تخريح حديث " العلماء ورثة الأنبياء"

 

                         تخريج حديث"العلماء ورثة الأنبياء"

 

                               كتابة: الطاهر زياني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله وبعد:  

فهذا تخريج حديث أبي الدرداء وغيره مرفوعا:

«من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض وكل شيء حتى الحيتان في جوف الماء، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر»

وقد رواه جمع من الصحابة أرواهم له أبو الدرداء:

الحديث الأول: حديث أبي الدرداء: رواه جمع من التابعين عن أبي الدرداء:

الرواية الأولى: قيس بن كثير التابعي عنه:

وقد حدث بها جماعة:

الطريق 1/ رواية عاصم بن رجاء الصدوق عن داود عن قيس:

وقد اختُلف فيها على أوجه إليك بيان أصحها، لدفع دعوى الاضطراب والاختلاف عنها، فقد وردت بذكر داود بن جميل، وبإسقاطه:

1/ رواية ابن خداش عنه بإسقاط داود: فقد خرجها الترمذي 2682 عن ابن خداش عن محمد بن يزيد الواسطي قال: حدثنا عاصم بن رجاء بن حيوة/ عن قيس بن كثير قال: قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء، وهو بدمشق .."،

وقد علل الترمذي هذا الطريق بإسقاط ابن خداشٍ للوليدِ بن جميل، وله اسم آخر: داود بن جميل. 

ثم ذكر الترمذي بأن رواية غير ابن خداش هي الأصح وهي:

2/ رواية الخريبي عنه: خرجها ابن حبان في صحيحه (88) هو وغيره من طرق كثيرة عن عبد اللهِ بن داودَ الخُريبيّ قالَ: سمعتُ عاصمَ بنَ رجاءِ بنِ حيوةَ يحدثُ [عن داودَ بنِ جميلٍ] عن كثيرِ بنِ قيسٍ قالَ: أتيتُ أبا الدَّرداءِ وهو جالسٌ في مسجدِ دمشقَ فقلتُ يا أبا الدَّرداءِ، إنِّي جئتُكَ مِن المدينةِ مدينةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في حديثٍ بلَغَني أنكَ تحدِّثهُ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: ما جاءَ بكَ حاجةٌ، ولا جاءَت بكَ تجارةٌ، ولا جاءَ بكَ إلا هذا الحديثُ؟ قلتُ: نَعم، قالَ: إنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «مَن سلَكَ طريقاً يطلبُ علماً سلَكَ اللهُ به طريقاً مِن طرقِ الجنةِ، ... مَن أَخذَه فقد أَخذَ بحظٍّ وافرٍ».

هذا هو المحفوظ الأصح عند أهل العلم كما قال الترمذي وغيره،

وعليه: فليس ما يمكن التعليل به لهذا الحديث، غير الجهالة كما فعل الدارقطني، وأما دعوى الاضطراب، فلا تكون إلا عند تساوي القوة، وعدم المقدرة على الترجيح، وأما هنا فقد ذكرنا أن رواية الثقات عن عاصم هي بذكر داود بن جميل الذي رواه عن كثير بن قيس التابعي، وأن من خالف الثقات فقد وهم، ولا يُعلل بخطئه ما رواه الثقات:

ولذلك رجح البخاري والترمذي وحمزة الكتاني وغيرهم رواية ابن جميل عن قيس:

وقال ابن عبد البر :"وهكذا إسناد هذا الحديث عند من يتقنه ويجوده، كذلك رواه عبد الله بن داود الخريبي وإسماعيل بن عياش على ما ذكرنا، وحديث إسماعيل بن عياش، عن أهل الشام خاصة مستقيم، وعاصم بن رجاء بن حيوة هذا ثقة مشهور، روى عنه إسماعيل بن عياش والخريبي عبد الله بن داود، وأبو نعيم، وعبد الله بن يزيد بن الصلت وغيرهم من أهل الشام وأهل العراق، ويروي عاصم بن رجاء بن حيوة هذا عن أبيه، وعن مكحول، وعن محمد بن المنكدر ".

ثم علله ابن عبد البر بجهالة داود فقط، فقال:" وأما داود بن جميل فمجهول ولا يعرف هو ولا أبوه ولا نعلم أحدا روى عنه غير عاصم بن رجاء، وأما كثير بن قيس فروى عن أبي الدرداء، وابن عمر وسمع منهما، وروى عنه داود بن جميل، والوليد بن مرة وليسا بالمشهورين".

فأما جهالة داود أو قيس كما قال الدارقطني، فقد وثقهما ابن حبان، واحتج بهما الحاكم والطحاوي والبزار حيث قال:" وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه وإسناده صالح، داود بن جميل وكثير بن قيس لا نعلمهما معروفين في غير هذا الحديث".

 وقال أبو الحسن الهيثمي في مجمع الزوائد:" رواه البزار، ورجاله موثقون "، وقال الذهبي:" وُثق"،

وداود بن جميل روى عنه عاصم ومكحول، وأما كثير بن قيس أو العكس فقد روى عنه داود والوليد بن مرة، وهما أقرب لجهالة الحال، وقد توبعا:

ولذلك صححه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وحسنه الحافظ حمزة الكناني والبزار، وعلقه البخاري في الصحيح جازما به، واحتج به الطحاوي في مشكله (3/10) ودافع عنه.

وصححه ابن الجوزي في العلل، فإنه لما ذكر بعض الشواهد التالفة له ثم قال:" وقد روى العلماء ورثة الأنبياء بأسانيد صالحة"

وصحّحه الحافظ ابن حجر، والهيتمي في فتاويه والألباني، وقواه السخاوي والفتني.

وقال الحافظ فى " الفتح " 1 / 160 : رواه الحاكم مصححا من حديث أبى الدرداء و حسنه حمزة الكنانى، وضعفه بعضهم باضطراب فى سنده، لكن له شواهد يتقوى بها "،

وعليه: فلا يُعلل به ما رواه ابن خداش، فإنه وَهِم، ولرواية الصواب متابعات:  

3/ أما متابعة اسماعيل بن عياش عن عاصم: فقد وردت من وجهين:

الوجه الأول: رواه الثقات عن اسماعيل قبل اختلاطه على الصواب، كما روى الخريبي عن عاصم: 

رواه الباغندي ويعقوب بن سفيان الفسوي في التاريخ قالا: ثنا عبد الوهاب بن الضحاك نا إسماعيل بن عياش عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس قال: جاء رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء بدمشق يسأله ... ".

كذلك رواه أحمد بن سهل قال: أنا الحكم بن موسى قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس قال: أقبل رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء ...".

تابعهما خطاب بن عثمان الغوري ثنا إسماعيل بن عياش عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس عن أبي الدرداء...، خرجه عنه أبو زرعة الدمشقي في فوائده المعللة (ر123).

هكذا رواه غير واحد من الثقات عن اسماعيل، وهو الصواب، وخالفهم غسان فشذّ، وعليه: فلا معنى للطعن في الحديث بالاختلاف، لأن الترجيح بين الأصح واضح: 

الوجه الثاني: رواية غسان عن اسماعيل: وهي خطأ من الراوي غسان، بسبب روايته عن اسماعيل بعد الاختلاط، فقد وقعت في روايته إسقاط وتصحيف:

روى ذلك الحافظ حمزة علي بن أحمد بن المثنى: ثنا غسان بن الربيع عن إسماعيل بن عياش عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن جميل بن قيس أن رجلا جاء من المدينة إلى أبي الدرداء، وهو بدمشق فسأله عن حديث ....".

قال حمزة: كذا قال إسماعيل بن عياش: في هذا الحديث جميل بن قيس، وقال محمد بن يزيد وغيره، عن عاصم بن رجاء، عن كثير بن قيس قال: والقلب إلى ما قاله محمد بن يزيد أميل "،

قلت: لم تقع الطريق الصواب عند حمزة، لأن الخطأ والقلب في هذه الطريق إنما هو في الراوي عن اسماعيل بن عياش، فإنه سمع منه بعد الاختلاط:

ولذلك قال ابن عساكر في تاريخه:" قال أبو زرعة: إسماعيل بن عياش أعلم بهذا الحديث من أبي نعيم، ورواه غسان بن الربيع عن إسماعيل بن عياش فأفسده ". 

وقال أبو عمر ابن عبد البر في جامع العلم:" وأما إسناد حديث حمزة ففاسد، فيه إسقاط رجل وتصحيف اسم آخر ".

وقال أبو عمر: أما قول حمزة: إن إسماعيل بن عياش يقول: في هذا الحديث جميل بن قيس فليس كما قال، وإنما رواه عن داود بن جميل لا عن جميل بن قيس، ومن قال: جميل بن قيس فقد جاء بواضح من الخطأ، وإنما هو داود بن جميل، عن كثير بن قيس، عن أبي الدرداء هذا هو الصواب، وكذلك رواه كل من قوم إسناده وجوده إسماعيل بن عياش وغيره".

ثم خرج الطريقَ الصواب ثم قال:"وهكذا إسناد هذا الحديث عند من يتقنه ويجوده، كذلك رواه عبد الله بن داود الخريبي وإسماعيل بن عياش على ما ذكرنا، وحديث إسماعيل بن عياش، عن أهل الشام خاصة مستقيم، وعاصم بن رجاء بن حيوة هذا ثقة مشهور...".

وعليه فلا يمكن تعليل الحديث إلا بجهالة داود، وأما من خالف الثقات فروايته ساقطة لا يُعلل بها ما رواه الثقات،

وقد توبع داود والله أعلم:

4/ رواية أبي نعيم عنه عن مبهم عن كثير: روى ذلك الفضل أبو نعيم: ثنا عاصم بن رجاء بن حيوة عمن حدثه عن كثير بن قيس قال: كنت عند أبي الدرداء بدمشق، فأقبل رجل من أهل المدينة فقال: جئتك في حديث بلغني عنك أنك تحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما جاء بك تجارة؟» قال: لا قال: «ولا طلب حاجة؟» قال: لا قال: «ولا جئت إلا في طلب هذا الحديث؟»...

وهذا المبهم يمكن جدا أن يكون داود نفسه، فيرجع الحديث لما سبق من تفرد داود، لكن له متابعات أخرى:  

الطريق الثاني: متابعة عَبْد اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ عَنْ كَثِير وفيها تصحيف:

رواه أَبُو يَعْلَى السَّاجِيّ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ ...".

رواه عنه البيهقي في الآداب (862).

هذا تصحيف وإنما هو عبد الله عن داود بن جميل لا إبنه.

الطريق الثالث: رواية الإمام الأوزاعي:

وردت من طريقيْن، أحدهما محفوظ متابع قوي لرواية داود عن كثير بن قيس، وأما الآخر فمقلوب:

1/ فأما الطريق المحفوظ فهو متابعة يزيد بن سمرة وغيره لداود بن جميل:

قال حمزة: وقد روى هذا الحديث عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن عبد السلام بن سليم عن يزيد بن سمرة وغيره من أهل العلم عن كثير بن قيس عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عن الأوزاعي بشر بن بكر ".  

قال حمزة: ولا أعلمُ أحدا من أصحاب الأوزاعي حدث به عن الأوزاعي غيره، وهو حديث حسن غريب ".

وهذا رجاله ثقات غير عبد السلام عن يزيد، فهما مجهولان، ما وثقهما غير ابن حبان، وابن قطلوبغا، لكن يزيد بن سمرة معه غيره من أهل العلم فلا يضره، فهي إذا متابعة تقوي رواية داود بن جميل عن كثير بن قيس عن أبي الدرداء.  

وهذا الطريق أصح مِن هذا التالي المقلوب:

2/  وأما الطريق المقلوب: فقد رواه يعقوب بن سفيان نا الحماني نا ابن المبارك عن الأوزاعي عن كثير بن قيس عن يزيد بن سمرة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ما تقدم "، تابعه الذماري عن الثوري عن الأوزاعي به.

وهذا القلب غير محفوظ، لأن الحديث الصواب هو ما رواه الجمع عن كثير بن قيس أنه هو الذي حضر مجلس أبي الدرداء وسأله عنه، فلعل القلب من أوهام يحيى الحماني ففيه كلام. 

ثم وجدت الإمام البخاري قال ذلك:" هذا أصح "، والحمد لله.

وقال الدارقطني في علله عن هذا الطريق:" ليس بمحفوظ".

وقال ابن حبان في الثقات من ترحمة يزيد:" ومنهم من قال عن كثير بن قيس عن يزيد بن سمرة عن أبى الدرداء حديث العلم ومن قال ذلك فقد وهم وقلب إسناده ".

ونفس الشيء يقال كما مضى: إذا تبينت صحة الطريق الأول، فلا معنى لتعليله بالاضطراب، ولا باسم قيس بن كثير أو العكس، ما دام هو نفسه، ثم إن الترجيح لا يكون إلا عند عدم القدرة على الترجيح.

ومن هنا يتبين أنه روى هذا الحديث كل من داود بن جميل ويزيد بن سمرة وغيرهما من أهل العلم عن كثير بن قيس،

وكثير مجهول ما وثقه غير ابن حبان، لكن قال أبو زرعة: في الطبقة التي تلي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي العليا كثير بن قيس يحدث عن أبي الدرداء"، وهذا مما يقوي من أمره، مع تصحيح العلماء السابقين لحديثه واحتجاجهم به، وقد توبع أيضا، فقوي الحديث:   

الرواية الثانية: وهي متابعة صحيحة عن عثمان عن أبي الدرداء:

رواها الوليد عن شيخيْن له أو ثلاثة:  

1. فقد رُوي عن الوليد بن شجاع عن الوليد بن مسلم عن خالد بن يزيد المري عن عثمان بن أيمن عن أبي الدرداء ...

2/ بينما خرجه ابن شاهين في الترغيب وابن عبد البر في العلم وغيرهما من حديث صفوان ودحيم والجرشي عن الوليد بن مسلم عن خالد بن يزيد عن عثمان بن أبي سودة عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من غدا لعلم يتعلمه سهل الله له طريقا إلى الجنة وفرشت له الملائكة أجنحتها وصلت عليه حيتان البحر وملائكة السماء، وللعالم على العابد من الفضل كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، والعلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بالحظ الوافر وموت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، ونجم طمس وموت قبيلة أيسر من موت عالم».

هذا حديث رجاله ثقات غير خالد مختلف فيه: فضعفه جماعة، واتهمه آخرون، بينما وثقه أبو زرعة الدمشقي وغيره، فهو ممن يعتبر به، وقد توبع:

وأما الوليد فإنه مدلس وقد صرح بالتحديث في طرق أخرى، فرواه هنا عن خالد كما ذكر، ثم لقي أبو شيبة شعيب فسمع منه الحديث أيضا كما في:

3/ رواية الوليد بن مسلم عن شبيب أو أبي شبيب شعيب:

خرجه أبو داود "3642" من طريق محمد بن الوزير الدمشقي، حدثنا الوليد قال: لقيت شبيب بن شيبة، فحدثني عن عثمان بن أبي سودة عن أبي الدرداء ...

صححه الألباني، وهو حديث حسن صحيح رجاله ثقات إلا شبيبا، فقد قيل هو الشامي، لا ترجمة له إلا بذكره كما قال عنه الذهبي: شامي فيه جهالة"، وقد تابعه عثمان السابق الذكر، فقوي حديثه،

لكن الأصح أن يكون شبيب هو شعيب، فيكون هنالك تصحيف، صوابه: شعيب وهو أبو شيبة شعيب بن رزيق المعروف.

مما يؤكد التصحيف أمور: أولاها تشابه الرسم والاسم مع الكنية.

والثاني: أن شبيب لا ذكر له عند الأولين.

والثالث: أنه في بعض نسخ أبي داود وقع اسم: شعيب على الصواب.

فقد قال الشيخ خليل أحمد في بذل المجهود أنه ورد في سنن أبي داود تسميته" شعيب"، فقال:"... عن الوليد قال: لقيت شعيب بن شيبة، وفي نسخة: شبيب بن شيبة"،

ثم قال: قال في "التقريب: شامي مجهول، وقيل: الصواب شعيب بن رزيق، روى عن عثمان بن أبي سودة، عن أبي الدرداء في فضل العلم، قاله محمد بن الوزير الدمشقي عن الوليد عن شبيب،

والأمر الرابع: أنه روى هذا الحديث عمرو بن عثمان فقال فيه: شعيب على الصواب.

قال خليل:" وقال عمرو بن عثمان: عن الوليد عن شعيب بن رزيق عن عثمان، وهو أشبه بالصواب ".

وقد قال الحافظان: المزي وابن حجر في التهذيب من ترجمته:"  قال عمرو بن عثمان الحمصي: عن الوليد، عن شعيب بن زريق، عن عثمان بن أبي سودة.

وهو أشبه بالصواب ".

وحتى الإمام الذهبي قال في ترجمته :" ومنهم من قال: عن الوليد، عن شعيب بن رُزيق وهو أشبه".

والخامس: ما رواه الجماعيلي في نهاية المراد عن أحمد بن المعلى الدمشقي ثنا صفوان بن صالح، ثنا الوليد بن مسلم عن شعيب بن رزيق عن عثمان بن أبي سودة قال: قدم رجل على أبي الدرداء من المدينة ..."، كما روى عمرو بن عثمان على الصواب.

فإذا تبين لك التصحيف وأن شبيب بن شيبة هو نفسه أبو شيبة شعيب بن رزيق، وإنما تصحف فقط، وهو رجل صدوق، فصح الحديث، وللحديث متابعة أخرى:  

الرواية الثالثة: متابعة عطاء عن أبي الدرداء: وردت من وجهين عنه:

1/ قال الآجري في أخلاق العلماء 8 - أخبرنا أبو بكر أخبرنا أبو العباس أحمد بن موسى بن زنجويه القطان أخبرنا هشام بن عمار الدمشقي أخبرنا حفص بن عمرو عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم ، فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر».

فيه عثمان وهو ضعيف، لكنه قد توبع من يونس الصدوق:

2/ خرج ذلك الخطيب في تاريخه من ترجمة محمد بن إبراهيم الثقة: ثنا ابن رزق ثنا الدقاق قال: حدثنا أبو حمزة المروزي محمد بن إبراهيم حدثنا علي بن الحسن بن شقيق أخبرنا ابن المبارك: أخبرنا يونس بن يزيد عن عطاء الخراساني قال: قال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ... ،

هذا حديث رجاله ثقات أو صدوقون، ويونس صدوق صحيح الكتاب، وهو أصح إذا روى عنه ابن المبارك كما هنا، فقد قال ابن مهدي :" لم أكتب حديث يونس بن يزيد إلا عن ابن المبارك ، فإنه أخبرني أنه كتبها عنه من كتابه".

ومع ذلك فقد تابعه عثمان عن عطاء، وعطاء صدوق، لم يسمع من أبي الدرداء والله أعلم، فهذه هي علة الحديث فقط، وله المتابعات السابقة، والشواهد اللاحقة:

الحديث الثاني: حديث ابن مسعود:

1/ رواه بن حبان في الصحيح 85 وابن ماجه 226 والفسوي في التاريخ من طرق كثيرة عن عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْمُرَادِيَّ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ قُلْتُ: ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ، وَضَعَتِ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا لَهُ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ ".

وهو حديث صحيح لغيره، حسن لذاته رجاله صدوقون من أجل عاصم.

. وقد تابعه مالك بن مغول عن عاصم عن زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عسال ...،

كذلك رواه يزيد بن هارون أنا أبو جناب عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي، فقال ...

2/ ورواه الحاكم وصححه (1/180) عن عبد الوهاب بن بخت عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال المرادي : أنه جاء يسأله عن شيء قال : ما أعملك إلي إلا ذلك قال : ما أعملت إليك إلا ذلك قال : فأبشر فإنه ما من رجل يخرج في طلب العلم إلا بسطت له الملائكة أجنحتها رضي بما يفعل حتى يرجع ".

3/ ورواه طلحة بن مصرف أن زر بن حبيش أتى صفوان بن عسال فقال: ما غدا بك إلي الغداة؟ قال: غدا بي التماس العلم، قال: أما إنه ليس يصنع ما صنعت أحد إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بالذي يصنع"،

حديث ثالث: حديث عائشة :

رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ تَبْسِطُ لَهُ الْمَلائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا وَتَسْتَغْفِرُ لَهُ ".

آفته تفرد محمد بن عبد الملك، وفي الباب عن أنس وابن عباس ... وبالله التوفيق.

تعليقات

https://draft.blogger.com/blog/posts/3654001511298507959

المأثور في القراءة في القبور، وعلى المقبور

البرهان في استحباب القراءة الجماعية للقرآن ، تأليف: الطاهر زياني

الشهب في استحباب حمل العصا في الخطب "، تأليف الطاهر زياني

النُّبذة، في أحكام العصائر والأنبذة "، تأليف: الطاهر زياني

الفرق بين الندبة المشروعة، والاستغاثة الممنوعة: الطاهر زياني

البراهين الجِياد، على استحباب التكبير الجماعي أيام العشر والأعياد الطاهر زياني

فتح المجيد في أدلة أقسام التوحيد كتابة: الطاهر زياني

المنار، في زكاة الفطر والمال والدينار، والزروع والثمار، وحسابها بالتدقيق في العصر الحديث الكاتب: الطاهر زياني

جمع الأخبار، في بقاء الجنة وزوال النار

الترويح في عدد صلاة التروايح كتابة: الطاهر زياني