

وقيل: أقله ثلاثة أيام.

وأما أكثره للمرأة العادية الصحيحة الحيض المميزة له: فقيل: عشرة أيام، وقيل: إلى خمسة عشر يوما، وقيل سبعة عشر.

وأما المرأة المضطربة الحيض والمستحاضة والغير المميزة: فنفس الأقوال: إضافة إلى القول بأنها تعمل بمتوسط حيض النسوة وهي ستة أو سبعة أيام، ثم هي بعد ذلك طاهر على ما سنبين.

 ويلتحق بدم الحيضِ:

2. دم النفاس: وهو الذي يخرج بعد كل ولادة، ويمتد من دفعة إلى أربعين يوما، وقيل: لستين يوما ..

واختلفوا في:

3. وأما دم الاستحاضة: فهو الدم الفاتر الذي يدفعه عرق (العازل) حتى يخرج من فرج المرأة، بسبب مرض أو علة أو اضطراب في الدورة، بلا رائحة بيد أنه يتجلط (يتجمد).  

وهو دم نجس، يُنقض الوضوء فقط، وأما المرأة به: فهي طاهر، يجوز طلاقها أو جماعها، كما أنها تصوم وتصلي، لكن تتوضأ لكل صلاة وجوبا، وتغتسل وتجمع بين الصلاتين استحبابا فقط، بعد أن تلبس المِعبأة، وهي خرقة الحائض.   

صح عن عائشة قالت: "استحيضت فاطمة بنت أبي حبيش فسألت النبي صلى الله عليه وسلم: قالت يا رسول الله: إني أستحاض فلا أطهر, فأدع الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق وليست بالحيضة, فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك أثر الدم وتوضئي وصلي، فإنما ذلك عرق وليست بالحيضة".

وخرج أبو داود 287 والترمذي 128 عن ابن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش فقلت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصوم. فقال: «أنعت لك الكرسف، فإنه يذهب الدم». قالت: هو أكثر من ذلك. قال: «فاتخذي ثوبا». فقالت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر، وإن قويت عليهما فأنت أعلم». قال لها: «إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت، واستنقأت فصلي ثلاثا وعشرين ليلة أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها وصومي، فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء، وكما يطهرن، ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك». قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهذا أعجب الأمرين إلي»، صححه الترمذي والبخاري..

4. وأما دم المخاض: فهو الذي يخرج أثناء الحمل، قبيل الولادة قليلا،

وفيه اختلاف:

القول1/ ليس بحيض عند الجمهور من الحنفية والحنابلة والظاهرية وقول الأطباء، بل هو أشبه بدم الاستحاضة، أو هو مجرد دم نجس تتزر منه المرأة، وتتوضأ وتصلي وتصوم،

ولذلك كان النبي عليه السلام يأمر بالاستبراء والعدة، وانتقال العدة في الحمل من الحيض إلى الولادة اتفاقا. 

ولحديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " مره فليراجعها، ثم يطلقها، وهي طاهر أو حامل ".

قال أحمد بن حنبل: فأقام الطهر مقام الحمل "،

قال ابن المنذر في الأوسط :" ذكر الحامل ترى الدم اختلف أهل العلم في الحامل ترى الدم فقالت طائفة: لا تدع الصلاة كذلك قال عطاء وابن المسيب والحسن وحماد والحكم وجابر بن زيد ومحمد بن المنكدر وعكرمة والشعبي ومكحول والزهري وسفيان الثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور وأبو عبيد والنعمان ويعقوب...".

ثم خرج هو وغيره عن مطر وسليمان بن موسى عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت: " إذا رأت الحامل الصفرة توضأت وصلت، وإذا رأت الدم اغتسلت وصلت ولا تدع الصلاة على كل حال "

وروي عن عائشة خلاف ذلك كما في:

القول2/ قد تحيض الحامل: وبالتالي لا تصلي ولا تصوم... وهو قول مالك والليث والشافعي وإسحاق.

قال ابن المنذر 822 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ثنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة والليث بن سعد عن بكير بن عبد الله عن أم علقمة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سئلت عن الحامل ترى الدم أتصلي ؟ قالت: لا تصلي حتى يذهب الدم " قال: وقال مالك والليث مثله "، وفيه أم علقمة مجهولة.

وروى عنها إسحاق عن زكريا بن عدي عن عبد الله بن عمر وهو ضعيف عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: " إذا رأت الحامل الدم تكف عن الصلاة ".

ورواه حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال: لا يختلف عندنا عن عائشة رضي الله عنها في " أن الحامل إذا رأت الدم أنها تمسك عن الصلاة حتى تطهر "،

وأنكر الأول عنها، مع أن الأول أولى.

والأرجح: أن المرأة به طاهر، تغسله وتتوضأ منه وتصلي، وتصوم... والطلاق به سني، ولا يكون حيضا حتى تلد المرأة. لقوله عليه السلام لعمر في تطليق ابنه عبد الله:" مره فليطلقها طاهرا أو حاملا "، وطلاق الحائض حرام اتفاقا.          

ومن ههنا نعلم بأن دم الحيض والنفاس فقط هما من موانع العبادة والطلاق والجماع، فمتى رأتهما المرأة قطعت العبادة مباشرةً ولو بقي منها زمن يسير، ثم تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة اتفاقا، ويحرم أثناءهما تطليق المرأة...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المطلب الثاني: أكثر مدة الحيض والنفاس وأقله:

لا إشكال في المرأة الصحيحة الحيض المتميزة الدم، فإنها تعمل بتمييزها كما سنبين، بحيث تترك العبادة أيام حيضتها وسيلان دمها المعروف، مهما كانت أيامها...

فإن رأت أحد علامات الطهر بعد حيضتها فهي طاهر... كما سيأتي. 

وإنما الإشكال في النسوة التاليات:

1/ المستحاضة

2/ المرأة التي لا تميز دمها، أو المضطربة العادة ... أو المبتدئة التي ليس لها عادة معروفة سابقة.

3/ المرأة التي ينقطع دمها لمدة طويلة أثناء عادتها ومدة حيضها، حتى تعتقد بأنها طهرت، ثم قد يسيل دمها،   

هل تعمل بمسألة أقل الحيض أو أكثره ؟. 

أم تعمل بأصل متوسط مدة حيض النسوة، وهو: ستة أو سبعة أيام... 

المسألة الأولى: مدة الحيض، أقله وأكثره:

أما الحيض ففي مدته اختلاف على ثلاثة أقوال:

القول 1/ ذهب جماعة إلى أن أقله ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام، ثم تطهر عشرين يوما إلى ستة أو سبعة عشرين يوما: وهو قول العراقيين.

قال البغوي: "يُروى ذلك عن أنس، وبه قال الحسن، وهو قول الثوري وأصحاب الرأي وهو الأقوى".

وبالتالي يكون عندهم أدنى مدة الطهر بين الحيضتين هي عشرون يوما وأقصاها سبعة وعشرون ...

وعليه فالمميزة:

أ: إذا انقطع دمها قبل ثلاثة أيام فهي في حكم الحائض حتى تمر عليها الثلاثة أيام ولا بد ...،

ب: ومن ازدادت حيضتها على عشرة أيام فهي طاهر تصلي وتصوم ... ولا بد.  

ج: وأما المتقطعة الدم أو من حاضت مرتين في الشهر: كأن تحيض في أوله ثلاثة أيام ثم تطهر، ثم ترى الدم مرة أخرى في آخره،

فإن راجعها الدم أثناء وقبل العشرة أيام فهو تابع للحيضة الأولى...

وإن راجعها الدم بعد العشرة، أي أثناء العشرين يوما فهو طهر واستحاضة،

وإن راجعها الحيض بعد العشرين فهي حيضة أخرى... 

وقد استدل هؤلاء بعدة أدلة نبتدئ بأضعفها إلى أقواها:

دليل أول: قال الطبراني في الأوسط  8311 - حدثنا موسى بن زكريا نا عمرو بن الحصين نا محمد بن عبد الله بن علاثة نا عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الحائض تنظر ما بينها وبين عشر فإن رأت الطهر فهي طاهر وإن جاوزت العشرة فهي مستحاضة تغتسل وتصلي فإن غلبها الدم احتشت واستثفرت وتوضأت لكل صلاة وتنتظر النفساء ما بينها وبين أربعين ليلة فإن رأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر وإن جاوزت الأربعين فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي فإن غلبها الدم احتشت واسثفرت وتوضأت لكل صلاة "،

قال الهيثمي:" وفيه عمر بن الحصين، وهو ضعيف". قيل متروك، وكذلك ابن علاثة.

دليل ثاني: حديث مكحول، قيل عن أبي أمامة، وقيل عن واثلة وكلاهما صحابي:

1/ خرجه الدارقطني 845 من طرق عن حسان بن إبراهيم الكرماني أنا عبد الملك عن العلاء قال: سمعت مكحولا يقول عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «لا يكون الحيض للجارية والثيب التي قد أيست من الحيض أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من عشرة أيام، فإذا رأت الدم فوق عشرة أيام فهي مستحاضة فما زاد على أيام أقرائها قضت, ودم الحيض أسود خاثر تعلوه حمرة, ودم المستحاضة أصفر رقيق فإن غلبها فلتحتشي كرسفا, فإن غلبها فلتعليها بأخرى , فإن غلبها في الصلاة فلا تقطع الصلاة وإن قطر».

قال: لا يثبت، وعبد الملك هذا رجل مجهول، والعلاء هو ابن كثير وهو ضعيف الحديث، ومكحول لم يسمع من أبي أمامة شيئا".

واختلف في صحابيه على مكحول، لكن الاختلاف في تعيين الصحابي لا يضر، لأنهم كلهم عدول، فتكون هذه الرواية مقوبة للتالية: 

2/ فقال الدارقطني 847 - حدثنا أبو حامد محمد بن هارون نا محمد بن أحمد بن أنس الشامي ثنا حماد بن المنهال البصري عن محمد بن راشد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام».

قال: ابن منهال مجهول، ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف ".  

الدليل الثالث: وفيه أن أقل مدة الحيض ثلاثة أيام، ولم يتعرض لأكثره، وهو أصح حديث في التعيين:

خرجه الطحاوي في مشكله (7/152) وابن خزيمة في الصحيح 1000 والترمذي 2613 وحسنه، وابن أبي عاصم في السنة وغيرهم من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فوعظهم، ثم قال: «يا معشر النساء، إنكن أكثر أهل النار» ، فقالت امرأة جزلة: وبم ذاك؟ قال: «بكثرة اللعن، وكفركن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذوي الألباب وذوي الرأي منكن» قالت امرأة: ما نقصان عقولنا وديننا؟ قال: «شهادة امرأتين منكن بشهادة رجل، ونقصان دينكن الحيضة، تمكث إحداكن الثلاث أو الأربع لا تصلي»

تفرد به الداروردي وهو صدوق،

قال الطحاوي:" ولا نعلم شيئا روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقدار قليل الحيض غير ما ذكرنا , فكان هذا مما قد دل على مقداره وأنه أيام وليال وأوجب القول به وترك خلافه، والله نسأله التوفيق". 

لكن رواه الثقات إما مطلقا أو بلفظ:" تمكث إحداكن ما شاء الله أو كذك وكذا"، من غير عدّ مذكور.. والله اعلم.

ثم تأملنا في الروايات فوجدنا أنها لا تدخل في باب زيادة الثقة، بل هي أحاديث منفصلة، فكانت إجابات النبي عليه السلام في قصة واحدة تحت أسئلة مختلفة، أو في قصص مختلفة لنسوة مختلفة، فصح هذا الحديث.

1/ فقد رواه الدارودري كما مر بأن السائلة هي امرأة من النسوة في جمع من الحضور.

2/ وخرجه ابن حبان 818 عن  شعبة عن الحكم قال: سمعت ذرا يحدث عن وائل بن مهانة عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء: "تصدقن فإنكن أكثر أهل النار". قالت امرأة ليست من علية النساء: قيل: وما نقصان عقلها ودينها؟ قال: شهادة امرأتين بشهادة رجل، وأما نقصان دينها فإنه يأتي على إحداهن كذا وكذا من يوم لا تصلي فيه صلاة واحدة ". وورد أن ذلك من كلام ابن مسعود.

فذكره بلفظ مبهم:" كذا وكذا"، مما يبين أن الراوي شك أو نسي عدم الأيام بالضبط، فرواه بالمعنى، وقد حفظه الداروردي.

وما ورد من روايات أخرى فلا تعارضه بل تؤيده، لأنه ورد في بعض الروايات:" تمكث إحداكن الليالي"، وفي بعضها:" الأيام"، وأقل الجمع في اللغة هو ثلاثة.  

3/ فقد رواه عمرو بن أبي عمرو وهو صدوق بأن السائلة هي امرأة ابن مسعود وبعد الخطبة بمدة، حيث ذهبت إلى النبي عليه السلام تسأله في بيته عن التصدق على زوجها فقال لها :" أما ما ذكرت من نقصان دينكن فالحيضة التي تصيبكن تمكث إحداكن ما شاء الله ان تمكث لا تصلي ولا تصوم فذاك من نقصان دينكن ".

روى ذلك جمع عن عمرو بن أبي عمرو وهو صدوق مثل الدارودردي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام به.

4/ وخرجه مسلم والبخاري 304 عن زيد بن أسلم عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء... فقلن-النساء- أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم» قلن: بلى، قال: «فذلك من نقصان دينها»،

فهذا صحابي آخر، ولا يهم أهو نفس العيد والقصة، أم هو عيد آخر، فقد عيّد النبي عليه السلام مع أصحابه عدة أعياد، وبين هنا أن السائل هن النسوة أثناء الخطبة.

5/ وخرجه مسلم عن صحابي آخر 132 عن ابن الهاد عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا معشر النساء، تصدقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار» فقالت امرأة منهن جزلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن» قالت: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: " أما نقصان العقل: فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين ".

وأقل الجمع في كلمة الليالي أو الأيام هو: ثلاثة، وبهذا القول قال جمع من الصحابة: 

أثر رابع: قال الدارقطني 805 - حدثنا يزداد بن عبد الرحمن حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا خالد بن حيان الرقي عن هارون بن زياد القشيري عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال:  «الحيض ثلاث وأربع وخمس وست وسبع وثمان وتسع وعشر, فإن زاد فهي مستحاضة».

قال: لم يروه عن الأعمش بهذا الإسناد غير هارون بن زياد وهو ضعيف الحديث , وليس لهذا الحديث عند الكوفيين أصل عن الأعمش والله أعلم ".

أثر أو الأثر الخامس: وهو موقوف من قول الصحابي فقط، وفيه لين:

1/ قال أبو يعلى (الزوائد 173) - حدثنا أبو همام حدثنا عبد الأعلى حدثنا جلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك قال: لتنتظر الحائض خمسا سبعا ثمانيا تسعا عشرا، فإذا أمضت العشر فهي مستحاضة".

تابعه هشام بن حسان وسعيد وسفيان وغيرهم عن الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس قال:  «الحائض تنتظر ثلاثة أيام أو أربعة أو خمسة إلى عشرة أيام، فإذا جاوزت عشرة أيام فهي مستحاضة وتغتسل وتصلي»

فيه الجلد لا يُحتج به منفردا، لكن يُستشهد به متابعا، كما قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به"، وقد توبع:

2/ قال الدارقطنيّ في سننه 811 - حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد نا عبد الله بن شبيب ثنا إبراهيم بن المنذر عن إسماعيل بن داود عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن ثابت عن أنس قال: «هي حائض فيما بينها وبين عشرة , فإذا زادت فهي مستحاضة»، لكن فيه إسماعيل بن داود ضعيف جدا.

3/ ورواه عبد السلام عن الربيع بن صبيح عمّن سمع أنسا يقول:  «لا يكون الحيض أكثر من عشرة»، فيه هذا المبهم، وهو ثابت أو معاوية: 

قال ابن التركماني: الاظهر أنه معاوية بن قرة، لأنه هو الذى روى ذلك عن أنس، وما عرض به بعضهم من أن الربيع أخذه عن الجلد توهُّمٌ بعيد، لأن الجلد لم يسمع من أنس بل رواه عن معاوية عنه ".

الأثر السادس: قال الدارقطني 815 - حدثنا الحسين بن إسماعيل ثنا خلاد بن أسلم نا محمد بن فضيل عن أشعث عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال:  «لا تكون المرأة مستحاضة في يوم ولا يومين ولا ثلاثة أيام حتى تبلغ عشرة أيام , فإذا بلغت عشرة أيام كانت مستحاضة»، توبع أشعث:

قال الدارقطني 816 - حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا يحيى بن أبي طالب نا عبد الوهاب أنا هشام بن حسان عن الحسن أن عثمان بن أبي العاص الثقفي قال: « الحائض إذا جاوزت عشرة أيام فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي ».

قال البيهقي:" لا بأس باسناده، ووافقه ابن التركماني ". 

وهذا أقوى الأقوال لورود الأدلة بذلك، إما صراحة بذكر الثلاث كما في رواية الداروردي، وإما بذكر لفظ الأيام أو الليالي، بلفظ الجمع، وقد مر أن أقله ثلاثة، وأما أكثره فعشرة لأنها ثلث الشهر، وقد بينت الكثير من السنن أن الثلث كثير، وهو أكثر شيء...

إضافة لأخبار النبي عليه السلام بأن المبتدئة أو مضطربة العدة تترك الصلاة والصوم ستة أو سبعة أيام، وهو العدد الوسط بين ثلاث وعشر كما سيأتي.    

وعليه: فمن رأت علامات الطهر قبل ثلاث فهي في حكم الحائض حتى تمر عليها ثلاثة أيام، لأن الثلاثة هي أقل الجمع الموجود في بقية الروايات.

ومن رأت العلامات بعد ثلاث فهي طاهر.

ومن لم ترها فهي حائض حتى تمر عليها عشرة أيام وهي ثلث الشهر والثلث كثير.

القول2/ ذهب جماعة إلى أن أقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر، وبالتالي يكون أقصى الطهر خمسة عشر يوما أيضا:

قال البغوي: يروى ذلك عن علي، وهو قول عطاء بن أبي رباح، وبه قال الأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق.

وعليه: فمن رأت علامات الطهر كالجفاف والقصة بعد مرور يوم فهي طاهر عندهم.

ومن لم ترها فهي حائض إلى نصف شهر.

وبالتالي يكون عندهم أقصى مدة الطهر بين الحيضتين هي خمسة عشر يوما...

فمن حاضت مرتين في الشهر، كأن تحيض في أوله يومين أو ثلاثة أيام ثم تطهر، ثم تحيض مرة أخرى في آخره،

فإن راجعها الحيض أثناء الخمسة عشر يوما بعد طهرها فهو ظهر واستحاضة، وإن راجعها الحيض بعد الخمسة عشر من طهرها فهي حائض...

واستدلوا بما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:" تَمْكُث إِحدَاكنّ شَطْرَ دَهْرِهَا لا تُصَلِّي".

لكن قال ابن حجر في التمييز:" لا أصل له بهذا اللفظ. قال الحافظ أبو عبد الله ابن منده. فيما حكاه ابن دقيق العيد في الإمام عنه: ذكر بعضهم هذا الحديث، ولا يثبت بوجه من الوجوه.

وقال البَيهقيّ في "المعرفة: هذا الحديث يذكره بعض فقهائنا، وقد طلبته كثيرا فلم أجده في شيء من كتب الحديث، ولم أجد له إسنادا.

وقال ابن الجوزي في "التحقيق": هذا لفظ يذكره أصحابنا، ولا أعرفه.

وقال الشيخ أبو إسحاق في "المهذب" لم أجده بهذا اللفظ إلا في كتب الفقهاء.

وقال النووي في "شرحه: باطل لا يعرف. وقال في "الخلاصة": باطل لا أصل له. وقال المنذري: لم يوجد له إسناد بحال ".

القول 3/ لا حدّ لأقلّه وإنما هي دَفعة ولو واحدة، وهو قول المالكية وابن حزم وابن تيمية... ثم اختلفوا في أكثره:

فقال بعضٌ منهم: وكذلك لا حدّ لأكثره أيضا، وإنما العبرة برؤية علامات الطهر، لأنه عندهم لا يصح في الباب شيء.

والمشهور من المذهب المالكي: أن أكثره خمسة عشر يوما.

القول 4/ المختلطة الحيض أو المضطربته أو المبتدئة هي حائض إلى ستة أو سبعة أيام على الأكثر، واختلفوا في أكثر الحيض للمميزة وفي أقله كما سبق، هل هو دفعة أم يوم أم ثلاث.

أما الانتهاء بسبع للمختلطة أو المبتدئة فلأنه عادة عامة النساء، والعبرة بالأغلب.

لما خرج أبو داود 287 والترمذي 128 عن ابن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة ...وفيه: « فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت، واستنقأت فصلي ثلاثا وعشرين ليلة أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها وصومي، فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء، وكما يطهرن، ميقات حيضهن وطهرهن...»، صححه الترمذي والبخاري..

تخريج المسألة:

بناءً على ما سبق نقول:

إذا شاهدت المرأةُ الدمَ لمرة واحدة ثم انقطع عنها وجف أو رأت علامات الطُّهر،

. فهي طاهر عند المالكية وابن حزم وابن تيمية...

. بينما هي حائض عند الشافعية والحنابلة حتى يمر عليها يوم كامل ولا بدّ، ثم تطهر برؤية العلامات.

فإن لم تر العلامات فهي حائض إلى خمسة عشر يوما عندهم وعند المالكية...

. وأما على القول الراجح كما عند الحنفية فهي حائض طيلة ثلاثة أيام ولو رأت العلامات، فإن رأت العلامات بعد ثلاثة أيام فهي طاهر.

فإن لم تر العلامات بعد ثلاث، فهل نعمل بقول الحنفية أنها حائض حتى تمر عليها عشرة أيام فتطهر.

أم نعمل بالتفصيل الموجود في أحوال النسوة كما في مختلف الأحاديث كما سيأتي.

1/ فأما المميزة والمستحاضة المميزة، فإنها تبني على تمييزها، مع العلم بأن اقل الحيض ثلاثة أيام كما سبق ولو رأت علامات الطهر، ويمكن أن يستمر معها الحيض في حالة التمييز إلى عشرة أيام كحد أقصى عند الحنفية، وما رأته بعد ذلك فهو من الطُّهر...  

2/ وأما من لها عادة سابقة ثم اضطربت أو استحاضت فإنها تبني على عادتها السابقة، فإن كانت عادتها السابقة مثلا سبعة أيام، فإنها حائض تلك الأيام، ثم تغتسل وتصلي وتصوم .. مهما رأت.

ولا نقول هنا: تعمل بأكثر مدة الحيض إلى عشر ... بل تبني على عادتها السابقة لا غير. 

3/ وأما المبتدئة والمضطربة إن لم تميز ولا لها عادة سابقة مطردة: فإنها تعمل إما بمسألة البناء على عادة أكثر النسوة كما في حديث فاطمة:" تحيضين في علم الله ستة أيام أو سبعة". وهو الراجح.

وإما أنها تعمل بمسألة أكثر الحيض فتترك العبادة إلى عشرة أيام ثم تطهر ..   

4/ وأما المنقطعة الدم: فهي التي تحيض ثم ينقطع عنها الدم لمدة:

فإن شاهدت علامات الطهر قبل الثلاث فهي في حكم الحائض.

وإن شاهدته بعد الثلاث فهي طاهر.

فإن راجعها الدم بعد انتهاء مدة أكثر الحيض وهي عشرة أيام، فهو دم طهر واستحاضة...

ولا يزال دم طهر طيلة مدة الطهر بين الحيضتين، أي حتى تحيض مرة أخرى،

وأقصى مدة الطهر ستة أو سبعة وعشرون يوما، وأدناها عشرون يوما، فكل ما رأته خلال هذا الطهر فهو تابع للطهر.

وأما من طهرت ثم راجعها الدم أثناء مدة العادة إلى عشرة أيام فهو دم تابع للحيض الأول.  

لكن كيف تفعل مع الأيام التي صلتها أو صامتها؟

ذكر العلماء بأنها تلقف أيام الدم، وتلغي أيام الطهر، فتصير حائضا إلى انتهاء مدة أكثر الحيض، وهي إما عشرة، أو خمسة عشر يوما ... كما أسلفنا، فإذا انتهت المدة طهرت، فما رأت بعدها من شيء فهي مستحاضة طاهر..

وعند من يقول بالتفصيل في أحوال الحيض:

فإن المميزة تصير بهذه الحالة غير مميزة، بل تلتحق بالمضطربة العادة.

فإن كان لها عادة سابقة، كثمانية أيام مثلا، فما عاودها من دم بعد الثمانية فهو طهر.

وما عاودها من دم قبل الثمانية فهو حيض.

وأما من ليس لها عادة معروفة مطّردة: فعند الحنفية وغيرهم تعمل بمدة أكثر الحيض.. وهي عشرة أيام.  

والأولى أنها تعتمد على ما ورد في الحديث من حيض غالب النسوة:" ستة أو سبعة أيام"، فما عاودها قبل السبع فهو حيض، وما عاودها يعد السبع فهو طهر واستحاضة... 

قال خليل في المتقطعة إذا عاودها الدم أثناء العادة:" وإن تقطع طهر لفقت أيام الدم فقط على تفصيلها, ثم هي مستحاضة, وتغتسل كلما انقطع الدم, وتصوم, وتصلي, وتوطأ.

قال الخرشي: يعني أن المرأة إذا أتاها الحيض في وقته, وانقطع بعد يوم أو يومين, أو ساعة, وأتاها بعد ذلك قبل طهر تام, فإنها تلفق أيام الدم بعضها إلى بعض على تفصيلها السابق, فإن كانت معتادة فتلفق عادتها واستظهارها ".

وفي المواق: من المدونة إذا رأت الطهر يومًا والدم يومًا أو يومين, واختلط هكذا, لفقت من أيام الدم عدة أيامها التي كانت تحيض, وألغت أيام الطهر, ثم تستظهر بثلاثة أيام، فإن اختلط عليها الدم في أيام الاستظهار أيضًا لفقت ثلاثة أيام من أيام الدم هكذا، ثم تغتسل وتصير مستحاضة بعد ذلك ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المسألة الثانية: مدة دم النفاس (أقله وأكثره): 

أما النفاس فأقله دَفعة، وأكثره أربعين يوما عند الجمهور، وستون يوما عند عطاء والشعبي والشافعي.

والأربعون أقوى، لأنه مناسب لتكوين الجنين في بطنِ أمِّه في أربعينَ يوماً، ثم يكونُ علقةً أربعين يوما، ثم يكونُ مُضغةً مثلَ ذلكَ، وفي الباب أدلة:

الدليل الأول: صح عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما، أو أربعين ليلة، فكانت إحدانا تطلي الورس على وجهها من الكلف»

دليل ثاني: قال الدارقطني: 852 - ثنا يزداد بن عبد الرحمن ثنا أبو سعيد الأشج ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن سلام بن سلم عن حميد عن أنس قال: قال صلى الله عليه وسلم:  «وقت النفاس أربعون يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك».

قال: لم يروه عن حميد غير سلام هذا, وهو سلام الطويل وهو ضعيف الحديث".

الدليل الثالث: رواه أشعث عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص أنه كان يقول لنسائه:  «لا تشوفن لي دون الأربعين ولا تجاوزن الأربعين», يعني في النفاس ".

ويترتب على هذا مسائل:

1/ من رأت علامات الطهر قبل الأربعين فهي طاهر لأن أقل الدم عند العامة دفعة .

2/ من طهرت قبل الأربعين ثم صلت وصامت، ثم رأت الدم قبل تمام تلك الأربعين، فهو دم تابع للنفاس لا حيض ولا استحاضة، لأن المدة لم تنته بعد، وأما صيامها الأول وصلاتها فصحيحان.

3/ من استمر دمها بعد الأربعين فهو دم استحاضة لأنها طاهرة عند الجماهير، فتعتسل عند الأربعين، ثم تصلي تصوم ولو سال الدم عند الجمهور، خلافا للشافعي.

4/ إذا طهرت وقد مضت عليها الأربعون وصلت وصامت، ثم رأت الدم الداكن بعد أيام، فهو دم حيض مستأنف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المطلب الثالث: أحوال النساء في الحيض، وأحكامهن:

زعم بعض الناس بأن أحاديثَ الحيضِ مضطربة مختلفة، وإنما هي صحيحة، كل حديثٍ منها يتكلم على حالة من حالات النسوة في الحيض كما هو مذهب الجماهير، وإليكم بيان حالاتها:

الحالة 1: المرأة الصحيحة الحيض، المتميزة الدم:

ذلك أن دم الحيض المانع من العبادةِ دمٌ أحمر داكن يميل إلى السواد، يُخرجه الرحم إلى فرج المرأة الصحيحة البالغة مدة معينة كل شهر، ثم ترى علامات طهرها المعروفة ومن أبرزها الجفاف ... وبالتالي تصير بها طاهرة ...

فهذه أدنى مدة حيضها ثلاثة أيام، وأقصى ما تحيض النسوة الصحيحات عشرة أيام كما أسلفنا من قول العراقيين. 

وإن طرأ عليها شيء آخر كالاستحاضة: فقد بينا أن دمها هو الدم الفاتر الذي يخرج من العِرْق إلى فرج المرأة بسبب مرض أو علة أو اضطراب في الدورة.

والمرأة به طاهر مستحاضة، لها أحكام الطاهر، فمن ميّزت دمها عملت بذلك التمييز، ولا علاقة لها بمسألة أقل الحيض أو أكثره إلا إذا طال كما أسلفنا:

لما خرج الحاكم (1/281) وصححه، وابن حبان في صحيحه (1348) ابن أبي عدي ثنا محمد بن عمرو عن ابن شهاب عن عروة [عن عائشة] أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ دم الحيض دم أسود يُعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي".

وخرجه أبو داود (286) والحاكم (1/281) -وصححه الذهبي- عن ابن أبي عدي ثنا محمد بن عمرو ثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي، فإنما هو عرق»

قال أبو داود: وقد روى أنس بن سيرين عن ابن عباس في المستحاضة قال: «إذا رأت الدم البحراني فلا تصلي، وإذا رأت الطهر ولو ساعة فلتغتسل وتصلي»

وقال مكحول: «إن النساء لا تخفى عليهن الحيضة إن دمها أسود غليظ، فإذا ذهب ذلك وصارت صفرة رقيقة، فإنها مستحاضة فلتغتسل ولتصل».

فأمر النبي عليه السلام أن يقولوا لفاطمة بالإمساك عن العبادة إذا ميزت الدم، فالحيض هو الداكن، وغيره استحاضة،

وقد استدل ابن حزم وغيره بهذا الحديث على أن أن الكدرة البُنّية والصفرة والقُصّة والدم الأحمر كلها من علامات الطهر كما سيأتي،

وحمله غيره على حالة المستحاضة فقط، وأما غيرها، فقد فسرت أم المؤمنين عائشة وغيرها على أن الكدرة أثناء الحيض ليست بشيء، حتى ترى المرأة الجفاف أو القصة البيضاء كما سيأتي:

2/ خرج أبو داود (296) عن سهيل عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسماء بنت عميس قالت: قلت: يا رسول الله، إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت - منذ كذا وكذا - فلم تصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله، إن هذا من الشيطان، لِتجلس في مركن، فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا، وتغتسل للفجر غسلا واحدا، وتتوضأ فيما بين ذلك»

وفيه دليل لابن حزم على أن الصفرة بعد الحيض من علامات الطهر كما سيأتي... لكنه محمول على المستحاضة فقط كما بينا.

3/ وخرج الطبراني في الكبير: ح11514عن شريك عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن للحائض دفعات، ولِدَم الحيض ريحا ليس لغيره، فإذا ذهب قرء الحيض، فلتغتسل إحداكن، ثم لتغسل عنها الدم»

قال الهيثمي:" رواه الطبراني في الكبير، وفيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، وهو ضعيف، وقال ابن عدي: وهو ممن يكتب حديثه".

ففيه ضعف يحتاج إلى دعامة.

فإذا استمرّ الدّم ولم يتميز فقد أُمِرت بأن تبني على عادتها القديمة كما في:  

الحالة 2: الامرأة التي لها أقراء وعادة سابقة معروفة مطردة، ولم تستطع التمييز:

فهذه إن اضطربت حيضتها أو استحاضت أو تقطع دمها..، فإنها تبني على عادتها المعروفة ولو كانت مرة واحدة سابقة على الصحيح من قول المالكية والجمهور، خلافا للحنابلة الجاعلين العادةَ حتى تحيض ثلاث مرات سابقة.

وقد مر أن الأرجح أن تعمل هذه المرأة عند الاضطراب أو الاستحاضة بالبناء على عادتها السابقة ولو كانت مرة واحدة.

وذهب آخرون إلى أنها تترك العبادة طيلة مدة الحيض وأكثره الممتدة إلى عشرٍ، أو خمسة عشر يوما كما مر.

والأول أولى وأصح: بحيث تدع الصلاة والصوم تلك الأيام المعروفة السابقة، ثم ما زاد عنها مهما كان من دم أو كدرة أو صفرة فهو طهر واستحاضة، تشتثفر في فرجها، ثم تتوضأ للصلاة وتصوم...:

1/ لما روى أحمد (6/320) وإسحاق وأبو داود 274) وغيرهم عن مالك في الموطإ وعبيد الله... عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة: " أن امرأة استحيضت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن، وقدرها من الشهر، فإذا طغت ذلك فلتغتسل ولتصلي»

لفظ أبي داود :" أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ثم لتصل فيه»

ورواه أيوب السختياني عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألتْ لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: «لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهور فلتترك الصلاة لذلك, فإذا خلفت ذلك فلتغسل ولتتوضأ ولتستدفر ثم تصلي».

وفي لفظ «تدع الصلاة قدر أقرائها ثم تغتسل وتصلي» .

وفي لفظ :" فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة , فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي».  

وفي لفظ :" «ذري الصلاة أيام حيضتك , ثم اغتسلي وتوضئي عند كل صلاة، وإن قطر الدم على الحصير ".

3/ وفي لفظ لعائشة قال لها عليه السلام: «قولي لها فلتدع الصلاة في كل شهر أيام قرئها ثم لتغتسل في كل يوم غسلا واحدا ثم الطهور بعد لكل صلاة , ولتنظف ولتحتشي فإنما هو داء عرض أو ركضة من الشيطان أو عرق انقطع»

ثم إن المرأة سألت بنفسها النبيَّ عليه السلام، لأن دمها كان شديد التدفق، مما يدل أن الحديث صحيح بكل أوجهه، لا مضطرب، ومما يؤكد على تتابع الأسئلة:

4/ ما رواه الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش فقالت: إني امرأة أستحاض فلا أطهر , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «اجتنبي الصلاة أيام حيضتك، ثم اغتسلي وصومي وصلي [وإن قطر الدم على الحصير»]، فقالت: إني أستحاض فلا ينقطع الدم عني قال: «إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبل الحيض فدعي الصلاة، فإذا أدبر فاغتسلي وصلي»،

فسألت عن الحالتين،

5/ وأخرج ابن حبان (1355) من طريق أبي عوانة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المستحاضة، فقال: "تدع الصلاة أيامها، ثم تغتسل غسلا واحدا، ثم تتوضأ عند كل صلاة".

وأما المرأة التي لم تميز دمها، ولا عرفت عادتها القديمة، أو كانت مضطربة أو متقطعة الدم بأمد، فبيانها في:

الحالة 3/ المرأة المتقطعة الدم لمدة طويلة أثناء عادتها ومدة حيضها، وربما بعدها:

بحيث تعتقد بأنها قد طهرت، ثم يسيل دمها،

ولا يخلو ذلك، إما أن ينقطع عنها الدم ثم يرجع أثناء عادتها المعروفة، أو بعدها.

أ: فإن كان يرجع بعد انتهاء العادة المعروفة، فليست حائضا، بل تصلي وتصوم وتُطلق...كما سبق.

ب: وإن كان يرجع قبل انتهاء عادتها، أو عادة النسوة غالبا: فإنها تبني على عادتها القديمة، فيكون حيضا.

وأما المبتدئة أو المضطربة ممن ليست لديها عادة معروفة:

1. فإنها تجتهد في التمييز بين الدماء، فإن كان الذي تراه دمَ الحيض الداكن النتن المعروف الذي لا يتجلط، فإنه حيض، وتلتحق بالحالة الأولى السابقة حتى يمر عليها سبعة أيام على الأرجح فتطهر.

وكذلك إن كانت ترى التريّة الترابية البنية أو الصفرة: فالأوْلى ألحاقها بالدم الأسود، خاصة أثناء الحيضة، لأمر عائشة بعدم التعجل بعد الحيضة حتى ترى القصة البيضاء.

وأما إن رأت القصة البيضاء فهما من علامات الطهر عند المالكية وطوائف السلف.        

2. وأن لم تستطع التمييز: فقد مر أن الأرجح أن تعمل بمدة مثيلاتها من غالب  النسوة كما في الحديث:" ستة أيام أو سبعة"، فما رأت أثناءها أو عادودها أثناءها فهو حيض، وما رأت بعد ذلط فهو طهر حتى تأتي الحيضة التالية والتي أدناها عشرون يوما، وأقصاها ستة أو سبعة وعشرون يوما كما أسلفنا.

الحالة 4: المرأة المضطربة العادة، أو المبتدئة التي ليس لها عادة من قبل، ولا استطاعت أن تميز الدم:

فهذه :

1. هل ينطبق عليها مسألة أقل الحيض وأكثره كما سبق في المطلب الثاني:" بيان أكثر مدة الحيض والنفاس وأقله".

أما أقله: فقيل هو إما دفعة، أو يوم، أو ثلاثة أيام،

وأما أكثره فهو عشرة أو خمسة عشر... ؟ بحيث تبني على الحيض طيلة مدة الحيض الممتدة إلى عشرة أيام كما بينا.

2. أم تبني على عادة مثيلاتها، كأخواتها وأقاربها على قولٍ؟

أو تعتمد على عادة غالب النسوة فيما ذكره عنهن النبي عليه السلام:" ستة أيام أو سبعة"، على  التنويع بين النسوة على الأرجح.

بحيث تعمل هنا بالوسط بين الثلاثة والعشرة ؟ وكأنه الأرجح:

كما أنه معدل متوسط الحيض (أي من بين ثلاث أيام إلى عشر)،

قالوا: فإذا انقضت سبعة أيام: طهرت، تصوم، وتغتسل وتصلي...، مهما رأت، لأنه استحاضة لا حيض: 

لما خرجه ابن ماجه (627) وغيره عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش أنها استحيضت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني استحضت حيضة منكرة شديدة، قال لها: «احتشي كرسفا» قالت له: إنه أشد من ذلك، إني أثج ثجا، قال: «تلجمي، وتحيضي في كل شهر في علم الله ستة أيام، أو سبعة أيام، ثم اغتسلي غسلا، فصلي، وصومي ثلاثة وعشرين، أو أربعة وعشرين، [وكذلك فاصنعي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن] وأخري الظهر، وقدمي العصر، واغتسلي لهما غسلا، وأخري المغرب وعجلي العشاء، واغتسلي لهما غسلا، وهذا أحب الأمرين إلي ».

ابن عقيل صدوق، والحديث به حسن كما قال البخاري، وصححه الترمذي. 

وهذه الستة أيام أو السبعة المذكورة في الحديث، هي المعدل الوسط ما بين مدة أقل الحيض أي ثلاثة أيام، وأكثره وهو عشرة أيام، إذ من النساء من تحيض ثلاثا، ومنهن أربعا أو خمسا وأغلبهن ستا أو سبعا، إلى عشر، وما زاد عن عشر أو نقص عن ثلاث فهو شاذ نادر، لا يقاس عليه، وإنما يبدأ تناقص عدد أيام الحيض إلى ثلاثة ونحوها في المرأة التي بدأت تكبر، وبدأ زمن يأسها وانقطاع الحيض عنها تماما.

فمن لم تعرف شيئا عن عادتها، فتختار العدد الوسط بين ذلك وهو ست أو سبع،

4. ثم إن أيَّ امرأة في أي حالة، رأت علامات الطهر عملت بها: 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المطلب الرابع: علامات الطهر وأحواله :

المسألة الأولى: علامات الطهر والحيض:

يعتبر بلوغ الأجل للمرأة التي لها عادة سابقة... من أهم مؤشرات طهر المرأة أو حيضها، بحيث يكون يوم طهرها المعتاد، هو الذي تبحث فيه عن العلامات التالية:

العلامة الأولى: انقطاع الدم وجفاف المحل:

وهي محل اتفاق بين العلماء، لكنهم اختلفوا في المدة التي ينبغي أن يتوقف الدم فيها بحيث لا يتجاوزها هل هي خمسة عشر يوما كما هو قول المالكية.. أو عشرة أيام عند الحنفية... كما بينا.

خرج البخاري 228 عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا، إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي»

ويرى ابن حزم أن كل دم خرج بعد انقطاع دم الحيض وجفافه: فله حكم الطاهر المستحاضة سواء تميز دمها أو لم يتميز، عرفت أيامها أو لم تعرف استدلالا بالحديث الماضي وبحديث عروة بن الزبير «عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا كان الحيض فإنه دم أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي فإنه عرق» ثم قال (المحلى 1/232):" فعم عليه السلام كل دم خرج من الفرج بعد دم الحيضة ولم يخص وأوجب الوضوء منه، لأنه عرق".

وقال أيضا:" وأمر عليه السلام التي ترى الدم الأسود بترك الصلاة، وحكم بأنه حيض وأنها حائض، وأن الدم الآخر ليس حيضا ولا هي به حائض، وأخبر أن الحيض شيء كتبه الله تعالى على بنات آدم، فكل دم أسود ظهر من فرج المرأة من مكان خروج الولد فهو حيض، إلا ما ورد النص بإخراجه من هذه الجملة وهي الحامل والتي لا يتميز دمها ولا ينقطع، وبالله تعالى التوفيق ".

وقال (1/380) :" الحيض هو الدم الأسود الخاثر الكريه الرائحة خاصة، فمتى ظهر من فرج المرأة لم يحل لها أن تصلي ولا أن تصوم ولا أن تطوف بالبيت ولا أن يطأها زوجها ولا سيدها في الفرج، إلا حتى ترى الطهر، فإذا رأت أحمر، أو كغسالة اللحم أو صفرة أو كدرة أو بياضا أو جفوفا فقد طهرت".

العلامة الثانية: القصة البيضاء: وهو ماء أبيض اللون أو شفاف يخرج من فرج المرأة، وهو من علامات الطهر عند عامة العلماء أيضا.

يرى مالك وأصحابه بأن هذه العلامة وما قبلها، هما فقط من علامات الطهر للاتفاق عليهما،

وأن ما سواهما فتابع للحيض من صفرة أو كدرة طيلة مدة الحيض.

واستدلوا بما قال البخاري في الصحيح باب إقبال المحيض وإدباره وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة، فتقول: «لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء» تريد بذلك الطهر من الحيضة، وبلغ بنت زيد بن ثابت: أن نساء يدعون بالمصابيح من جوف الليل ينظرن إلى الطهر، فقالت: «ما كان النساء يصنعن هذا وعابت عليهن»

وقد خرجه مالك في الموطإ عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاة عائشة أم المؤمنين، أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين، بالدُّرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة من دم الحيضة، يسألنها عن الصلاة. فتقول لهن: «لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء». تريد بذلك الطهر من الحيضة".

قالوا: فجعلت أم المؤمنين الصفرة وغيرها من توابع الحيض، ولم تستثن إلا القصة البيضاء.

وقد ناقشوه بجهالة مرجانة ما وثقها غير العجلي وابن حبان على قاعدتهما، ففيها جهالة.

ثم إن روايتها معارضة برواية ضعيفة أيضا رواها قاسم بن أصبغ ثنا ابن وضاح ثنا موسى بن معاوية حدثنا وكيع عن أبي بكر الهذلي عن معاذة العدوية عن عائشة قالت: ما كنا نعد الصفرة والكدرة حيضا".

مع حديث أم طلحة قالت: سألت عائشة أم المؤمنين فقالت: دم الحيض بحراني أسود ".

لكن روى الدارمي عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة قالت: كانت عائشة رضي الله عنها، " تنهى النساء أن ينظرن ليلا في المحيض، وتقول: إنه قد يكون الصفرة والكدرة "

ويشهد لرواية علقمة عن أمه: ما رواه إسحاق 2259 - أخبرنا ابن علية نا محمد بن إسحاق، حدثتني فاطمة بنت المنذر قالت: «كنا في حجر جدتنا أسماء بنات بنتها، فكانت إحدانا تغتسل من الحيضة بعد الطهر ثم لعل ينتكسها بعد إلى الصفرة والكدرة، فتأمرنا أن نعتزل الصلاة حتى لا نرى إلا البياض خالصا»

فجعلت الصفرة والكدرة بعد الحيض تابعان له.

وروى الدارمي عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن مولاة عمرة، قالت :« كانت عمرة تأمر النساء أن لا يغتسلن حتى تخرج القطنة بيضاء»

هذه المولاة المبهمة هي فاطمة بنت محمد:

قال الدارمي 888 - أخبرنا يعلى، عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر، عن صاحبته فاطمة بنت محمد، وكانت في حجر عمرة، قالت: أرسلت امرأة من قريش إلى عمرة بكرسفة قطن فيها كالصفرة تسألها: هل ترى إذا لم تر المرأة من الحيضة إلا هذا أن قد طهرت؟ فقالت: «لا، حتى ترى البياض خالصا»

ثم إن ابن إسحاق سمعه من فاطمة:

قال إسحاق 2259 - أخبرنا ابن علية، نا محمد بن إسحاق حدثتني فاطمة بنت المنذر قالت: «كنا في حجر جدتنا أسماء بنات بنتها، فكانت إحدانا تغتسل من الحيضة بعد الطهر ثم لعل ينتكسها بعد إلى الصفرة والكدرة، فتأمرنا أن نعتزل الصلاة حتى لا نرى إلا البياض خالصا»

فدل ذلك على أن القصة البيضاء فقط، هي التي تكون من علامات الطهر لا غيرها من كدرة أو صفرة...

العلامة الثالثة: الصُّفرة والكدرة الترابية والحمرة:

إذا كانت الصفرة والكدرة... في أيام الطهر، بعد انتهاء مدة الحيض فهي طهر.

وإذا كانت بعد الحيض وطيلة أيامه العشرة أو المعهودة فهي تابعة للحيض إلى انتهاء العادة السابقة لمن لها عادة، ومن ليس لها عادة سابقة فهي حيض ينتهي إما لعادة أكثر النسوة، وهي سبعة أيام، أو إلى أكثر مدة الحيض وهي عشرة أيام ثم تطهر.

وفي هذا خلاف بين السلف الطيب:  

1/ يرى مالك وغيره أن الصفرة والحمرة والكدرة تابعة للحيض ومن علامات بقائه كما سبق في أثر علقمة عن أمه عن عائشة، ولأنها متصلة بدم الحيض تابعة له فيعمل بهذا الاستصحاب حتى خارج أيام الحيض المعهودة إلى خمسة عشر يوما.

وبنحوه قال أبو حنيفة وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وعبد الرحمن بن مهدي والليث: الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، وليست في غير أيام الحيض حيضا.

فإذا انتهت أيام الحيض العشرة أيام فهي طهر كما

قال سفيان «الكدرة والصفرة في أيام الحيض حيض، وكل شيء رأته بعد أيام الحيض من دم أو كدرة أو صفرة، فهي مستحاضة» سئل عبد الله الدارمي تأخذ بقول سفيان؟ قال: نعم".

2/ وقال أبو ثور وبعض الظاهرية:" الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض ليستا حيضا، وفي أيام الحيض قبل الدم ليستا حيضا، وأما بعد الدم متصلا به فهما حيض ".

3/ ويرى ابن حزم وأصحابه أن الصفرة وغيرها من علامات الطهر مطلقا:

استدل ابن حزم بما يلي:

الدليل الأول: عموم حديث فاطمة السابق: قال لها النبي صلى الله عليه وسلم:  «إذا كان دم الحيض دما أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة , فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو العرق».

الدليل الثاني: خرج البخاري باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض وغيره عن اسماعيل ومعمر ووهيب كلهم أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية قالت: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا".

لكنه محمول على رؤيتهما بعد الطهر كما بوب البخاري، بل ورد ذلك صريحا: 

قفد أخرجه أبو داود (307) من طريق حماد عن قتادة عن أم الهذيل -وهي حفصة عن أم عطية- وكانت بايعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت:كنا لا نَعُذ الكُدْرة والصفْرة بعد الطُّهْرِ شيئاً ".

وخرجه البيهقي أبان عن قتادة عن حفصة عن أم عطية، قالت: " كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا "

وخرجه الدارقطني عن عَبْد الْوَهَّاب أنا هِشَامُ بْنُ حَسَّان عَنْ حَفْصَة عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّهَا قَالَتْ:  «كُنَّا لَا نَرَى التَّرِيَّةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا, وَهِيَ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ»

وقد دل بمفهوم المخالفة أنهم كانوا يعتدون بهما بعد الحيض, على حسب التفصيل السابق، أثناء مدة الحيض وبعده.

وأما باقي الأدلة التي استدل بها ابن حزم فكلها محمولة على المستحاضة فقط، فإنها إن رأت الصفرة أو الكدرة فهي طاهر، وأما غيرها فلو رأو ذلك بعد الحيض فهو تابع للحيض ما دام في مدته المعتادة، فإن رأوا ذلك خارج العادة، فهو طهر جمعا  بين الأحاديث السابقة واللاحقة:

 الدليل الأول: صح عن عائشة قالت «اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه، فكانت ترى الصفرة والدم والطست تحتها وهي تصلي» .

وهو واضح في المستحاضة، لما رواه أحمد عن عكرمة عن عائشة قالت: " اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه مستحاضة، فكانت ترى الصفرة والحمرة، فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي". 

الدليل الثاني: وفيه أن الصفرة بعد مدة الحيض من علامات الطهر عند المستحاضة:

رواه الدارقطني 839 - حدثنا أبو محمد بن صاعد نا إسحاق بن شاهين أبو بشر ثنا خالد بن عبد الله عن سهيل بن أبي صالح عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسماء بنت عميس قالت: قلت: يا رسول الله فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا , قال: «سبحان الله هذا من الشيطان فلتجلس في مركن» , فجلست فيه حتى رأت الصفرة فوق الماء , فقال:  «تغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا, ثم تغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا , ثم تغتسل للفجر غسلا واحدا , ثم تتوضأ بين ذلك».

الدليل الثالث: وفيه أن الحمرة طهر واستحاضة: لما خرج مسلم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم «أن أم حبيبة بنت حبيش كانت تحت عبد الرحمن بن عوف استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق فاغتسلي وصلي. قالت عائشة فكانت تغتسل في مركن في حجرة أختها زينب بنت جحش حتى تعلو حمرة الدم الماء» .

قال ابن حزم:" فصح بما ذكرنا أن الحيض إنما هو الدم الأسود وحده وإن الحمرة والصفرة والكدرة عرق وليس حيضا، ولا يمنع شيء من ذلك الصلاة ".

ويمكن الجمع بين الأحاديث بأن تكون الصفرة والكدرة من علامات الطهر في حالة الطهر للمرأة، أو في حالة المرأة المستحاضة كما في الأحاديث السابقة.

وأما المرأة السليمة: فرؤية الصفرة والكدرة بعد مجيء الحيض هي تابعة للحيض طيلة مدته المعتادة المعروفة مسبقا، فإذا انتهت مدة عادة المرأة، فهما من الطهر كما في:

الدليل الرابع: وفيه أن التطهر بعد انتهاء العادة طهر، وما بعده عروق واستحاضة المرأة بها طاهر: خرج ابن ماجه 646 عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن أم بكر أنها أخبرت أن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر قال: «إنما هي عرق، أو عروق»

ومن لم تكن لها عادة سابقة، فهما من الحيض إلى ستة أو سبعة أيام على الراجح كما أسلفنا، أو إلى أكثر مدة الحيض وهي عشر عند الحنفية أو خمسة عشر كما هو رأي المالكية... 

ومن ههنا يمكن استخلاص رؤية هذه العلامات في الأحوال التالية:  

المسألة الثانية: تلخيص أحوال رؤية علامات الطهر والحيض:

الحالة الأولى: رؤية الجفاف أو القصة البيضاء، أو الصفرة والكدرة البنية الترابية، زمن الطهر المعتاد:

وهي الممتدة من عشرين يوما على الأقل، إلى سبعة وعشرين يوما على الأكثر، فهذا كله تابع للطهر، لأنه في زمنه المعتاد وتابع له كما في الأدلة السابقة.

الحالة الثانية: رؤية ذلك أثناء مدة الحيض المعتادة، أو إلى سبعة أيام، للمضطربة أو المنقطعة:

وهذا تابع للحيض طيلة مدة أقل الحيض وهي ثلاثة أيام، وبالتالي يأخذ حكمه كما أسلفنا.

وأما رؤية ذلك بعد ثلاثة أيام، ففيه تفصيل:

أما رؤية الجفاف أو القصة البيضاء فهما من علامات الطهر بعد ثلاث.

وأما غيرهما من صفرة أو كدرة أو حمرة... فتابعة للحيض طيلة مدة العادة لمن لها عادة،

ومن ليس لها عادة سابقة فهي تابعة للحيض طيلة عادة غالب النسوة وهي سبعة أيام، وقيل إلى العشرة.

ثم ما رأت بعد العشر فهو طهر واستحاضة.. كما في:    

الحالة الثالثة: رؤية الكدرة أو الصفرة، أو القصة بعد مدة زمن الحيض المعتادة أو بعد انقطاع الدم ومرور زمنه:

فإن كان لها عادة معروفة سابقة: فما رأته بعد مدة العادة فهو طهر وعروق أو استحاضة، تصلي المرأة وتصوم وتطلق، وتنقضي عدتها بذلك ...

ومن لم تكن لديها عادة معروفة مطردة: كالمبتدئة والمضطربة .. 

فقد ذكرنا أن الصواب: أن مدة الحيض الطبيعية لعامة النسوة إلى سبعة أيام: فما كان قبل ذلك فهو تابع للحيضِ، فإذا انقضت تصير المرأة طاهرا، لحديث حمنة السابق : «تَلَجَّمِي، وَتَحَيَّضِي فِي كُلِّ شَهْرٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ، أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ اغْتَسِلِي غُسْلًا ".

والقول الثاني: رؤيتهما بعد الحيضِ حيضٌ حتى تنقضي عشرة أيام عند الحنفية أو خمسة عشر يوما عند المالكية كما أسلفنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    

المطلب الخامس: صفة الغسل من الحيض ومن الجنابة:

1/ ينبغي على الحائض والنفساء: أن تتبع أولا مواطن الحيض والدم بقطعة من قطن مُعطر، أو خرقة من قماش ونحوه، ثم تغتسل بصابون معطر ونحوه:

خرج أحمد وأبو عبيد (1/191) عن عائشة [-عبيد-: أنَّها ذكرت نساء الأنصار، فأثنت عليهنَّ خيرًا، وقالت لهنَّ معروفًا،] أنّ امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، كيف أغتسل عند الطهر؟ " فقال: " خذي فرصة ممسكة، فتوضئي "، قالت: كيف أتوضأ بها؟ قال: " توضئي بها "، قالت: كيف أتوضأ بها؟ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح، فأعرض عنها، ثم قال: " توضئي بها "، قالت عائشة: ففطنت لما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذتها، فجذبتها إلي، فأخبرتها بما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

وقد بينت أم المؤمنين صفة ذلك:

كما في رواية لأبي عبيد:" فقالت "عائشة" أم المؤمنين: يعنى تتبَّعى بها أثر الدَّم.

وقال إسحاق في مسنده 1279 - أخبرنا محمد بن الحسن الواسطي، نا منصور بن صفية بنت شيبة، عن أمه صفية عن عائشة قالت: " إذا اغتسلت المرأة من المحيض فتأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها، قال: فسألنا منصورا عن تفسيره، فقال: يتبع بها حيث كان يصيب الدم جسدها "

وللدارمي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «إذا اغتسلت المرأة من الحيض، فلتمس أثر الدم بطيب»

2/ صفة الاغتسال للحائض وللجنب:

أما الجنب فيكفي أن تصبَّ ثلاث حثيات على شعرها حتى تبلِّلَه ثم تعصره، من غير تخليل ولا حَل للظفائر. 

وأما الحائض والنفساء فيجب عليهما حل ظفائرهما، مع تخليل شعر الرأس حتى ينفذ الماء إلى الجلد،

هذا هو وجه الجمع بين الأحاديث عند المحققين:

لحديث مسلم بن صبيح اليحمدي نا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله ص :" إذا اغتسلت المرأة من حيضتها نقضت شعرها وغسلته بخطمي وأشنان وإذا اغتسلت من جنابة صبت على رأسها الماء وعصرته ".

وقد رواه ثلاثة عن ابن صبيح:

. فخرجه البيهقي في السنن (28281) والضياء في المختارة 1963 مصححا له عن أحمد بن داود المكي نا سلمة بن صبيح اليحمدي نا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه مرفوعا.

. ورواه الذهبي عن الحاكم أنا أبو بكر بن إسحاق أنا محمد بن يونس نا مسلم بن صبيح، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس مثله.

. ورواه الخطيب في المشتبه عن الدارقطني في الأفراد عن عثمان بن خرزاذ حدثنا مسلم بن صبيح أبو عثمان في مسجد حرمي بن حفص ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه...

قال الدارقطني في الأفراد:" تفرد به مسلم بن صبيح عن حماد و لم نكتبه إلا من هذا الوجه "

سلمة بن صبيح هو أبو عثمان البصري وهو نفسه مسلم بن صبيح كما عند البيهقي والدارقطني، وقد روى عنه ثلاثة، فهو مجهول الحال، وقد صحح له الضياء مما يشعر بمعرفته لحاله، وله شواهد كثيرة تصححه:

أما عن اغتسال الحائض:

فقد خرج البخاري في الصحيح 317 عن عروة عن عائشة قالت: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يهل بعمرة فليهلل، فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة» فأهل بعضهم بعمرة، وأهل بعضهم بحج، وكنت أنا ممن أهل بعمرة، فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي وأهلي بحج»، ففعلت ...".

وأما عن اغتسال الجنب وترك حل ظفائرها وتخليل شعرها، بل تصب عليه ثلاث حثيات:

كما خرج مسلم 331 وإسحاق 1773 عن أيوب عن أبي الزبير عن عبيد بن عمير قال: كان عبد الله بن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن [من الجنابة] أن ينقضن رءوسهن فبلغ ذلك عائشة فقالت: لقد كلفهن تعبا، أفلا يأمرهن أن يحلقن رءوسهن ‍ لقد كنت أغتسل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإناء الواحد فما أزيد على ثلاث إفراغات ".

وخرج مسلم 330  عن أم سلمة قالت: قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: «لا. إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين».

وَرَوَى أَبُو دَاوُد من طَرِيق شُرَيْح بن عبيد قَالَ أنبأني جُبَير بن نفير أَن ثَوْبَان حَدثهمْ أَنهم استفتوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن ذَلِك قَالَ أما الرجل فلينشر بِرَأْسِهِ فليغسله حَتَّى يبلغ أصُول الشّعْر وَأما الْمَرْأَة فَلَا عَلَيْهَا أَن لَا تنقضه لتغرف عَلَى رَأسهَا ثَلَاث غرفات بكفيها ".

وروى أبو نعيم في الصحابة عن الطبراني في الكبير 239، عن عثمان بن أبي شيبة ثنا شريك بن عبد الله عن عبد الملك بن أبي سليمان عن أم حبيب مولاة أم عطية قالت: كنت في النسوة اللاتي أهدين بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" اصببن إذا صببتن على رأسها ثلاثا [في] الغسل والجنابة ".

ورواه المحاملي عن أحمد بن عثمان بن حكيم قال: حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال: حدثني أبي عن ليث بن أبي سليم عن خيثمة مولى أم عطية عنها قالت: كنت من النسوة اللاتي أهدين بعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم إلى زوجها أو أزواجه فقال لنا: «اصببن على رأسها ثلاث مرات , ولا تسلتنه من عصره»

 

 

                         وبالله التوفيق

                       

                     كتبه الطاهر الزياني

تعليقات

https://draft.blogger.com/blog/posts/3654001511298507959

المأثور في القراءة في القبور، وعلى المقبور

البرهان في استحباب القراءة الجماعية للقرآن ، تأليف: الطاهر زياني

الشهب في استحباب حمل العصا في الخطب "، تأليف الطاهر زياني

النُّبذة، في أحكام العصائر والأنبذة "، تأليف: الطاهر زياني

الفرق بين الندبة المشروعة، والاستغاثة الممنوعة: الطاهر زياني

البراهين الجِياد، على استحباب التكبير الجماعي أيام العشر والأعياد الطاهر زياني

فتح المجيد في أدلة أقسام التوحيد كتابة: الطاهر زياني

المنار، في زكاة الفطر والمال والدينار، والزروع والثمار، وحسابها بالتدقيق في العصر الحديث الكاتب: الطاهر زياني

جمع الأخبار، في بقاء الجنة وزوال النار

الترويح في عدد صلاة التروايح كتابة: الطاهر زياني