دولة اليهود، مراحلها، وبيان مرحلتي تمكينها وزمن زوالها كتابة الطاهر زياني
دولة اليهود، مراحلها، وبيان
مرحلتي تمكينها وزمن زوالها
كتابة: الطاهر زياني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله، والصلاة
والسلام على رسول الله، وبعد:
نبتدئ هذا البحث بطرح
التساؤلات التاليات حول الدولة اليهودية ومصيرها، وزمن تحرير بيت المقدس، فأقول:
كم مرة مُكّن لليهود من
تأسيس دولة مستقلة بهم، المصلحين منهم أو المفسدين؟
وكم مرة استُأصلوا
وتفرقوا في الأرض؟
وهل تُحتسَب مراحل
التمكين للمصلحين في الوعد المذكور لهم بالتمكين مرتيْن كما في سورة الإسراء؟
ثم هل تُحتسب مراحل
إفسادهم، وإن كانوا يعيشون أذلاء وعملاء لدى الامبراطوريات السابقة ؟
وإذا كانوا مُتمَكِّنين
الآن وهي المرة الثانية والأخيرة لهم كما سيأتي، فمتى ستزول دولتهم ؟
هل يمكن أن يستمر
تمكينهم زيادة على القرن أم لا ؟
وإذا كانت دولتهم هذه
زائلة لا محالة على أيدي عباد الله الموحدين، فمن هم ؟
هل هم جنود المهدي
المنتظر؟
أم أن خلافةً ستقوم قبل
المهدي، وهم من سيحررون المقدس على الصحيح كما سيأتي؟
ومتى سيكون القتال
الأخير الذي ينطق فيه الحجر والشجر لاستئصال جنس اليهود ؟
كل هذا وغيره سنجيب عنه
في هذا البحث المختصر بعون الله تعالى، والذي قسمته إلى المحطات التالية:
المطلب
الأول: التوفيق بين آيات شتات اليهود، وآيات التمكين لهم:
النوع الأول:
تمزيق اليهود في الأرض:
النوع
الثاني: تمكينهم في الأرض:
المطلب
الثاني: بدايات ظهورهم متفرقين بين الأمم في بيت المقدس، ومراحل تمكين المصلحين
الموحدين منهم، ثم المفسدين:
الفرع الأول:
لمحة تاريخية عمن سكن أرض المقدس أولا:
الفرع
الثاني: قيام الدولة الإسرائيلية الموحدة الأولى المسماة بعهد القضاة:
الفرع
الثالث: عهد الملوك الصالحين زمن طالوت وداود وسليمان:
الفرع
الرابع: بدايات زوال دولة المؤمنين، والتمكين الأول لليهود المفسدين: (عهد
الانقسام)
الفرع
الخامس: عهد الاستئصال والانهزام اليهودي والتشتت في الأرض، وقيام بعض الممالك
اليهودية من غير تمكين:
الفرع
السادس: تمكين اليهود المفسدين للمرة الثانية:
المطلب
الثالث: وعد الله بتدمير اليهود، وتحرر بيت المقدس؟ وهل مع خروج المهدي أم قبله؟
وما علامات ذلك:
المطلب
الرابع: مدة طغيان اليهود هل سيفوق قرنا ؟
المطلب
الخامس: علامات زوال دولة اليهود:
العلامة
الأولى: كون اليهود أكثر أمولالا وعُدة ونفيرا :
العلامة
الثانية: حسن البناء وعلوه كما في المستوطنات:
العلامة
الثالثة: سوء سمعة اليهود وتسويئ وجوههم وسمعتهم بين الأمم:
العلامة
الرابعة: قيام الخلافة الإسلامية زمن الفتنة الرابعة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الأول: التوفيق بين آيات شتات اليهود، وآيات التمكين لهم:
وسيأتي أن وعد الله
بالتمكين لليهود مرتين، أنه محمول على المفسدين منهم، من غير احتساب الله للتمكين
للموحدين منهم،:
لقد ورد في أمثال هذه
المسألة نوعان من الأدلة:
النوع الأول: تمزيق اليهود في الأرض: كما قوله تعالى
في شأن تمزيقه لليهود : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ
لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي
الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ
وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)
}[الأعراف].
النوع الثاني: تمكينهم في الأرض:
حيث قال الله تعالى: {وَقَضَيْنَا
إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ
وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) }
إلى قوله عن مرحلة
تمكين اليهود للمرة الثانية: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ
وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)
إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا }،
والنفير هو العُدة
والأُهْبَة العسكرية التي هي لصالح اليهود الآن.
وقد أمر الله نبيه موسى بعد إهلاك الفرعون أن يسكنوا الأرض المقدسة، فقال
:{ يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ
وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا
يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى
يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22)}[المائدة]
وقال تعالى أيضا بعد أن
ذكر هلاك الفرعون :{ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا
الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)}
[الإسراء].
وقد اختلف الناس في تبيين مرتي التمكين، ومن تأمل في الآية وجدها تتكلم على
التمكين للمفسدين مرتين فقط، ولم تتطرق الآية للتمكين للموحدين المصلحين، فتأمل
قوله تعالى :{ َتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا
كَبِيرًا}
وفي الباب آيات تشبه
هذه الآية:
قال تعالى :{
وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا
يَعْمَلُونَ (71) }[]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخبر الله في القرآن أنه سيمكن للمفسدين من بني إسرائيل مرتين في الأرض،
يعلون فيهما على الناس علوا كبيرا، كما قال تعالى :{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي
إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ
وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا
جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ
شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ
رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ
وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ
لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ
لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا
عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} [الإسراء]
وقد اختلف الناس في تبيين مرتي التمكين، ومن تأمل في الآية وجدها تتكلم على
التمكين للمفسدين مرتين فقط، ولم تتطرق الآية للتمكين للموحدين المصلحين، فتأمل
قوله تعالى :{ َتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا
كَبِيرًا}
وأن المراد ببني إسرائيل هم اليهود لا النصارى...، لأن اليهود لا يقبلون
غير الإسرائيليين، بخلاف النصارى فقد اختلطوا مع الشعوب، ودخلوا في دينهم منذ قبل
التحريف وما بعده...
وبالتالي لا يحتسب تملك النصارى في العالم أو في بيت المقدس من هذه الآية،
فهي خاصة باليهود.
وحتى نفهم مرات التمكين للموحدين والمصلحين منهم من المفسدين، لا بد من ذكر
تاريخ نشأة اليهود، وتمكينهم، وقد ذكرت ذلك بالتفصبل في كتابي التاريخ، ألحص منه
هذه المحطات التالية:
الفرع الأول: لمحة تاريخية عمن سكن أرض المقدس أولا:
1/ بعد أن نجى الله
نوحا عليه السلام أسكن الأرض بين بنيه الثلاثة الناجين، كما بينت ذلك في كتابي
تاريخ البشر والبربر، وهذا رابط مختصر منه.
https://elzianitaher.blogspot.com/2021/03/blog-post_28.html
ثم في عصر التدوين
والكتابة:
سكن الفينيقيون أرض
المقدس حوالي 3000 ق م
ثم تغلب الكنعانيون
البربر عليهم حوالي سنة 2500 ق م
ثم قدم الفلست
الكنعانيون أرض فلسطين وسموها باسمهم حوالي سنة 2200 ق م.
ثم تغلب الكوشيون من
بني كنعان بقيادة النمرود الذي وحّد بين الكنعانيين الحبش والكوشيين والبربر تحت
إمرته زمن نبي الله إبراهيم قبل سنة 1100 ق م.
كان لنبي الله زوجتان:
سارة أسكنها أرض فلسطين، وهاجر التي أسكنها جزيرة العرب.
بعد هلاك النمرود تفرق
جنده، فأخذا بزمام المبادرة والحكم بنو عمومتهم من الكنعانيين البربر.
في ذلك الوقت:
بعد وفاة نبي الله
إبراهيم قام حفيده إسرائيل وهو يعقوب بن نبي الله إبراهيم عليهم السلام بتجديد
بناء بيت المقدس حوالي سنة 2000 ق م، وعاشوا ضمن المملكة الكنعانية.
- بعد خروج نبي الله
يوسف من السجن وتمكينه استدعى أهله ويقال معهم: سبعون شخصا إلى أرض مصر مع
الفراعنة.
. بعد قرنين، وقيل: بعد
430 سنة انقلب الفراعنة عليهم قتلا وعدوانا واستحياءا للنساء في عهد موسى عليه
السلام إلى هلاك الفرعون.
. بعد إنجاء الله لقوم
موسى سرعان ما مالوا إلى الوثنية .... ثم أمرهم الله بقتال الجبارين من البربر
الكنعانيين فأبوا، فحَكَم الله عليهم بالتيه 40 سنة في صحراء سيناء، حيث أسسوا
قريتهم بها، حتى مات في زمن التيه هارون فموسى ومن كان بالغا ...
الفرع الثاني: قيام الدولة الإسرائيلية الموحدة الأولى المسماة بعهد
القضاة:
بعد وفاة نبي الله
موسى، وكل من كان بالغا، قام فتاه يوشع ومعينه كالب سنة (1180-1153)، بفتح الأرض
المقدسة، كما في القرآن،
وأسسوا دولة موحدة لله لأول
مرة في تاريخهم في الأرض المقدسة، وسموها بعهد القضاة: وقد قيل بأنها دامت حوالي
400 سنة .
تحالف يوشع عليه السلام
مع الافريقش ملك اليمن المسلم، فقاموا بطرد البربر إلى بلاد المغرب ما وراء مصر
إلى أقصى المغرب .
ولا تندرج هذه الفترة
في قوله تعالى لبني إسرائيل: {لتفسدن في الأرض مرتين}، لأن هذه المرحلة مرحلة
إصلاح لا إفساد،
فما إن بدأوا في الفساد
زمن الملك إيلاء حتى بعث الله إليهم النبي صمويل عليه السلام، فكذبوه، فسلط الله
عليهم مرة أخرى الكنعانيين البربر، حتى أخذوا التابوت منهم.
حتى جاء عهد الملوك،
وهو عهد التمكين للصالحين مرة أخرى:
الفرع الثالث: عهد الملوك الصالحين زمن طالوت وداود وسليمان:
يبتدئ هذا العهد من
قوله تعالى :{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ
بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ ...} وهو نبي الله شمويل عليه السلام، الذي عين لهم الملك الصالح
طالوت، حيث استرجع لهم بعض التابوت من جنود جالوت، وهم من نسل زانا البربر
الكنعانيين (وهم البربر الزيانيون كما بينت بالأدلة في كتاب التاريخ)،
بدأت المعركة فقتل نبي
الله داودُ الجالوتَ ملك البربر الأمازيغ، ثم أخذ الملك والقوة.
قام نبي الله داوود ثم
سليمان بمحاربة البربر وطردهم إلى بلاد المغرب مرة أخرى.
ثم ورث سليمان داوود،
حتى تملك جميع الأرض ...
لما مات نبي الله
سليمان نكث الكنعانيون البربر العهد فقاموا بهجوم كبير على أرض المقدس فهدموها.
الفرع الرابع: بدايات زوال دولة المؤمنين، والتمكين الأول لليهود المفسدين:
(عهد الانقسام)
وتسمي اليهود هذه
المرحلة ب: عهد الانقسام : حيث تنازع الحكم بعد موت سليمان كلّ من:
. رحبعام بن سليمان
الذي أسس دولة يهوذا الموحدة في الشمال،
. ويربعام بن نباط الذي
أسس دولة إسرائيل (السامريون ) في الجنوب:
ارتد يربعام عن دين
الله تعالى، وقام بالتحالف مع كفرة البربر الكنعانيين، وسهل مرورهم لقتال
الموحدين، فقاموا فعلا بقيادة شيشنوق، بقتل رحبعام بن سليمان عليه السلام، ومن معه
من الموحدين، ثم انتقم الله من الغزاة فأهلكهم ...
وبالتالي بقي الحكم في
الشام للمفسدين من اليهود، ويقال بأن دولتهم دامت 244 حتى أبادها سرجون الآشوري
722 ق م.
وهذه هي المرحلة الأولى
التي تحَكَّم فيها المفسدون من بني إسرائيل وعتوا في الأرض عتوا كبيرا كما أخبر
الله تعالى عنهم.
ثم حل عليهم:
كما قال الله تعالى في
شأن كتابَةِ الهوان والاستئصال والضعف والتمزق الذي حل وسيحل ببني إسرائيل: {
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ
لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ
الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ
وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) }[الأعراف].
حيث تتابع عليهم القتْل
والاستئصال الجماعي بسبب مكرهم، كما يلي:
بدأً من الفراعنة
فالآشوريين، ثم كان أعنف استئصال وهو الاستئصال الأول 586، من طرف البابلي بختنصر
الذي دام حكمه 700 عام، ثم الفراعنة، ثم الفرس بقيادة كورس الذي صار موحدا.
ثم جاء حكم ذي القرنين
الاسكندر المقدوني الموحد في القرن 4 ق م،
بقيت فلسطين تحت الحكم
اليوناني في عهد الدولة اليونانية السلوقية ثم الحشمونية...
حيث بدأ اليهود يتجمعون
في جنوب فلسطين منذ حوالي 180 ق م، لكن
امبراطور اليونان انطيوخوس الرابع استطاع استئصالهم الاستئصال الثاني، حتى مات سنة
164 ق م .
بعد موته اشتد الصراع
بين الإمبراطورية اليونانية والرومانية والأرشكية الفارسية، بل وحتى ما بين الدولة
اليونانية نفسها، مما دفع ملوك الدولة اليونانية المتنافسين إلى أن يعطوهم شيئا من
الحكم الذاتي، ليستغلوهم كجنود لهم، وقد انتهت المعارك بفوز الحشمونيين حلفاء
اليهود منذ سنة 140 ق م، فمنحوا لهم حكما ذاتيا في بعض المناطق، بداية من سنة 110
ق م، لكن تحت قيادة الحشمونيين.
لكن سرعان ما انهزم
اليونان من طرف الدولة الرومانية الصاعدة، التي استولت على الشام وفلسطين،
واضطهدوا اليهود،
كان ذلك في زمن نبي
الله زكرياء وعمران عليهم السلام.
دعا زكريا قومه إلى
عبادة الله جل في علاه واعتزال الفتن.
لكن وقف غالب اليهود مع
اليونان ظنا منهم أنهم سينتصرون.
فقام بومبيوس الروماني
سنة 64 ق م، بأشنع إبادات جماعية ضد بني إسرائيل مع تهديم بيت المقدس وهو
الاستئصال الثالث.
وقد نجى الله نبيه
زكريا والمؤمنين,
ثم سرعان ما اشتد الصراع بين أبناء الرومان، خاصة
بين يوليوس قيصر، وبومبيوس الكبير، (بومباي)ـ مما خفف الوطء على بني إسرائيل
ومنحوهم حكما ذاتيا. ثم تمكن بوليوس من جنود بومباي وقتلوهم ...
وعاش بنو إسرائيل في
مأمن.
ثم ولد لامرأة عمران
مريم القديسة عليها السلام التي كفها نبي الله زكريا فكانت تتحنث في شبابها ويأتيها
رزقها رغدا.
هنالك دعا نبي الله ربه
مع وزجته العجوز العقيمة أن يرزقهما الله بولد فكان يحيى عليه السلام ...
بعد مدة كبرت مريم
فرزقها الله بنبيه عيسى عليه السلام...
كبر يحيى فدعا قومه
لدين التوحيد، ولم يكن متملقا للحكام.
سأله بعضهم أن يحل له
التزوج بأحد محارمه، فنهاه وأنكر عليه، فسجنه، فعشقته تلك المرأة، وراودته فامتنع
عنها، فذهبت إلى الملك وألقت بنفسها له، واشترطت عليه أن يقتل يحيى ففعل لعنه الله
وإياها.
في ذلك الوقت :كانت
ولادة المسيح عليه السلام بالناصرة ثم بعثه الله تعالى رسولا، فانقسم بنو إسرائيل
إلى قسمين، فآمن به قوم سموا بالنصارى،
وكفر به فوم سموا باليهود،
كما كفر به الرومان، فقام اليهود بالتودد إلى ملوك الرومان
ورفعه لله إليه زمن بيلاطس، ثم كان
تحريف بولس اليهودي لدين المسيح، حيث تظاهر أخيرا باتباع المسيح وحرف دينه.
ثم تتابع الاستئصال
والتقطيع في الأرض:
فكان اسئتصال
الامبراطور الروماني تيطس 70م، ثم أدريانس 130م، الذي بنى جوبيتير بدل المقدس الذي
خربه، وفي عهده كانت قصة أصحاب الكهف ،
ثم تحول الرومان إلى
ديانة المسيح زمن القسطنطين، ثم سرعان ما تحرفت المسيحية، وبقيت القدس عند نصارى
الروم الأتراك،
ثم ملكها الله للمسلمين
زمن الفاروق عمر، واستمر طرد اليهود منها.
وفي سنة 492 سقطت في يد
الفرنج الصليبيين بسبب التحالف الشيعي الفاطمي، الصليبي، واستمر طرد اليهود، وبقيت
تحت حكم الصليبيين 97 سنة.
ثم جاء الناصر صلاح
الدين، قاهر الروافض والصلبيين، فكانت معركة حطين المباركة 583) حيث انتصر فيها
جيش المسلمين وطردوا الصليبيين، واستمر طرد اليهود الغاشمين.
ثم رجع الصليبيون إلى
بعض المدن فكان لهم بيبرس ودولة المماليك، ثم السلاجقة، ثم جاء العثمانيون عثمان
بن أرطغرل.
وفي القرن 18 تحول شعب
الخرز لليهودية، لكن سرعان ما أبادهم الروس، ثم الألمان أخيرا.
الفرع السادس: تمكين اليهود المفسدين للمرة الثانية:
وفي العصر الحديث بدأت
فكرة تجميع اليهود منذ سنة 1799 عند نابليون الفرنسي، وبدايات انهيار الخلافة
العثمانية بتحالف عربي صليبي.
ثم بدأ التخطيط من طرف
تيودور هرتزل الذي أسس كتاب الدولة اليهودية 1896، وبعد عام عقدوا مؤتمر بال في
سويسرا .
ثم أخذوا وعد بلفور
1917 الذي كان حليفا مع السعوديين، ضد العثمانيين.
ثم كان قرار التقسيم
1947 ،
ثم بعد حرب عام 1948
هُزم المسلمون وأعلن اليهود دولتهم الفاسدة وتمكنوا في الأرض للمرة الثانية في
التاريخ، حتى إنهم يتحكمون في الدول الصليبية التي يمكن أن تشتم رئيسها أو ملكها
إلا شتم اليهود فهو مجرم عندهم، باعتبارهم الجنس السامي...
ولا زال حكمهم الفاسد
مستمرا إلى الآن، مصداق قوله تعالى :
{ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ
وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى
أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ 70 وَحَسِبُوا
أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ
عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71)} [المائدة]
{وَقَضَيْنَا إِلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ
وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا
عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ
وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ
وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)
إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا
جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ
كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)}
[الإسراء].
وها هم يتعالون
في البنيان وبناء الحصون والأسوار التي يعتقدون بأنها مانعتهم من عقاب الله، كما
قال الله في شأن اليهود المفسدين في المدينة المنورة :{ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا
ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ
اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي
قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي
الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2)}[الحشر]
وهذه الأسوار وذاك
البنيان سيُتبره المسلمون ويهدمونه عليهم ويستولون عليه، وسيأتيهم الله من حيث لم
يحتسبوا، لكن متى وكيف ؟
وأما ما ذكَره البعض من
وجود إفساد كثير، فهو كذلك عبر التاريخ، إلا أن إفسادهم ذاك كان من غير تمكين، بل
كان تحث إمرة الامبراطوريات الأخرى وبرعاية منها، ثم سرعان ما ينقلبون على اليهود
تقتيلا وطردا، عقابا من الله للخونة منهم.
وكذلك ما ورد في تقتيل
اليهود آخر الزمان على يد المسيح عليه السلام بسبب تبعيَّــتِهم للدجال، فإنها من
غير تمكين يسبق ذلك، لأنهم هنا يخرجون من أصبهان تحت إمرة الدجال بعد أن كانوا
متفرقين، إذ قد زالت دولتهم وقتئذ منذ زمن بعيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الثالث: وعد الله بتدمير اليهود، وتحرر بيت المقدس؟ وهل مع خروج
المهدي أم قبله؟ وما علامات ذلك:
المحطة الأولى: وعْدُ الله بزوال دولة اليهود الثانية هذه، وبيان ذلك:
ذلك
أن زوال دولة اليهود الثانية هذه، قضاء مكتوب وأمر موعود، ليوم مشهود، مهما مكر
اليهود وحلفاؤهم من العرب والخونة والعجم، ولَسوف يردها الله لأيدي المسلمين، لكن
بعد أن يُقيموا دينهم ويحكموا شريعة ربهم، وذلك قبيل نزول المهدي، الذي يجدها
مفتوحة، ثم يتخذ منها عاصمة له لبدإ الفتوح من جديد كما ذكرت في كتابي
"المعتبر في أخبار المهديين والمهدي المنتظر".
قال
تعالى :{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي
الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ
أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا
خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ
الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ
أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ
أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ
وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا
عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} [الإسراء]
وقد
خاض الناس في مراحل تمزيق اليهود، ومراحل تمكينهم في الأرض، حتى عدها بعضهم مرات
عديدة، مؤيدا قوله بالواقع والتاريخ، مستشكلين وعد الله لهم بالتمكين لليهود مرتين
فقط، حتى إن كثيرا من التفسيرات مخالفة لظاهر الآية في وعد الله بالتمكين لليهود
مرتين فقط.
وكلام
الله صواب، وما وقع في التاريخ صواب، بلا تناقض بينهما ولا ارتياب، لأن الآية إنما
تتحدث عن التمكين لمفسدي اليهود مرتين من الدهر فقط، من غير احتساب ذلكم التمكين
للمصلحين، وهذا هو وجه الجمع بين الوقائع والآية المذكورة ؟
والجواب الصحيح الذي
ذكرته بالأدلة في كتابي: أخبار المهديين وأحداث نهاية العالمين.
أن خلافةً إسلامية
جزئية ستقوم بالجزيرة ( من تركيا حتى شمال سوريا ونهر الفرات) وربما قد بدأت
إرهاصاتها.
وستكون هذه الخلافة بعد
رفع حصار الروم عن الشام والتمكين لخليفة وبداية زوال الحكم الجبري العلماني في
الفتنة الرابعة والمعروفة، ثم يفيض في زمن هذه الخليفة المال، وتتوحد الشام.
ثم تقوم خلافة بعدها
بالمدينة المنورة ربما بعد زوال هذه المملكة السعودية، وأخرى بالعراق،
وستنشب حرب كبيرة في
العراق وتستعر بعد انحسار الفرات عن جبل عظيم من الذهب تقوم لأجله ملحمة كبيرة
يُقتل فيها تسعة أعشار المقاتلين.
وأصحاب هذه الخلافة
بالجزيرة والمدينة .. هم من سيقاتلون اليهود ويفتحون القدس بعون الله تعالى، والله
أعلم، وليس هذا هو القتال الأخير الذي ينطق فيه الشجر والحجر ضد اليهود :
ثم يتحالف العلمانيون
والروم على الخلافة، ثم تشتعل الحروب بين الحكام العرب ليخرج جبار بالشام يسمى ب:
السفياني، فيستولي على العراق وغيرها... ويقضي على الخليفة الذي بالمدينة، ويُخرّب
المدينة خرابا تاما، فلما يموت هذا الخليفة بالحجاز يتنافس الحكم من بعده ثلاثة من
أقاربه أيام الحج وتتشتعل ملحمة كبيرة بمنى تمتلئ دماءا.
ثم يخرج المهدي المنتظر
بمكة هاربا من المدينة، ليقيم الخلافة التامة ويُوحّد الأمة تحت رايته بالقوة،
وينقل العاصمة إلى بيت المقدس المحررة وقتئذ،
ثم بعد موته بأمد يهجم
الحبشة على مكة ويخربونها، حتى يخرج لهم الخليفة القحطاني.
ثم يخرج المهدي الأخير
مهدي الملاحم الذي يخرج بعده الدجال ثم المسيح عيسى عليه السلام الذي يقاتل اليهود
أتباع الدجال القتال الأخير الذي ينطق فيه الحجر والشجر.
وبقية الأحداث
وتفاصيلها بالأدلة ذكرتها في الكتاب ... وبالله التوفيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الرابع: مدة طغيان اليهود هل سيفوق قرنا ؟
والسؤال التالي: هل
يمكن أن يتمكن اليهود المفسدون لمدة تزيد عن القرن ؟ أي حتى سنة 1463 ه، وما
يقاربها حوالي سنة 2045 م وما بعدها ؟
والجواب الظاهر: لا،
والله أعلم، لأمور:
1/ لأن الكثير من
علامات بدايات الأهوال والحروب، وعلامات خروج المهدي قد ظهرت، ومنها ما بدأ في
الظهور، وما بقي منها إلا النزر اليسر المتتابع والله أعلم.
2/ ولأن الأحداث
والوقائع التاريخية تنبئ بذلك، وقد تغلب الصليبيون على المسلمين قرابة القرن، أي:
97 سنة، وقتها أرسل الله عليهم صلاح الدين الأيوبي .
3/ ولأن الله وعد
بإرسال على رأس كل قرن من يجدد لهذه الأمة أمر دينها من العلماء الربانيين،
والحكام الأذكياء الحذقين:
كما خرج الحاكم وأبو
داود عن أبي علقمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله
يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»، صححه الألباني.
زاد الحاكم : فسمعت
الأستاذ أبا الوليد رضي الله عنه، يقول: كنت في مجلس أبي العباس بن شريح إذ قام
إليه شيخ يمدحه، فسمعته يقول: حدثنا أبو الطاهر الخولاني ثنا عبد الله بن وهب
أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد عن أبي علقمة عن أبي هريرة رضي الله
عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من
يجدد لها دينها» فأبشر أيها القاضي، فإن الله بعث على رأس المائة عمر بن عبد
العزيز، وبعث على رأس المأتين محمد بن إدريس الشافعي، وأنت على رأس الثلاث مائة
أنشأ يقول: ......
وفي حديث عبد الله بن
عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" في كل قرن من
أمتي سابقون ".
فإذا اجتمع في رأس
القرن: السابقون في الصلاح من الحكام والساسة الأذكياء الحذقين، مع العلماء
المخلصين الصادقين، لا العملاء المتلاعبين، لأهواء الحكام مفتين ومتبعين، كان
النصر المبين،
وقد ورد تعيين عددٍ من
هؤلاء الأبدال السابقين، والمجاهدين المجددين، الذين يبعثهم الله على رأس كل قرْن
لإظهار أمر الدين:
فعن ابن عمر رضي الله
تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيار أمتي في كل قرن
خمسمائة, والأبدال أربعون , فلا الخمسمائة ينقصون، ولا الأربعون, كلما مات رجل
أبدل الله عز وجل من الخمسمائة مكانه , وأدخل من الأربعين مكانهم»,
فهنيئا لمن كان منهم.
4/وحتى بعض أحبار
اليهود يَجْزِمُون بأن دولتهم لن تصل قرنا، أي ستزول قبل العام 2048م والله أعلم.
المهم الذي يُجزم به هو
تحرير بيت المقدس قريبا قبل خروج المهدي وبالله التوفيق.
وقد تكلف بعضهم عدة
أنواع من الحساب، ولا يجزم بشيء من ذلك.
وكله حساب محتمل ظني
الدلالة لا يُجزم به، والمجزوم به هو قرب نهاية دولة اليهود المفسدة هذه من غير
تركيز القرآن على سَنة النصر والانهزام كما في قوله تعالى : { الم (1) غُلِبَتِ
الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ
(3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ
يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) } [الروم].
وأولى الأقوال بالصحة
أن لا يزيدوا على القرن -2048- لما ذكرناه مع عدم الجزم به والله أعلم وبالله
النصر والتوفيق.
المطلب الخامس: علامات زوال دولة اليهود:
ما هو موجود في قوله
تعالى:{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي
الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ
أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا
خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ
الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ
أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ
أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ
وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا
عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} [الإسراء]
العلامة الأولى: كون اليهود أكثر أمولا وعُدة ونفيرا :
كما في الآية :{ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ
أَكْثَرَ نَفِيرًا }
العلامة الثانية: حسن البناء وعلوه كما في المستوطنات:
كما في الآية :{ وَلِيُتَبِّرُوا مَا
عَلَوْا تَتْبِيرًا } حيث وصف الله طول بنيانهم، ومستوطناتهم
وجدرانهم، واستلاء المسلمين عليها وتدميرهم إياها في الحرب.
العلامة الثالثة: سوء سمعة اليهود وتسويئ وجوههم وسمعتهم بين الأمم:
كما في قوله تعالى :{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ
الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ
أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)}
والضمير في يسوءوا يعود على عباد الله الذين
يسودون وجه بني إسرائيل.
وقرأ آخرون:(لِيَسُوءَ وُجُوهَكُمْ)
:(لِنَسُوءَ وُجُوهَكُمْ)، والضمير يعود على الله، فهو الذي يسيء وجوههم.
ذلك أن الله تعالى يسيء أوجه اليهود ويذلهم وتسوء
سمعتهم أمام العالمين، حتى يبغضهم كل الناس، فيكون ذلك تمهيدا لاستئصالهم.
فبعد أن كانوا يروجون بأنهم شعب الله المختار
ونسله السامي، سينقلب ذلك عليهم أمام العالمين.
العلامة الرابعة: قيام الخلافة الإسلامية زمن الفتنة الرابعة بالجزيرة
وغيرها:
والجزيرة
هي المنطقة الممتدة من تركيا والشام، ستقوم بها خلافة بعد رفع العجم والروم الحصار عن العراق ثم
الشام،
وبقية العلامات في كتابي نهاية العالم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين
تعليقات
إرسال تعليق