دولة اليهود، مراحلها ومدة تمكينها وزمن زوالها كتابة الطاهر زياني

                          دولة اليهود، مراحلها ومدة تمكينها وزمن زوالها

 

                             كتابة: الطاهر زياني

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

نبتدئ هذا البحث بطرح التساؤلات التاليات حول الدولة اليهودية ومصيرها، وزمن تحرير بيت المقدس، فأقول:

كم مرة مُكّن لليهود من تأسيس دولة مستقلة بهم، المصلحين منهم أو المفسدين؟ 

وكم مرة استُأصلوا وتفرقوا في الأرض؟

وهل تُحتسَب مراحل التمكين للمصلحين في الوعد المذكور لهم بالتمكين مرتيْن كما في سورة الإسراء؟

ثم هل تُحتسب مراحل إفسادهم، وإن كانوا يعيشون أذلاء وعملاء لدى الامبراطوريات السابقة ؟  

وإذا كانوا مُتمَكِّنين الآن وهي المرة الثانية والأخيرة لهم كما سيأتي، فمتى ستزول دولتهم ؟

هل يمكن أن يستمر تمكينهم زيادة على القرن أم لا ؟

وإذا كانت دولتهم هذه زائلة لا محالة على أيدي عباد الله الموحدين، فمن هم ؟

هل هم جنود المهدي المنتظر؟

أم أن خلافةً ستقوم قبل المهدي، وهم من سيحررون المقدس على الصحيح كما سيأتي؟

ومتى سيكون القتال الأخير الذي ينطق فيه الحجر والشجر لاستئصال جنس اليهود ؟

كل هذا وغيره سنجيب عنه في هذا البحث المختصر بعون الله تعالى، والذي قسمته إلى المحطات التالية:

المحطة الأولى: وعْدُ الله بزوال دولة اليهود الثانية هذه، وبيان ذلك:

المحطة الثانية: التوفيق بين آيات شتات اليهود، وآيات التمكين للمفسدين منهم مرتيْن في الأرض، وبيان أن هذا العدد لا يدخل في التمكين للمصلحين:

المحطة الثالثة: بدايات ظهورهم متفرقين بين الأمم في بيت المقدس، ومراحل تمكين المصلحين الموحدين منهم:

المحطة الرابعة: متى تتحرر القدس ؟:

المحطة الخامسة: متى تتحرر القدس وينهزم اليهود ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحطة الأولى: وعْدُ الله بزوال دولة اليهود الثانية هذه، وبيان ذلك:

ذلك أن زوال دولة اليهود الثانية هذه، قضاء مكتوب وأمر موعود، ليوم مشهود، مهما مكر اليهود وحلفاؤهم من العرب والخونة والعجم، ولَسوف يردها الله لأيدي المسلمين، لكن بعد أن يُقيموا دينهم ويحكموا شريعة ربهم، وذلك قبيل نزول المهدي، الذي يجدها مفتوحة، ثم يتخذ منها عاصمة له لبدإ الفتوح من جديد كما ذكرت في كتابي "المعتبر في أخبار المهديين والمهدي المنتظر".

قال تعالى :{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} [الإسراء]

وقد خاض الناس في مراحل تمزيق اليهود، ومراحل تمكينهم في الأرض، حتى عدها بعضهم مرات عديدة، مؤيدا قوله بالواقع والتاريخ، مستشكلين وعد الله لهم بالتمكين لليهود مرتين فقط، حتى إن كثيرا من التفسيرات مخالفة لظاهر الآية في وعد الله بالتمكين لليهود مرتين فقط.

وكلام الله صواب، وما وقع في التاريخ صواب، بلا تناقض بينهما ولا ارتياب، لأن الآية إنما تتحدث عن التمكين لمفسدي اليهود مرتين من الدهر فقط، من غير احتساب ذلكم التمكين للمصلحين، وهذا هو وجه الجمع بين الوقائع والآية المذكورة ؟ وهذا ما سنجيب عنه في هذا البحث الصغير في مراحل تمكين بني إسرائيل، ومراحل تقطيعهم واستئصالهم من طرف الامبراطوريات والأمم السابقة واللاحقة:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحطة الثانية: التوفيق بين آيات شتات اليهود، وآيات التمكين للمفسدين منهم مرتيْن في الأرض، وبيان أن هذا العدد لا يدخل في التمكين للمصلحين:

لقد ورد في أمثال هذه المسألة نوعان من الأدلة:

أولاها: قوله تعالى في شأن تمزيقه لليهود : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) }[الأعراف].

والثاني: في مرحلتيْ تمكين المفسدين من اليهود كما في قوله تعالى :

{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) }

ثم قال عن وصف الذين يعاقبون هذه الدولة الأولى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) }

ثم قال عن مرحلة تمكين اليهود للمرة الثانية وهي هذه: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا }،

والنفير هو العُدة والأُهْبَة العسكرية التي هي لصالح اليهود الآن.

ثم قال تعلى عن عقابهم، ووصْف طول بنيانهم، ومستوطناتهم وجدرانهم، واستلاء المسلمين عليها بعد هذه المرة الأخيرة: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) } [ الإسراء].

وهذه الآية لا تتحدث عن تلك المراحل التي مُكن فيها للموحدين من اليهود، بل هي تتحدث بمنطوقها عن مرحلتي تمكّن المفسدين في الأرض وحكمهم للبلاد، وهي مرتان، مرة بعد موت سليمان عليه السلام، ثم تتابع عليهم الاستئصال كما سيأتي حتى تمكنوا في هذه المرة الثانية وهي الأخيرة.

وأما ما ذكَره البعض من وجود إفساد كثير، فهو كذلك عبر التاريخ، إلا أن إفسادهم هذا كان من غير تمكين، بل كان تحث إمرة الامبراطويات الأخرى وبرعاية منها، ثم ينقلبون على اليهود تقتيلا وطردا، عقابا من الله للخونة منهم.

وأما قوله تعالى بعد أن ذكر هلاك الفرعون :{ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)} [الإسراء].

فيحتمل أن يكون ذلك بعد تمكينهم الأخير هذا، حيث إنهم يجتمعون لفيفا من شتى بقاع الأرض في الأرض المقدسة، وسيقتلهم المسلمون بها.

ويحتمل أنها تتحدث عن تقتيلهم لآخر مرة على يد المسيح عليه السلام بسبب تبعيَّــتِهم للدجال، من غير تمكين يسبق ذلك، لأنهم هنا يخرجون من أصبهان تحت إمرة الدجال بعد أن كانوا متفرقين، إذ قد زالت دولتهم منذ زمن بعيد، وهو زمن قيام الخلافة الجزئية عجل الله بها.   

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحطة الثالثة: بدايات ظهورهم متفرقين بين الأمم في بيت المقدس، ومراحل تمكين المصلحين الموحدين منهم:

1/ بعد أن نجى الله نوحا عليه السلام أسكن الأرض بين بنيه الثلاثة الناجين، كما بينت ذلك في كتابي تاريخ البشر والبربر، وهذا رابط مختصر منه.

https://elzianitaher.blogspot.com/2021/03/blog-post_28.html

ثم في عصر التدوين والكتابة:

سكن الفينيقيون أرض المقدس حوالي 3000 ق م

ثم تغلب الكنعانيون البربر عليهم حوالي سنة 2500 ق م

ثم قدم الفلست الكنعانيون أرض فلسطين وسموها باسمهم حوالي سنة 2200 ق م.

ثم تغلب الكوشيون من بني كنعان بقيادة النمرود الذي وحّد بين الكنعانيين الحبش والكوشيين والبربر تحت إمرته زمن نبي الله إبراهيم قبل سنة 1100 ق م.  

ثم قدم إسرائيل وهو يعقوب بن نبي الله إبراهيم عليهم السلام وبنوه قدموا القدس حوالي سنة 2000 ق م، وعاشوا ضمن المملكة الكنعانية التي بدأت تتفكك بعد موت النمرود.

- ثم كان انتقال بني إسرائيل في سبعين شخصا، إلى أرض مصر مع الفراعنة بدعوة من يوسف عليه السلام بعد تمكينه.

. بعد قرنين، وقيل: بعد 430 سنة انقلب الفراعنة عليهم قتلا وعدوانا واستحياءا للنساء في عهد موسى عليه السلام إلى هلاك الفرعون.

. بعد إنجاء الله لقوم موسى سرعان ما مالوا إلى الوثنية .... ثم أمرهم الله بقتال الجبارين من البربر الكنعانيين فأبوا، فحَكَم الله عليهم بالتيه 40 سنة في صحراء سيناء، حيث أسسوا قريتهم بها، جتى مات في زمن التيه هارون فموسى ومن كان بالغا ...

5/ ثم فتح بيت المقدس جيل جديد بقيادة يوشع وكالب سنة (1180-1153)، وأسسوا دولة موحدة لأول مرة في تاريخهم في الأرض المقدسة.

تحالف يوشع عليه السلام مع الافريقش ملك اليمن المسلم، فقاموا بطرد البربر إلى بلاد المغرب ما وراء مصر إلى أقصى المغرب.

ولا تندرج هذه الفترة في قوله تعالى لبني إسرائيل: {لتفسدن في الأرض مرتين}، لأن هذه المرحلة مرحلة إصلاح لا إفساد، حيث مرت دولتهم المسلمة الموحدة بثلاثة مراحل:

م1/ عهد القضاة : قيل أنها دامت حوالي 400 سنة ، فما إن بدأوا في الفساد زمن الملك إيلاء حتى انهزموا، من طرف أهل الجزيرة ( من تركيا وكريت حتى الفرات والشمال السوري) فبعث الله النبي صمويل عليه السلام، وضاع التابوت منه.

م2/ عهد الملوك: يبتدئ من قوله تعالى :{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وهو نبي الله شمويل عليه السلام، الذي عين لهم الملك طالوت، حيث استرجع لهم بعض التابوت من جنود جالوت من نسل زانا (وهم البربر الزيانيون كما بينت بالأدلة في كتاب التاريخ)،

ثم أخذ المُلك نبي الله داود الذي قتل جالوت ملك البربر  الأمازيغ، ثم الملك سليمان عليهم السلام، وهي دولة موحدة مؤمنة.

قام نبي الله داوود ثم سليمان بمحاربة البربر وطردهم إلى بلاد المغرب مرة أخرى.

لما مات نبي الله سليمان نكث البربر عهده فقاموا بهجوم كبير على أرض المقدس فهدموها.

م3/ بدايات زوال المؤمنين، والتمكين للمفسدين لأول مرة: كما ذكرنا في الآية السابقة،

وقد تمكنوا أول مرةٍ مدةً من الدهر، وتُسمى مرحلتهم ب:  عهد الانقسام : حيث تنازع الحكم بعد موت سليمان كلّ من:

. رحبعام بن سليمان الذي أسس دولة يهوذا الموحدة في الشمال، دامت قرابة 362 سنة، فلما حل الفساد أبادهم الفراعنة سنة 603 ق م ـ

. ويربعام بن نباط الذي أسس دولة إسرائيل (السامريون ) دامت 244 حتى أبادها سرجون الآشوري 722 ق م ، بعد صراع بين دولة اليهود وإسرائيل.

قام ملك البربر شيشنق بمعاونة المرتد يربعام بن نباط، ضد الموحدين في القدس، فانتصروا.  

وهذه هي المرحلة الأولى التي تحَكَّم فيها المفسدون من بني إسرائيل وعتوا في الأرض عتوا كبيرا كما أخبر الله تعالى عنهم.

ثم حل عليهم:

عهد الاستئصال: كما قال الله تعالى في شأن كتابَةِ الهوان والاستئصال والضعف والتمزق الذي حل وسيحل ببني إسرائيل: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) }[الأعراف].

حيث تتابع عليهم القتْل والاستئصال الجماعي بسبب مكرهم، كما يلي: بدأً من الفراعنة فالآشوريين، ثم كان أعنف استئصال وهو الاستئصال الأول 586، من طرف الفارسي البابلي بختنصر الذي دام حكمه 700 عام، ثم الفراعنة، ثم الفرس بقيادة كورس الذي صار موحدا، ثم حلت عليهم إبادة ابطحانيوس .

ثم جاء حكم ذي القرنين الاسكندر المقدوني الموحد في القرن 4 ق م،

ثم حلت الدولة الفارسية، ثم الرومانية في القسطنطية بتركيا، حيث استأصلهم بومبي الروماني سنة 64 ق م، ثم :

كانت ولادة المسيح عليه السلام بالناصرة ثم بعثه الله، وكفر به اليهود والرومان له، ورفعه  الله إليه زمن بيلاطس ، ثم كان تحريف بولس اليهودي لدين المسيح، حيث تظاهر أخيرا باتباع المسيح وحرف دينه.

ثم تتابع الاستئصال والتقطيع في الأرض:

فكان اسئتصال الامبراطور الروماني تيطس 70م، ثم أدريانس 130م، الذي بنى جوبيتير بدل المقدس الذي خربه، وفي عهده كانت قصة أصحاب الكهف ،

ثم تحول الرومان إلى ديانة المسيح زمن القسطنطين، ثم سرعان ما تحرفت المسيحية، وبقيت القدس عند نصارى الروم الأتراك،

ثم ملكها الله للمسلمين زمن الفاروق عمر، واستمر طرد اليهود منها.

وفي سنة 492 سقطت في يد الفرنج الصليبيين بسبب التحالف الشيعي الفاطمي، الصليبي، واستمر طرد اليهود، وبقيت تحت حكم الصليبيين 97 سنة.

ثم جاء الناصر صلاح الدين، قاهر الروافض والصلبيين، فكانت معركة حطين المباركة 583) حيث انتصر فيها جيش المسلمين وطردوا الصليبيين، واستمر طرد اليهود الغاشمين.  

ثم رجع الصليبيون إلى بعض المدن فكان لهم بيبرس ودولة المماليك، ثم السلاجقة، ثم جاء العثمانيون عثمان بن أرطغرل.

وفي القرن 18 تحول شعب الخرز لليهودية، لكن سرعان ما أبادهم الروس، ثم الألمان أخيرا.

وفي العصر الحديث بدأت فكرة تجميع اليهود منذ سنة 1799 عند نابليون الفرنسي، وبدايات انهيار الخلافة العثمانية بتحالف عربي صليبي.

ثم بدأ التخطيط من طرف تيودور هرتزل الذي أسس كتاب الدولة اليهودية 1896، وبعد عام عقدوا مؤتمر بال في سويسرا .

ثم أخذوا وعد بلفور 1917 الذي كان حليفا مع السعوديين، ضد العثمانيين. 

ثم كان قرار التقسيم 1947 ،

ثم بعد حرب عام 1948 هُزم المسلمون وأعلن اليهود دولتهم الفاسدة وتمكنوا في الأرض للمرة الثانية في التاريخ، ولا زال حكمهم الفاسد مستمرا إلى الآن، مصداق قوله تعالى :

{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} [الإسراء].

 وها هم يتعالون في البنيان وبناء الحصون والأسوار التي يعتقدون بأنها مانعتهم من عقاب الله، كما قال الله في شأن اليهود المفسدين في المدينة المنورة :{ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2)}[الحشر]

وهذه الأسوار وذاك البنيان سيُتبره المسلمون ويهدمونه عليهم ويستولون عليه، وسيأتيهم الله من حيث لم يحتسبوا، لكن متى وكيف ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحطة الرابعة: متى تتحرر القدس ؟:

هل مع خروج المهدي أم قبله؟

والجواب الصحيح الذي ذكرته بالأدلة في كتابي: أخبار المهديين وأحداث نهاية العالمين.  

أن خلافةً إسلامية جزئية ستقوم بالجزيرة ( من تركيا حتى شمال سوريا ونهر الفرات) وربما قد بدأت إرهاصاتها.

ثم تقوم خلافة بعدها بالمدينة المنورة ربما بعد زوال هذه المملكة السعودية، وأخرى بالعراق،

وستنشب حرب كبيرة في العراق وتستعر بعد انحسار الفرات عن جبل عظيم من الذهب تقوم لأجله ملحمة كبيرة يُقتل فيها تسعة أعشار المقاتلين.

وأصحاب هذه الخلافة بالجزيرة والمدينة .. هم من سيقاتلون اليهود ويفتحون القدس بعون الله تعالى، والله أعلم، وليس هذا هو القتال الأخير الذي ينطق فيه الشجر والحجر ضد اليهود :

ثم يتحالف العلمانيون والروم على الخلافة، ثم تشتعل الحروب بين الحكام العرب ليخرج جبار بالشام يسمى ب: السفياني، فيستولي على العراق وغيرها... ويقضي على الخليفة الذي بالمدينة، ويُخرّب المدينة خرابا تاما، فلما يموت هذا الخليفة بالحجاز يتنافس الحكم من بعده ثلاثة من أقاربه أيام الحج وتتشتعل ملحمة كبيرة بمنى تمتلئ دماءا.  

ثم يخرج المهدي المنتظر بمكة هاربا من المدينة، ليقيم الخلافة التامة ويُوحّد الأمة تحت رايته بالقوة، وينقل العاصمة إلى بيت المقدس المحررة وقتئذ،

ثم بعد موته بأمد يهجم الحبشة على مكة ويخربونها، حتى يخرج لهم الخليفة القحطاني.

ثم يخرج المهدي الأخير مهدي الملاحم الذي يخرج بعده الدجال ثم المسيح عيسى عليه السلام الذي يقاتل اليهود أتباع الدجال القتال الأخير الذي ينطق فيه الحجر والشجر.

وبقية الأحداث وتفاصيلها بالأدلة ذكرتها في الكتاب ... وبالله التوفيق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحطة الخامسة: متى تتحرر القدس وينهزم اليهود ؟

والسؤال التالي: هل يمكن أن يتمكن اليهود المفسدون لمدة تزيد عن القرن ؟ أي حتى سنة 1463 ه، وما يقاربها حوالي سنة 2045 م وما بعدها ؟

والجواب الظاهر: لا، والله أعلم، لأمور:

1/ لأن الكثير من علامات بدايات الأهوال والحروب، وعلامات خروج المهدي قد ظهرت، ومنها ما بدأ في الظهور، وما بقي  منها إلا النزر اليسر المتتابع والله أعلم.

2/ ولأن الأحداث والوقائع التاريخية تنبئ بذلك، وقد تغلب الصليبيون على المسلمين قرابة القرن، أي: 97 سنة، وقتها أرسل الله عليهم صلاح الدين الأيوبي .

3/ ولأن الله وعد بإرسال على رأس كل قرن من يجدد لهذه الأمة أمر دينها من العلماء الربانيين، والحكام الأذكياء الحذقين:  

كما خرج الحاكم وأبو داود عن أبي علقمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»، صححه الألباني.

زاد الحاكم : فسمعت الأستاذ أبا الوليد رضي الله عنه، يقول: كنت في مجلس أبي العباس بن شريح إذ قام إليه شيخ يمدحه، فسمعته يقول: حدثنا أبو الطاهر الخولاني ثنا عبد الله بن وهب أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد عن أبي علقمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» فأبشر أيها القاضي، فإن الله بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وبعث على رأس المأتين محمد بن إدريس الشافعي، وأنت على رأس الثلاث مائة أنشأ يقول: ......

وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" في كل قرن من أمتي سابقون ".

فإذا اجتمع في رأس القرن: السابقون في الصلاح من الحكام والساسة الأذكياء الحذقين، مع العلماء المخلصين الصادقين، لا العملاء المتلاعبين، لأهواء الحكام مفتين ومتبعين، كان النصر المبين،

وقد ورد تعيين عددٍ من هؤلاء الأبدال السابقين، والمجاهدين المجددين، الذين يبعثهم الله على رأس كل قرْن لإظهار أمر الدين:  

فعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيار أمتي في كل قرن خمسمائة, والأبدال أربعون , فلا الخمسمائة ينقصون، ولا الأربعون, كلما مات رجل أبدل الله عز وجل من الخمسمائة مكانه , وأدخل من الأربعين مكانهم», فهنيئا لمن كان منهم.

4/ إضافة إلى أن بعض الناس ممن يتخصص في الحساب القرآني، يذكر حسابا تفصيليا في عدد كلمات آيات سورة الإسراء، والسور التي تتحدث عن اليهود، حيث وجدوا بأن نهاية اليهود بحلول 1443 الموافق 2022، فالله أعلم به مع كونه مستبعدا.

وهو يتوافق مع اقتراب نهاية القرن عن سقوط الخلافة العثمانية وانتهاء العمل بالشروط المفروضة عليها ، لكن الله أعلم بصحة هذا التأويل مع إمكانيته والله أعلم.

وحتى بعض أحبار اليهود يَجْزِمُون بأن دولتهم لن تصل قرنا، أي ستزول قبل العام 2048م والله أعلم.

المهم الذي يُجزم به هو تحرير بيت المقدس قريبا قبل خروج المهدي وبالله التوفيق.

قالوا: ومما يدل على نهاية اليهود بحلول 1443 الموافق 2022، أن دولتهم ستمكث 76 سنة قمرية، لأن الحسابات القرآنية بالقمرية وهو ما يعادل حوالي 74 سنة شمسية .  

وقد أعلن اليهود دولتهم الثانية عام 1948 ، أي 1367 ه

قالوا: وعدد أيات الإسراء 111، وبحذف أواخرها المكررة تصير 76 كلمة.

قالوا: وإذا تأملنا في الآية 76 من سورة الإسراء وهي قوله تعالى:{وإنْ كَادُوا لَيستفِزّونك مِنَ الأرضِ لِيُخرجوكَ منها وإذاً لا يلبثونَ خِلافك إلا قليلاً}، ففيها إشارة إلى عدم لبث المشركين {إلا قليلا} وبعدها الرقم (76).

فلن يمكثوا بعد هذا الرقم الذي قد يشير إلى السنوات أيضا، إلا أياما أو أشهرا.

قالوا: فإن قيل: هذه الآية تتحدث عن نهاية المشركين في عهد النبي عليه السلام فقط، والجواب فيما بعدها من تعميم حيث قال رب العالمين عقبها مباشرة :{ سُنّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنّتِنَا تَحْويلاً } فالآية تتحدّث عن سُنّة الله في السابقين واللاحقين .

قالوا: وقد بدأ الله في هذه السورة بإسراء النبي عليه السلام الذي كان فأل خير لفتح المقدس،

ثم بدأ بقصة موسى عليه السلام واليهود بدأَ من قوله {وآتينا موسى الكتاب...} إلى أن ختم قصتهم بقوله ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُم لَفِيفَاُ )، ومجموع كلماتها 1443 كلمة ، وهذا ما يتطابق مع العام 1443هـ، والله أعلم.

وكل هذا حساب محتمل ظني الدلالة لا يُجزم به، والمجزوم به هو قرب نهاية دولة اليهود المفسدة هذه من غير تركيز القرآن على سَنة النصر والانهزام كما في قوله تعالى : { الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) } [الروم].

وأولى الأقوال بالصحة أن لا يزيدوا على القرن -2048- لما ذكرناه مع عدم الجزم به والله أعلم وبالله النصر والتوفيق. 

تعليقات

https://draft.blogger.com/blog/posts/3654001511298507959

المأثور في القراءة في القبور، وعلى المقبور

البرهان في استحباب القراءة الجماعية للقرآن ، تأليف: الطاهر زياني

الشهب في استحباب حمل العصا في الخطب "، تأليف الطاهر زياني

النُّبذة، في أحكام العصائر والأنبذة "، تأليف: الطاهر زياني

الفرق بين الندبة المشروعة، والاستغاثة الممنوعة: الطاهر زياني

البراهين الجِياد، على استحباب التكبير الجماعي أيام العشر والأعياد الطاهر زياني

فتح المجيد في أدلة أقسام التوحيد كتابة: الطاهر زياني

المنار، في زكاة الفطر والمال والدينار، والزروع والثمار، وحسابها بالتدقيق في العصر الحديث الكاتب: الطاهر زياني

جمع الأخبار، في بقاء الجنة وزوال النار

الترويح في عدد صلاة التروايح كتابة: الطاهر زياني